* مع تزايد حجم البث الفضائي وتزايد عدد المحطات.. الإخبارية.. أو المهتمة بشؤون الأخبار.. زادت الأحداث هي الأخرى.. وأصبحت المصادر الخبرية متوفرة بشكل وفير.
* القضية التي سأكون بصددها.. هي أن المحطات الإخبارية العربية الجديدة، وُجدت في نفس أرض الحدث أو المناطق الساخنة.. بمعنى أنه ولد لدينا «كعرب» محطات إخبارية جديدة وجدَّت أحداث وقضايا ومشاكل وقلاقل.
* بالأمس.. كانت القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل لنا وللعالم كله.. وهي أزمة قادت العالم إلى مشاكل وخلافات وقلاقل.. وجعلت الأمم المتحدة تتصدر عشرات القرارات من أجل القضية الكبرى.. القضية العادلة.. القضية الأم.. قضية فلسطين..
واليوم.. وُلدت لدينا قضية أخرى و«بعج» آخر اسمه «قضية العراق».
* قضية فلسطين.. لم تنتهِ.. فما زالت في أوج سخونتها.. ولا يزال الفلسطينيون المساكين تحت نيران وعنف وبشاعة بني صهيون.. ولاتزال قضاياهم معلقة.. وما زالت إسرائيل تصم آذانها لكل صوت حق وعدل وسلم وسلام.
* محطاتنا الاخبارية العربية.. تغذيها مآسينا.. فنحن هنا في هذه المنطقة نشهد وبكل كفاءة.. أسخن القضايا وأكثرها التهاباً «فلسطين.. العراق» ونحن إزاء كوارث حالية مستقبلية.
* المقاومة اليوم في العراق تزداد.. وذبح الجنود الأمريكيين يتزايد.. وفي كل يوم.. كمين هنا.. وفخ هناك.. وذبح هنا.. وتدمير هناك.. وقتلى من الجانبين.. وما يحدث الآن في العراق.. هو بالضبط ما حدث ويحدث في فلسطين.
* ويبدو لي.. أن مشكلة العراقيين اختلفت في البداية عن مشكلة الفلسطينيين.. حيث إنهم أفاقوا من صدمة زوال الدكتاتور صدام.. وإن كانت «مفرحة للغاية لهم» لكنها الصدمة.. فالصدمة قد تكون أحياناً سارة.. بل قد تقتل الاخبار السارة عندما تكون المفاجأة عنيفة.
* أقول: إن العراقيين كانوا في الأشهر الماضية يعيشون فرحة زوال الدكتاتور وعصابته وجرائمه وعنفه.. وكانوا سعداء بأي بديل كان ومهما كان.. في بلد تلفَّه المقابر الجماعية والمشانق في كل اتجاه.. ولكن عندما أفاقوا من الصدمة السعيدة.. وجدوا أنفسهم في قبضة احتلال.. بمعنى أن الحال هي الحال.. والتعاسة هي التعاسة.. والمشكلة نفس المشكلة.. وأن رئيسهم «برايمر».. وأن «برايمر» هو الذي يقودهم ويمثلهم.. فوجدوا أنه لا بد من المقاومة.. والتي حسب توقعات المراقبين ستزداد.. لأنهم الآن.. يتدبرون أمورهم بشكل صحيح.. وبطريقة عقلانية.. وقد زالت سكرة الصدمة.
* ستكون أوضاع العراق مثل أوضاع فلسطين أو أسوأ.. وإذا كان الأمريكان يتوقعون أنهم سيحكمون العراق فهم مخطئون.. لكني أعود لمحور كلامي.. وهو أن مآسينا وكوارثنا هي الزاد اليومي لمحطاتنا الفضائية ومحطات الدنيا كلها..
* نحن نزود المحطات الإخبارية بالوقود الاخباري.. وخبر من «الفلوجة» وخبر من «غزة» وخبر من «أم قصر» وخبر من «جنين» وهكذا هي أخبارنا.
* والسؤال الذي يطرح نفسه.. فيما لو منَّ الله علينا جلَّت قدرته - وما ذلك على الله بعزيز - في أن انتهت مشكلتا العراق وفلسطين في أيام..
ماذا سيكون أمام هذه المحطات؟
* وماذا ستقول؟ وكيف ستحقق السبق الخبري.. والسبق الإعلامي؟!
* هل ستفلس نصف المحطات الإخبارية وتغلق أروقتها لأن العالم هدأ؟
* أم أنها ستركز على التنمية الاقتصادية وأخبار اللقاءات والاجتماعات.. وعندها.. لن يلتفت لها أحد؟
* ثم.. هل القائمون على هذه المحطات يسعدون بالأحداث والمشاكل والكوارث مثلاً؟ لأنها تشكل لهم الزاد اليومي؟!
ومن باب «مصائب قوم عند قوم فوائد!!».
* إنها محطاتنا.. وهي أيضاً.. أخبارنا.. بل هي مآسينا وكوارثنا.
|