بعد أن نشرت مقالي عن تأثير نانسي عجرم على شياب الاستراحات وشباب القهاوي وصلني عدد من الرسائل.. جزء منها يميل إلى الطرافة. منها أن قارئاً صحح لي عنوان الأغنية من أحبك آه إلى أخاصمك آه وقبل أن أشكره تبين لي أنه يتهمني بأني أعرف الأغنية ولكني حرّفت الاسم حتى لا أبدو أمام القارئ من المتابعين لنناسي عجرم وبقية العجرميات الفضائية. هذا الاتهام من الصعب التعامل معه.. لا أعرف هل هو اتهام ايجابي أم اتهام سلبي.. لكن لو قلت إني لا أعرف سأكون دعياً، فأنا جزء من المجتمع والفضائيات متغلغلة في المجتمع وفي نسيجه وسوف تزداد تغلغلاً وستكون موجه الرأي الأول فيه إن لم تكن كذلك الآن، وليت الأمر يتوقف عند العجرميات لهانت المسألة، فكما يقول المثل (سمننا في دقيقنا).. المصيبة أن العجرميات سوف يتراجعن للصف الثاني أو الثالث أمام سيل الأغنية الغربية المصنوعة بعناية فما ننتقده في العجرميات أصبح تافهاً وساذجاً أمام ما نراه في الفيديو كليب الغربي.
الإنسان اليوم غيره يوم أمس وأمس الأول فكينونة الإنسان تتغير بتغير تبعات الأزمنة والواجبات فالأجيال في زمننا هذا متداخلة ومتقاربة المسافة، ربما يكون الأب أكثر وعياً من ابنه وأكثر حضوراً في الزمان منه فالمعايير القديمة أصبحت فعلاً قديمة ولم تعد تصلح لأي شيء وعندما أتعرض على سبيل المثال لشياب الاستراحات فليس هدفي تعييرهم أو نقدهم من منظور كبر سنهم على قاعدة (يا الله حسن الخاتمة)وإنما تناولتهم من باب المرح فقط.
فهؤلاء بحكم سنهم مسؤولون عن أنفسهم وليس لكاتب ان يتدخل في شؤون الناس ويقول للآخر افعل كذا ولا تفعل كذا، فليس من استطاع الكتابة قادراً على التوجيه، وليس كل من رأي شيئاً يخالف ما يراه صحيحا عليه أن يفرض على الناس هذا الصحيح الذي يراه.
أما كوني أعرف نانسي عجرم فهذا شيء طبيعي لأني من الناس الذين لا يمكن أن يسمحوا لأنفسهم بالخروج من مسؤولياتهم، والإنسان المسؤول لا يهرب من الواقع وإنما يجلس في وسطه ويعيشه، وبالتالي لا يمكن أن أسمح لنفسي أن أجدها فجأة مقذوفة خارج الزمان لأنتهي متباكياً على ماضٍ لن يعود أبداً، فأي تراخٍ من الإنسان في المتابعة والمعرفة بحقائق الزمان الذي يعيشه سيجد أنه أصبح خارج ايامه، فالزمان يتلاحق ويطرد بعضه بعضاً، والعجرميات جزء من حياتنا المعاصرة لن نخرجهن منها بأحلام اليقظة. الشيء الذي نستطيعه هو معايشة الزمان ومحاولة التأثير فيه وإضافة وجودنا إليه حتى إذا تحرك نكون معه ولنا رأي فيه.
أشبه الوضع الذي يريدنا البعض أن نعيشه برجل انقطعت به السبل في الربع الخالي فوجد مكاناً ظليلاً فانتجع فيه وشعر بالراحة.. صحيح أنه في هذه اللحظة مرتاح ولكنه نسي أنه إذا لم يتحرك سوف يموت.
فاكس: 4702164
|