* الرياض - عمر اللحيان:
كشفت دراسة حديثة عن وجود علاقة قوية بين الحي السكني والتفكك الاجتماعي وجماعة الرفاق وانحراف الاحداث في المملكة.
واكدت هذه الدراسة التي قام بها الدكتور سعود بن عبد العزيز الرشود الاستاذ المساعد في علم اجتماع الجريمة بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وحصل في ضوئها على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الامريكية نهاية العام الماضي بأن خصائص المنطقة وليس خصائص الافراد الذين يعيشون فيها تؤثر في نشاطات السلوك الاجرامي المنحرف.
فلقد وجد الباحث علاقة قوية بين المنطقة او الحي وبين التفكك الاجتماعي. بمعنى آخر، وجد الباحث ان التفكك الاجتماعي يرتفع كلما كانت المنطقة اكثر فقرا واقل تنظيما فالمناطق التي وجد فيها معدلات عالية في الجنوح والجريمة كانت تتصف بأنها مناطق مفككة اجتماعيا على عكس المناطق المنظمة والتي تتصف بأنها اقل من حيث الجنوح والجريمة. لذلك فالعلاقة بين متغير موقع السكن «مستوى المنطقة» والطبقة الاجتماعية كما تبرزه نتائج هذه الدراسة يؤكد بأن العوائل التي تسكن في الاحياء المفككة والفقيرة «1 ،76%» ينتمون الى الطبقات الاجتماعية الدنيا كما يصفون انفسهم، وعلى العكس من ذلك فالعوائل التي تسكن المناطق المنظمة والغنية «7 ،93%» ينتمون الى طبقات اجتماعية عليا. اما المناطق متوسطة المستوى «2 ،52%» فتنتمي الى طبقات اجتماعية متوسطة.
اضافة الى ذلك كشفت الدراسة عن وجود علاقة قوية بين متغير موقع السكن «مستوى المنطقة» والدخل. فالعوائل التي دخلها اقل من 2000 ريال «5 ،60%» تعيش في مناطق مستواها فقير تتصف بالتفكك الاجتماعي، و2 ،32% تعيش في احياء متوسطة المستوى، و3 ،53% تعيش في مناطق تتميز بمستوى عال. اما العوائل التي دخلها اكثر من 8000 ريال فتتوزع على النحو التالي: 0 ،17% من العوائل تعيش في مناطق فقيرة وغير منظمة، و6 ،20% من العوائل تعيش في مناطق متوسطة المستوى، و4 ،62% يعيشون في مناطق عالية المستوى.
بالنسبة لموقع السكن والتعليم، اولئك الذين لا يملكون شهادات، 2 ،38% منهم يسكنون في احياء فقيرة تتميز بالتفكك وعدم التنظيم، و8 ،41% منهم يسكنون احياء متوسطة المستوى، و9 ،19% فقط يعيشون في احياء راقية.
أما الذين لديهم شهادات جامعية او تعليم عال فكانت نسبة 2 ،29% يسكنون احياء فقيرة، و2 ،47% يسكنون احياء متوسطة المستوى، و2 ،47% يسكنون احياء غنية ومنظمة، يتضح من هذا ان الاشخاص غير المتعلمين يميلون للسكن في الاحياء الفقيرة غير المنظمة، اما الطبقة المتعلمة الحاصلة على التعليم الجامعي او العالي فيتجهون الى السكن في الاحياء الغنية او التي يغلب عليها التنظيم.
اما فيما يتعلق بمتغير السكن «الموقع» والجنسية، فان نسبة 6 ،31% من العوائل السعودية تسكن في مناطق سكنية فقيرة مقارنة بنسبة تصل الى 0 ،48% من غير السعوديين، و0 ،40% من السعوديين يسكنون احياء متوسطة المستوى بينما غير السعوديين وصلت نسبتهم الى 5 ،38%، اخيرا 4 ،28% من السعوديين يسكنون احياء راقية ومنظمة بينما 4 ،13% فقط من غير السعوديين يسكنون احياء بنفس المستوى.
وابرزت الدراسة مظاهر التفكك الاجتماعي في عدة صور من اهمها انعدام التعاون بين الجيران والخوف من الجريمة في الحي وعدم معرفة الجيران بعضهم لبعض والهروب من الالتزامات والارتباطات مع الجيران وعدم الاهتمام بتكوين علاقات اجتماعية مع الجيران وعدم وجود ملقيات او برامج لاهل الحي.
كما ابرزت صور الارتباط بجماعة الرفاق في التأثر بهم ومسايرتهم في بعض السلوكيات كالتدخين وتعاطي المخدرات وشم المواد المخدرة والاعتداء على الآخرين «العنف» والسهر دون رضا الوالدين الى وقت متأخر من الليل والهروب من المنزل والارتباطات الاسرية.
وأوصت هذه الدراسة بالعمل على تقوية العلاقات الاجتماعية بين الجيران وسكان الحي من خلال انشاء ديوانيات ومراكز للحي وكذا تفعيل دور المسجد ومراكز الخدمة الاجتماعية وايجاد برامج للشباب وتوجيههم الى اختيار رفقاء صالحين وايجاد برامج اعلامية لتوعية الآباء بمشكلات الشباب وتوعية الشباب وحمايتهم من الوقوع في الجريمة.
وقد طبقت هذه الدراسة على طلاب مدارس المرحلة الثانوية بمدينة الرياض شملت المناطق الجغرافية الخمس بواقع مدرسة لكل منطقة، فشملت العينة خمس مدارس تمثل الشرق والغرب والوسط والشمال والجنوب. وزع الباحث استمارة البحث على جميع الطلاب والذين كان عددهم عند توزيع التطبيق 3476 طالبا. العائد من هذه الاستمارات كان 1883 استمارة.
واعتبر الباحث بأن هذه العينة ممثلة ليس فقط للرياض ولكن للمملكة العربية السعودية ذلك لان الرياض يمكن ان ينظر اليها بأنها مدينة تمثل معظم الشرائح السكانية. فالرياض تعتبر من اكبر المدن استقطابا للناس ذلك لوجود الجامعات والمعاهد والخدمات التي لا غنى للانسان عنها. اخيرا شملت العينة الطلاب السعوديين وغير السعوديين.
واعتمد الباحث في تحليل نتائج هذه الدراسة على المقارنة بين الطلبة السعوديين وغير السعوديين واستخدم الباحث طريقتين عند قياس السلوك الانحرافي لدى الطلاب حيث سأل عن 26 من السلوكيات المنحرفة. الطريقة الاولى يحدد فيها المبحوث هل قام بأي من هذه السلوكيات خلال السنة الماضية. اما الطريقة الثانية فكانت سؤال المبحوث عن عدد هذه السلوكيات ان كان قد قام بها.
* أستاذ علم الاجتماع المساعد
|