لم أفاجأ بما كتبه الباحث الجغرافي الآثاري الأستاذ عبدالله ابن محمد الشائع في جريدة الرياض يوم الجمعة 27/4/1424هـ ص/36 تحت عنوان «في حفر الباطن من يعيد لنا آبار أبي موسى الأشعري التي سدت فوهاتها بالزفت»؟! فللأسف إنني لا أعرف بلاداً زهدت في الحفاظ على آثارها مثل ماهو حاصل في بلادنا، مع انني لم اعرف بلاداً تماثل بلادنا في آثارها التي ضربت في أعماق التاريخ، وحفظت لنا تاريخاً لا يوجد في أي بلاد أخرى في جميع المناطق.
لم أفاجأ بما كتبه لأن هذا التدمير للآثار موجود في كل المناطق، والذين يدمرونها لا يعرفون قيمتها سواء منهم من في البلديات والطرق أم مَنَ يشجعون على طمسها تحت ظلال انها ستؤثر في عقائد الناس، مع انها موجودة من قبل الإسلام وبعده، ولم يوجد قبل عصرنا من حمل الآثار على هذا المحمل.
أعرف أن المختصين في الجغرافيا والتاريخ والآثار قد ألَّفوا وكتبوا وُبحَّتْ اصواتهم وهم ينادون بالحفاظ على آثارنا التي تمثل تاريخنا الحي، كشيخنا حمد الجاسر رحمه الله ، وكالباحث عبدالله الشائع وأساتذة وأستاذات جامعة الملك سعود، ولكن ليس لديهم سوى القلم والصوت أمَّا المعول فهو في يد البلديات وادارة الطرق التي ترى أن شق طريق يحطم أثراً منذ قرون أهم من تاريخ يثبت انتسابنا الحضاري والتاريخي، كما قال شوقي:
مثلُ القوم نَسُوا تاريخهم
كلقيط عيَّ في الحي انتسابا
حفر الباطن التي أصبحت مدينة كبيرة وأدخلتها أحداث الحروب في السنوات الاخيرة إلى التكرار في الاخبار، لم تولد حديثاً بل كانت أشهر موارد المياه ومنزلة مهمة على طريق الحج بين البصرة ومكة، وكانت تسمى حضر ابي موسى الاشعري لأن أبا موسى هو الذي حفر آبارها ليؤمن الماء العذب في وسط الفلاة، وبقيت هذه الآبار تؤدي رسالتها ولكنها الآن طمست كما ذكر الاستاذ الشائع ولم يدله على مواضعها إلاكبار السن وبعض الباحثين المهتمين بالتاريخ، ويقول الباحث وهو يقف على المواضيع الزائلة ويبكيها بكاء الشعراء للاطلال: لقد أحسست بعبق التاريخ والماضي التليد، ولكن بقدر ما انا سعيد احزنني ما آل اليه مصير هذه الآبار التي مازالت تحتج على ما نالها من حضارتنا الراهنة من تدمير وتخريب».
وقد وصف ما آلت اليه هذه الآبار، فبئر «سمى» طمست معالمها، ولم يبق منها سوى صورة عند احد الباحثين، والبئر الثانية غطاها زفت احد الشوارع ومازال مكانها واضحاً بسبب نزول طبقة الزفت إذا نزلت الامطار ومن ثم يتم ترقيعها بطبقة فوق فوهتها، اما البئر الثالثة «الحربية» فهي في احد الشوارع تُلقم زفتاً كلما هبطت بعد نزول الأمطار وذكر الباحث أنه بقي 3 آبار اثنتان في ارض فضاء والثالثة مستصلحة حديثاً ومغطاة.
وانا اتفق مع ما ختم به الباحث مقاله من انه اذا ترك الحبل على الغارب واستمررنا بتدمير اماكننا التاريخية والآثارية فسنكون بمثابة من يعمر قصراً ويخرب مصراً».
وآمل أن تتحرك وكالة الآثار لادراك الامر واستدراك ما بقي، فهم مسئولون أمام التاريخ عن تاريخ بلادنا الآثاري والحفاظ عليه.
للتواصل ص ب: 45209 الرياض 11512 فاكس 2311053
|