* الكويت - الجزيرة:
ظل العراق خلال العقدين الماضيين تحت العقوبات الاقتصادية او في حالة حرب، الامر الذي نتج عنه تدهور في الاقتصاد والمجتمع والبنية التحتية اضافة الى ان الصرف العالي للاموال على الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق منذ حرب الخليج الاول أديا الى العديد من المشاكل المالية، اضافة الى ذلك ساهمت سياسة الحكومة غير المنتظمة والتوزيع العشوائي للاحتياجات الضرورية في هذا الانخفاض في الاقتصاد.
الناتج المحلي الإجمالي ونمو الناتج المحلي الإجمالي
من الصعوبة تقدير حجم الناتج المحلي الاجمالي للعراق، وذلك لقلة المعلومات المتوافرة خلال العقدين السابقين الا انه ومن خلال تقديرات اكونومست انتيليجنس يونت «EIU»فان الناتج المحلي الاجمالي لسنة 2002 قدر بما يقارب 1 ،26 مليار دولار امريكي، وقد ادى التراجع الحاد في الناتج المحلي الاجمالي الى هبوط كبير لمستوى دخل الفرد ومستوى المعيشة خلال هذه الفترة بينما ساعد برنامج الامم المتحدة للغذاء مقابل النفط في ديسمبر 1996 الى تحسين معدل دخل الفرد العراقي، فقد سمح للعراق تصدير النفط مقابل الغذاء والدواء وبعض قطع الغيار الضرورية للبنية التحتية مما ساعد على رفع المعاناة الناتجة عن العقوبات وتحسين مستوى المواطن العراقي.
ادى الانخفاض في الاقتصاد العالمي وهبوط اسعار النفط الى انخفاض الناتج المحلي الاجمالي للعراق خلال العامين 2001، 2002 وذلك لاعتماد الاقتصاد العراقي على القطاع النفطي والذي يوفر معظم ايرادات العملة الاجنبية ومع شغل النفط لحصة كبيرة من الصادرات العراقية والتي تقدر ايراداتها مستوى الاستهلاك الحكومي والخاص، فانه من المتوقع ان يسير مستوى الناتج المحلي الاجمالي للعراق بخط متساو مع انتاجيته للنفط، ومن المتوقع ان ينخفض مستوى الناتج المحلي الاجمالي للعراق بمقدار 5 ،7 في المائة خلال العام 2003 بحسب توقعات تقرير «EIU»، وذلك بسب الحرب القائمة والتراجع الناتج عنها في مستوى انتاج النفط. فمن المرجح ان تشهد صادرات النفط العراقية تراجعا بشكل ملحوظ خلال العام 2003 بسبب ايقاف عمليات الانتاج بسبب حرب الخليج الثانية، الامر الذي قد يؤثر سلبا على الاقتصاد والناتج المحلي الاجمالي للعراق ويزيد من تراجعه خلال العام 2003.
متوقع 1998 1999 2000 2001 2002
الناتج المحلي الاجمالي
«مليار دولار» 1 ،18 7 ،23 8 ،31 9 ،27 1 ،26
نمو الناتج المحلي
الاجمالي الحقيقي «%» 35 18 4 «6» «5 ،6»
الا ان تقرير «EIU» يتوقع بأن يتعافى الناتج المحلي الاجمالي العراقي وبنسبة نمو تقدر بحوالي 15 في المائة خلال العام 2004 وذلك مع ارتفاع انتاج النفط وانتهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة، فمع انتهاء الحرب وتغير النظام في العراق وتوقع رفع العقوبات عن العراق الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع حجم الاستثمارات في قطاع النفط وازدياد انتاج النفط بشكل كبير خلال الفترة متوسطة المدى وبالتالي سيرتفع مستوى التركيز على التطوير الاقتصادي وارتفاع النشاطات الاقتصادية مما سينتج عنه ارتفاع في مستوى دخل الفرد ويتحسن مستوى المعيشة.
دور القطاع الخاص
تعد مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي محدودة، حيث تستحوذ الحكومة على معظم المشاريع الكبيرة في البلاد، فنتيجة لانتهاء الشيوعية في اوروبا الشرقية فقد ارتفع نصيب القطاع الخاص، ومثالا على ذلك كما حدث في هنجاريا حيث ارتفع نصيب القطاع الخاص من الناتج المحلي الاجمالي بواقع 30 في المائة خلال العام 1991 إلى حوالي 80 في المائة مع حلول العام 1999 كذلك فانه من المتوقع ان مساهمة القطاع الخاص في العراق في الناتج المحلي الاجمالي سترتفع خلال السنوات القادمة وذلك بسبب تشجيع القطاع الخاص المحلي والزيادة في الاستثمار الاجنبي في قطاع النفط وبعض صناعات البنية التحتية واحتمالية خصخصة شركات القطاع العام المتوافرة حاليا.
نصيب القطاع الخاص في دول اوروبا الشرقية من الناتج المحلي الاجمالي:
نصيب القطاع الخاص من
الناتج المحلي الاجمالي «%» 1991 1995 1999
بلغاريا 15 45 70
هنغاريا 30 60 80
بولندا 40 60 65
رومانيا 25 40 60
روسيا 5 55 70
السياسة المالية
تعتمد الحكومة العراقية بشكل اساسي في وارداتها على صادرات النفط، وكما هو متوقع عقب رفع الحصار عن العراق مع انتهاء الحرب الحالية، وبالرغم من انخفاض اسعار النفط بعد الحرب فانه من المتوقع ان ترتفع انتاجية البترول في العراق وبالتالي زيادة الواردات مع العلم بأن البيانات عن الضرائب والصرف الحكومي غير متوفرة الا ان الحكومة العراقية لم تفرض الضريبة المباشرة كوسيلة لرفع ايراداتها خلال العشرين سنة الماضية وذلك بسبب الحروب التي خاضتها والعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، بالاضافة الى ان الاقتصاد كان معتمدا على الشركات المملوكة عائليا حيث من الصعب فرض الضرائب عليها وعليه فانه من المتوقع ان تظل واردات النفط هي المصدر الاكبر للايرادات الحكومية بعد الحرب.
السياسة النقدية
لقد تم تغطية العجز المالي في العقد الماضي بطبع العملة، مما ادى الى ارتفاع مستوى التضخم وانخفاض في قيمة العملة.
فقد قدر مستوى سعر تضخم المستهلكين وفقا لتقرير «EIU» بحوالي 70 في المائة خلال العام 2002 والذي كان في نطاق 60-90 في المائة خلال الخمس سنوات الماضية. هذا وقد بلغ سعر الصرف غير الرسمي للدينار العراقي ما يقارب 2000 دينار عراقي مقابل الدولار الامريكي الواحد خلال عام 2002 ليهبط عقب ذلك وصولا الى ما يقارب 2750 دينار عراقي مقابل الدولار نتيجة للحرب، الا انه بعد انتهاء الحرب ورفع العقوبات عن العراق فمن المرجح ان تشهد عملية استيراد البضائع ارتفاعا بشكل ملحوظ، الامر الذي سيبقي معدلات التضخم تحت السيطرة، كذلك فانه من المتوقع ان ترتفع قيمة العملة العراقية نتيجة للاصلاحات الاقتصادية مع حلول العام 2004.
الديْن الخارجي:
العراق بلد مثقل بالديون، حيث يتراوح اجمالي الدين للحكومة العراقية المتوقع بين 62 الى 130 مليار دولار امريكي. هذه الفجوة في اجمالي الدين ناتجة عن عدم اتفاق العراق مع بعض الدول المجاورة له بسبب 30 مليار دولار من الدين الممنوح للعراق خلال الحرب العراقية الايرانية، حيث تعتبرها العراق هبة بينما الدول المجاورة لها تعتبرها قروضاً. اما السبب الآخر لهذه الفجوة هو فائدة الدين المستحقة فعلا، فوفقا لتقديرات للبنك العالمي وبنك التسويات العالمي للعام 2001، بلغ اجمالي الدين على العراق بما يقارب 7 ،127 مليار دولار امريكي، منها 47 مليار دولار كفائدة مستحقة للدين، وبالاضافة الى ذلك فقد التزم العراق بعقود قيمتها 57 مليار دولار مع كل من روسيا، المانيا، مصر، الصين وفرنسا، معظم هذه العقود في مجال الطاقة والاتصالات، بينما تبلغ قيمة الشحنات الروسية بحوالي 52 مليار دولار من المبلغ.
بالاضافة الى ذلك فان الحكومة العراقية ملزمة بدفع التعويضات المستحقة عليها للكويت بسبب الغزو العراقي في العام 1990، حيث وصل المبلغ المدفوع للجنة التعويضات الخاصة بالامم المتحدة الى ما يقارب 320 مليار دولار، وقد تم دراسة عمليات دفع حوالي 148 مليار دولار حتى الآن من اجمالي المبلغ لمطالبات الافراد والعائلات، بينما اتفق على دفع 43 مليار دولار أي ما يوازي 29 في المائة من المطالبات المدفوعة وتم دفع مبلغ 16 مليار دولار منها، بالنسبة للمطالبات الحكومية والشركات والمؤسسات العالمية فانه لم يتم الاتفاق عليها وهي تقدر بحوالي 172 مليار دولار امريكي ومن المتوقع ان يتم الاتفاق عليها ولكن بنسبة اقل من تلك التي دفعت للافراد، بينما لم تقرر بعد عملية دفع الفوائد على هذه المبالغ.
الميزان التجاري
يُعد النفط الخام هو المصدر الرئيسي للصادرات العراقية بينما تشمل الواردات الرئيسية كلاً من الغذاء، الدواء، البضائع المصنعة، حيث تتولى الامم المتحدة عملية اتفاقية النفط مقابل الغذاء حيث تستعمل 70 في المائة من واردات النفط لشراء الغذاء والدواء والاحتياجات الضرورية الاخرى بينما 28 في المائة منها يستخدم لدفع التعويضات والمصاريف الادارية. فقد تم تصدير 4 ،3 مليارات برميل من النفط العراقي تقدر بحوالي 64 مليار دولار امريكي وفقا لهذا البرنامج منذ شهر ديسمبر من العام 1996، وتم تصدير ما قيمته 27 ملياراً من الاحتياجات الانسانية والمعدات للعراق منذ ذلك التاريخ، بما فيها ما يقارب 6 ،1 مليار دولار كمعدات وقطع غيار لقطاع النفط.
الحصار المفروض على العراق من قبل الامم المتحدة بالاضافة الى العراقيل في عملية الاستيراد أديا الى حصول فائض في الميزان التجاري. اما التجارة غير المشروعة كان لها النصيب الاكبر في الايرادات العراقية والتي تقدر ب 3 مليارات دولار امريكي تأتي من خلال عمليات البيع غير الشرعية للنفط بينما تتساوى قيمة الواردات والصادرات في المجال غير الشرعي مع هذه القيمة. ويتوقع ان ترتفع كل من الواردات بشكل عام وواردات وصادرات النفط مع انتهاء الحرب الا ان قيمة الواردات ستكون اكبر من قيمة صادرات النفط. وبسبب انخفاض اسعار النفط بعد الحرب فانه من المتوقع ان يتحول الفائض الى عجز في الميزان التجاري. وكما هو متوقع من خلال تقييم «EIU» فان للعراق فائضاً في الحساب الجاري مقداره 3 ،2 مليار دولار كما في العام 2002 متوقعا له بأن ينخفض 9 ،1 مليار دولار امريكي سنة 2003 الا انه من المتوقع وفقا لتقرير «EIU» للعجز في الحساب الجاري أن يكون بمقدار 6 ،0 مليار دولار فقط مع حلول العام 2004.
سوق رأس المال
هناك حوالي 95 شركة مدرجة في سوق بغداد للاوراق المالية والذي بالمقارنة مع باقي اسواق المال العالمية يعتبر من الاسواق تحت النامية.
فهناك عدة شركات مدرجة بمختلف القطاعات مثل الزراعة، البنوك، الفنادق، الكهرباء، مواد البناء والتغليف والاصباغ على رأسها وقد تم ترتيبها كل على حسب اهمية القطاع المتداول فيه وفقا للجدول التالي:
الشركات المدرجة في سوق بغداد للاوراق المالية حسب القطاع.
الصناعة عدد الشركات
الشركات الصناعية 34
الشركات الزراعية 13
الشركات الاستثمارية والبنوك 16
شركات الخدمات الاخرى 32
المجموع 95
بالرغم من عدم توافر معلومات حالية عن سوق بغداد للاوراق المالية الا انه من المتوقع ان يكون هناك نمو واعد في القيمة السوقية مع توقعات بنمو سوق رأس المال في العراق وذلك كما حدث بعد زوال العهد الشيوعي في العديد من الدول الشرق اوروبية، فبولندا على سبيل المثال ارتفعت القيمة للسوق نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي مئات المرات خلال الفترة ما بين الاعوام 1991 الى 1999. ومن المتوقع ان يحقق سوق بغداد للاوراق المالية نمواً متواصلاً متماشياً مع الارتفاع في مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي.
دول شرق اوروبا: نسبة رأس المال الى الناتج المحلي الاجمالي:
الناتج المحلي الاجمالي % 1991 1995 1999
هنغاريا 5 ،1 8 ،5 7 ،35
بولندا 2 ،0 9 ،3 0 ،20
روسيا 3 ،2 6 ،4 4 ،44
نلاحظ من الجدول الثاني ان نسبة القيمة السوقية الى الناتج المحلي الاجمالي تتراوح ما بين 50 الى 115 في المائة بمعدل مقداره 73 في المائة في الدول الخليجية، في حين ان الناتج المحلي الاجمالي العراقي يُقدر بحوالي 26 مليار دولار. وعلى اساس الحد الادنى وهو 50 في المائة ومعدل 73 في المائة للقيمة السوقية بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي فاننا قدرنا بأن تكون القيمة السوقية للاسهم لدى سوق بغداد للاوراق المالية في العراق بمدى ما بين 13 الى 20 مليار دولار امريكي، وسيشهد الناتج المحلي الاجمالي نمواً وذلك لان صادرات النفط العراقي اقل من طاقتها الانتاجية المتأتية لذا فان توقعاتنا هذه تعتبر محافظة الى حد ما.
|