Sunday 29th june,2003 11231العدد الأحد 29 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المرأة الداعية ومشكلاتها «1/2» المرأة الداعية ومشكلاتها «1/2»
الشيخ سلمان العودة

إن طريق الدعوة محفوفة بالمكاره والعقبات ليميز الله الداعي من المدعي وليعظم الأجر لمن يصدق في البذل والتضحية في سبيل نشر هذا الدين والعمل له، وسوف نستعرض في هذه الحلقات بعض المشكلات والعقبات التي تواجه الدعوة في الأوساط النسائية مع اقتراح بعض الحلول لها علَّها تنفع الداعيات بإذن الله تعالى. المشكلة الأولى: قلة عدد النساء الداعيات، وهذه القلة تعاني منها الكثير من المجتمعات والمؤسسات، ولذلك نجد نقصاً علمياً في أوساط الفتيات، حتى في المدن، فضلاً عن القرى والأرياف، والمناطق النائية.والحل أمام هذه المشكلة يتمثل في عدة أمور أعرضها باختصار:الحل الأول: ان تحرص الأخت المسلمة على مشاركة جميع النساء في الدعوة إلى الله تعالى حتى مع وجود شيء من التقصير، وينبغي ان نضع في أذهان النساء والرجال - أيضاً - أنه لا يشترط في الداعية ان يكون كاملاً، فالكمال في البشر عزيز، وما من إنسان إلا وفيه نقص، لكن هذا النقص لا يمكن أن يحول بين ذلك الإنسان، وبين قيامه بواجب الدعوة إلى الله تعالى، فأنت تدعو إلى ما عملت؛ بل حتى ما لم تعمل به، تدعو إليه بطريقتك الخاصة.فالإنسان المقصِّر مثلاً - رجلاً كان أو امرأة - يمكن ان يبيِّن للناس أن تلك الأخطاء التي وقع فيها ندم عليها، واستغفر الله منها، ثم يدعوهم لأن يكونوا أقوى منه عزيمة، وأصلب إرادة، وأصدق إيماناً، وأخلص لله - عز وجل - حتى ينجحوا فيما فشل فيه هو، وبذلك يكون هذا الإنسان المقصِّر قد دلَّ على الخير، وله بذلك أجر فاعله - كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - حتى ولو كان مقصِّراً فيه. ولو لم يعظ في الناسِ من هو مذنبُ فمن يعظُ العاصين بعد محمد
ولذلك قال الأصوليون: حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضا! فوقوع الإنسان في المعصية، لايسوغ له ترك النهي عنها أبداً، بل ينهى عن المعصية ولو كان واقعاً فيها، ويأمر بالمعروف ولو كان تاركاً له، وإن كان الأكمل والأفضل والأدعى للاقتفاء سيرة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -: {قّالّ يّا قّوًمٌ أّرّأّيًتٍمً إن كٍنتٍ عّلّى" بّيٌَنّةُ مٌَن رَّبٌَي وّرّزّقّنٌي مٌنًهٍ رٌزًقْا حّسّنْا وّمّا أٍرٌيدٍ أّنً أٍخّالٌفّكٍمً إلّى" مّا أّنًهّاكٍمً عّنًهٍ إنً أٍرٌيدٍ إلاَّ الإصًلاحّ مّا اسًتّطّعًتٍ وّمّا تّوًفٌيقٌي إلاَّ بٌاللَّهٌ عّلّيًهٌ تّوّكَّلًتٍ وّإلّيًهٌ أٍنٌيبٍ} [هود: 88]. إذاً حتى مع التقصير، يجب أن تجر الأخت الداعية الأخريات إلى المشاركة، فمثلاً بعض الطالبات في المدارس يمكن أن تشارك الطالبة في إلقاء كلمة، في توجيه، في إعداد بحث مصغر، في أمور معينة، تحدِّث فيها بنات جنسها، من خلال حلقة المسجد، أو من خلال الدرس، أو أي مناسبة أخرى.. مع مراعاة تعهد هذه الفتاة بالتوجيه والنصح؛ فكونها قامت، وتكلمت، أو ألقت محاضرة أو كلمة أو أعدّت بحثاً؛ لا يعني ذلك أنها جاوزت القنطرة، وأصبحت داعية، لا يوجه إليها أي طلب، بل تأمر الناس ولا تؤمر هي!.. كلا بل هي الأخرى أحوج ما تكون إلى من يقوِّم سيرتها، وينصحها باتباع القول بالعمل، ويحذِّرها من الاغترار والعجب، ويدعوها إلى مواصلة الطريق، والتزوّد من العلم النافع، والعمل الصالح. إن من المهم ان تُتعاهد هذه الفتاة، ويُحرص عليها، وتُنصح، وتوضع في موضعها الطبعي، فلا يبالغ في الثقة بها، وإطلاق الصفات عليها، بما قد يضر بها.