Sunday 29th june,2003 11231العدد الأحد 29 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مَعْركَة.. (المُصْحَف والسَّاطُور والتُّرمُس)..؟!!! مَعْركَة.. (المُصْحَف والسَّاطُور والتُّرمُس)..؟!!!
حمّاد بن حامد السالمي(*)

* عَرَّف العرب (المُصْحَف)؛ فقالوا: هو مجموع من الصحف في مجلد واحد؛ وغلب استعماله في القرآن الكريم. جمعه: مصاحف.
* وعَرَّفوا كذلك (السَّاطُور)؛ فقالوا: هو سيف القصَّاب، وسكِّين عريض ذو حدٍ واحد، يُكسَّر به العظم. جمعه سواطير.
* أما «التُّرمُس»؛ ففيه قولان؛ قول متقدِّم، وقول متأخِّر.
* فالعرب الأوائل؛ عرَّفوه قائلين: هو حَمْلُ شجر، له حب مضلع محزز، والباقلاء المصري.
* أما العرب الأواخر؛ ومنهم (المجمعيون - المعجميون)، أصحاب (المعجم الوسيط)؛ فقالوا: زجاجة عازلة؛ تحفظ على السائل حرارته أو برودته.
* وإذا كانت هذه التعريفات اللغوية الثلاثة؛ هي مما اصطلح عليه العرب القدامى منهم والمتأخرون؛ وحيث إن المصطلحات اللغوية؛ إنما تسمي الأشياء من منطلق غايات وجودها، أو من بيان دلالات استعمالها؛ فعليه.. لم أعثر على صلة لغوية أو تاريخية؛ تجمع بين (المصحف والساطور والترمس)؛ وبين الحرابة والقتل والقتال..!
* ظهرت فئة من الخوارج في بلادنا؛ وهي تعد عدتها؛ لحرب المسلمين الآمنين الغافلين؛ في بيت الله الحرام؛ ومن ضمن عدتها هذه؛ أدوات جعلتها حرابية قتالية؛ وهي لم تكن في الأصل كذلك؛ وهي (المصحف والساطور والتُّرمُس)..!
* ماذا يعني وجود (المصحف المُلَغَّم)؛ إلى جانب عجائن المتفجرات..؟ و(الساطور المُسَنن)؛ إلى جانب (الكلاشنكوف)..؟ و(الترمس المُزَجَّج)؛ إلى جانب القنبلة اليدوية..؟!
* بل ماذا يعني كل ذلك؛ إلى جانب لِحىَ صناعية؛ وشعور رأس مصنعة؛ وألبسة وأصباغ نسائية..؟!
* وأكثر من هذا كله.. ماذا يعني وجود (نساء)؛ مع أدوات تزوير وتمويه؛ وأسلحة تدمير وتخريب؛ في أيدي حفنة من الصبيان والشبان الحمقى؛ يديرون شقة وسط دار كبيرة؛ فيُشَرِّكونَها، ويتحينون الفرص المواتية؛ لتنفيذ عمليات تفجير وتدمير، وسط المصلين العابدين العاكفين في بيت الله الحرام؛ حول الكعبة المشرفة..؟!
* إن مجرد التفكير في مثل هذا الموضوع؛ يثير الغثيان؛ ويبعث عن التقزز؛ ويصيب بالدُّوار والصدمة.
* هل وصل الأمر بهؤلاء المتلبسين بالدين؛ إلى التدبير لقتل المسلمين بهذه الطريقة البشعة؛ والتضليل على أهل هذه البلاد الطيبين؛ بأقدس وأطهر كتاب؛ ابتغاء تفجيرهم وقتلهم..؟!
* وهل يَظُنَّنَّ ظَانٌ قبل هذه الواقعة؛ أن المصحف الذي يضم كلام رب العزة والجلال بين دفتيه؛ إنما هو محشو بالمساحيق والمعاجين المتفجرة..؟!!
* وهل يَظُنَّنَّ ظانٌ قبل هذه الحادثة القذرة؛ أن هذه القوارير والزجاجات من الترامس؛ التي اخترعت لحفظ الحار حاراً؛ والبارد بارداً؛ واستعان بها المسلمون على حياتهم اليومية؛ في إفطارهم؛ وفي صيامهم وقيامهم؛ فيصطحبونها معهم في أروقة الحرم الشريف بعشرات الآلاف؛ فيها الماء البارد الزلال؛ وفيها الشاي والقهوة؛ وفيها العصائر الحلوة.. هل كان يخطر على بال أحد منا؛ أنها سوف تمتلئ بدل الماء والقهوة والشاي والعصير؛ مواد متفجرة؛ تقتل الناس بدل أن تحييهم..؟!
* ومن كان يتصور أن هذا «الساطور»؛ الذي لا يستخدمه إلا القصَّابون في تقطيع الذبائح؛ وفي تكسير عظام الأبقار والجمال منها؛ أنه سوف يتحول إلى أداة في أيدي متوحشين قتلة؛ تُحَدُّ وتُسَنُّ في دارهم المُشَرَّكة؛ استعداداً لذبح من نوع آخر؛ ليس فيه كبش، ولا ثور ولا بعير؛ وإنما ناس من البشر؛ يركعون ويسجدون؛ خاشعين متضرعين لرب العالمين..!
* لم نعرف في تاريخنا العربي والإسلامي؛ معركة كان المصحف فيها طرفاً؛ إلا مرة واحدة؛ كانت في زمن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؛ يوم رفع الخوارج القدماء؛ المصحف الشريف وقالوا: لا حكم إلا لله..! فقال أبو الحسن والحسين رضي الله عنه: (كلمة حق أريدبها باطل)..!
* لقد أراد أحفاد الخوارج؛ الزجَّ بالمصحف مرة ثانية في معركة معاصرة؛ فهدتهم قرائحهم المتخلفة المريضة؛ إلى استغلال تعظيم المسلمين وتقديسهم لمصحفهم؛ الذي تحول على أيدي الخوارج الجدد؛ إلى قنبلة موقوتة..!
* قبَّحهم الله.. ما هذا الجرم الذي أتوه..!
* أما (الساطور)؛ وما أدراك ما الساطور، فهو الأداة الحرابية المعاصرة؛ التي وفدت إلى أرض العربان؛ من أرض الأفغان؛ زمن الإمارة البائدة طالبان..! فقد رأينا كيف عاد الأفغان العرب من أهل الجزائر؛ بهذا الاختراع الفريد؛ الذي هو نتاج التخلف والظلم والظلام؛ فراحوا يُغِيْرون به من الجبال ليلا؛ على الأسر الجزائرية المسلمة؛ فيذبحون به النساء والأطفال والشيوخ؛ تماماً مثلما كانت تذبح الشياه وتذبح النساء؛ في عهد طالبان هناك..!
* هذا درس مستفاد؛ اخترعته حكومة طالبان؛ وتبنته قاعدة المرتزقة من العرب في أفغانستان، وطبقه أتباعها المتوحشون في القرى الجزائرية؛ ثم اقتبسه الصبية الحمقى في الخالدية في مكة المكرمة؛ بجوار البيت الحرام..!
* اختراع واحد يحسب لهؤلاء الهالكين؛ وهو تحويل (الترامس)؛ من زجاجات عازلة تحفظ البارد بارداً؛ والحار حاراً؛ إلى زجاجات قاتلة؛ لا تحفظ بارداً أو حاراً؛ ولكنها تبعثر الدماء والأدمغة هنا وهناك؛ وتنثر لحوم البشر وعظامهم؛ على أنقاض المباني..!
* إن عقلية بهذه الطريقة المدمِّرة؛ لا يمكن أن تكون سوية؛ أو تتوفر ولو على قدر بسيط من المنطق؛ ولهذا؛ وقع أعداؤنا جميعهم فينا؛ نتيجة الحمق والجهل والتخلف؛ وفوق ذلك؛ فهناك منا؛ من يُلبس هذه التركيبة الظلامية العجيبة؛ لباساً دينياً إسلامياً، ليقنع به نفسه هو أولاً؛ ويعطي الانطباع للآخرين؛ بأن الله يريد هذا..! كذباً على الله، وافتراء على رسوله صلى الله عليه وسلم، وتدليساً في دينه. وما الله يريد بعباده؛ إلا الخير والرحمة والسلام؛ وما يريد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بأمته؛ إلا العزة والرفعة والعلو، وما دين الإسلام الحق؛ إلا دين البشر كافة، فهو دستور العلم والحياة والتطور؛ مثلما هو دين عبادة وتقرب من الخالق سبحانه وتعالى.
* إن أمة الإسلام المصطفاة بالرسالة الخاتمة؛ والنبي الخاتم؛ هي في أمسِّ الحاجة اليوم؛ إلى فهم دورها على حقيقته؛ فهي مأمورة بالدعوة إلى الله نعم؛ ولكن؛ (بالحكمة والموعظة الحسنة)، ثم بعد ذلك: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).. وهي بعد ذلك؛ غير مأمورة بقتل الأنفس؛ أو تدمير الممتلكات؛ أو أن تنتحر في محرقة الجهل أو الحمق والتخلف.
* أمَّا وأن شراذم تخرج بين وقت وآخر من أبطن الشعوب الإسلامية؛ وهي تجسد ظلام العصور القديمة، وتحبذ حياة الغابات الموحشة؛ فهي ما غيرها؛ أدوات التدمير التي ينتظرها الأعداء؛ لنسف المسلمين من داخلهم..
* إن سد «مأرب» الشهير؛ في أرض العرب السعيدة اليمن؛ نقبته فئرة مأرب نفسها؛ حتى أنهكته؛ فلما جاءه سيل العَرِم؛ وجده خراباً؛ فكسره وأزاحه من طريقه؛ فتفرق جمع السعداء من أرضهم السعيدة؛ هائمين على وجوههم.. والذي يفعله الخوارج الجدد في عصرنا هذا؛ في جسم الأمة الإسلامية؛ هو فعل فئران مأرب في الزمن القديم. نقب ونخر وتدمير؛ الله وحده يعلم نهايته. وهي الفتنة العظيمة؛ التي كان العرب قديماً؛ إذا شعروا بها؛ ا ستحبوا ترديد قول شاعرهم الكبير (امرؤ القيس):


الحَربُ أوَّلُ ما تكُون فَتِيَّة
تَسْعَى بزينتها لكُلِّ جَهُولِ
حتى إذا اشْتَعَلت وشَّبَّ ضِرامُها
وَلَّتْ عجوزاً غير ذاتِ حَليلِ
شَمْطَاء يُنْكَر لونُها وتَغَيَّرت
مكروهة للشَّمِّ والتقبيلِ

* وقانا الله الفتن والشرور كافة.. آمين.
فاكس: 7361552/02

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved