يحسب للدبلوماسية المصرية النجاح الذي تحقق في أول تنفيذ لخطة الطريق على الأرض، فالجهد الدبلوماسي المصري الذي تمثَّل في زيارة الوزير عمر سليمان ومساعديه لرام الله وغزة، جنب الفلسطينيين اقتتالاً كان ينذر بحرب أهلية، حيث استطاع المصريون إقناع الفلسطينيين وبالذات فصائل المقاومة الفلسطينية الفاعلة على الأرض الفلسطينية «حماس والجهاد وفتح» التي تخوض أجنحتها العسكرية عمليات قتالية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، أقنعتهم بالتعامل ظرفياً مع ما هو معروض فلسطينياً ضمن بنود خارطة الطريق، وكما أن النضال والمقاومة مراحل وأساليب متنوِّعة، فإن التعامل بحكمة مع الواقع والمتغيِّرات المحلية الفلسطينية والإقليمية والدولية، هي حكمة نضالية يجب ألا يغفلها المقاومون الفلسطينيون، فالوقوف في وجه العاصفة الأمريكية التي تقتلع باسم الإرهاب كل من يعارضها تستوجب «الانحناء قليلاً حتى تمر العاصفة».
الانحناء هنا لا يعني التسليم بكل ما يريده الإسرائيليون الذين يحاولون «تلقيم الأمريكيين» مطالبهم المجحفة، وإذا كان الاسرائيليون قد حاولوا من خلال الأمريكيين نصب كمائن وفخاخ لحركات المقاومة الفلسطينية بهدف دفع الفلسطينيين إلى الاحتراب والاقتتال فيما بينهم، من خلال دفع القوى المقاتلة على الأرض للاصطدام بالسلطة الفلسطينية الوطنية ومؤسساتها الأمنية، إلا أن التحرك المصري المدعوم عربياً وبمساندة سعودية واضحة أمكن نزع الأفخاخ وإبطال الكمائن الإسرائيلية فتم التوصل إلى «وثيقة الهدنة» التي تحدد ما هو مطلوب من الإسرائيليين ومن الفلسطينيين.
وبما أن الفلسطينيين قد التزموا بهذه الوثيقة بالالتزام بهدنة فإن على الإسرائيليين أن يقابلوا هذا التحرك الايجابي بعمل مشابه، وعلى الأمريكيين أن يقابلوا الفعل المصري الذي أنجز لهذه الهدنة بفعل موجه للإسرائيليين لإقناعهم بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وفتح المعابر وبالذات المقامة على الحدود مع مصر والأردن ورفع القيود المفروضة على سفر الفلسطينيين لمن هم أقل من 35 عاماً، وتسهيل التنقل بين المدن الفلسطينية وبين الضفة والقطاع، والتوقف عن عمليات الاستفزاز المتمثلة في اغتيال القيادات الفلسطينية الميدانية التي اعتادت تنفيذها لجر رجال المقاومة الفلسطينية للقيام بعمليات رد لتخريب جهود السلام.
|