ولذلك فإنه يجب أن نفرق بين أمرين: الأول: أن نحرم تلك الفتاة من حقها في الدعوة والمشاركة، بسبب صغر سنها وقلة خبرتها، فهذا لا يصلح. الثاني: أن نضع في يدها الأمر كله من الألف إلى الياء، وهذا أيضا لا يصلح، بل ينبغي أن تكون في مجال التدريب والمساهمة والمشاركة مع أخريات، وان نتعاهدها بالنصح والتوجيه، فنقول لها: أصبت هنا، وهنا كنت تحتاجين إلى مزيد من دراسة الأمر مما أدى إلى الخطأ الذي ينبغي تجنبه.. وفي ميدان الدعوة تنمو الخبرات، وتكثر التجارب. الحل الثاني: الاتجاه نحو الجهود العامة، فبعض النساء تجعل في بيتها جلسة خاصة، أو درساً خاصاً، لخمس نسوة فقط من جيرانها، فلو أنها أقامت محاضرة، أو درساً عاماً، أو أمسية، لكان من الممكن أن يشمل مئات النساء، فيكون هذا الجهد المحدود الذي صرفته إلى خمس، من الممكن أن تصرفه إلى خمسين أو إلى خمسمائة امرأة. بطبيعة الحال، نحن لا نقلل من أهمية الدروس والجلسات الخاصة فلها أهميتها ولا يمكن الاستغناء عنها أو إهمالها، ولكن مع ذلك فقيام المرأة بنشاط عام: كمحاضرة، أو درس عام، أو ندوة.. يكون أبلغ في التأثير، وأوسع في المنطقة التي تخاطبها، وبمعنى آخر فالمجلس الخاص قد يكون أقوى في الامتداد الرأسي، والمجالس العامة أقوى في الامتداد الأفقي، أي أنه يشمل التأثير على عدد أكبر، وفي كل خير، ويحسن العناية في هذه المرحلة الحرجة بإقامة المؤسسات العملية والعلمية التي تنظِّم الجهود، وترتب الطاقات، وتكشف المواهب. الحل الثالث: التركيز على إعداد جيل من الداعيات ممن يحملن همَّ الإسلام، وتنمية معاني الدعوة لديهن، قد تكون زوجتك - مثلاً - تصلح لهذا، فلا يجوز أن يكون زواجها نهاية المطاف، أختك، قريبتك، بنت أختك، ذات محرمك، ينبغي أن تحرص على إعدادها لتكون داعية إلى الله تعالى، وكذلك النساء الداعيات من المدرسات، ينبغي أن يعتنين بإعداد نوعيات من الفتيات، وتهيئتهن وتأهيلهن للقيام بهذه المهمة الصعبة، لأن واحدة من النســـاء يمكن أن تقــوم عن عشر، وكما يقال: والناس ألفٌ منهمُ كواحدٍ وواحدٌ كالألفِ إن أمرٌ عَنَا وهذا صحيح، فربما غلبت امـــرأة آلاف الرجال، ومن يستطيع أن يأتي في عيار أم المؤمنـــين عائشة، أو خديجة، أو حفصــة أو زينب أو أم سلمة - رضي الله عنهن - أو غيرهن من المؤمنات الأول؟ حتى كبار الرجال تتقاــصر هممــهم دونهن، وما زال في هـــذه الأمة خيرٌ رجالاً، ونساء. الحل الرابع: الاستفادة من النشاطات الرجالية، فلماذا نتصور أن نشاط المرأة ينبغي أن يكون محصوراً؟ فالنشاطات الرجالية كالدروس - مثلاً - والمحاضرات، والندوات معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال ويصلح للنساء أيضاً، والشرع جاء للرجل والمرأة، وخاطب الجنسين معاً، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved