* محمد بن حمود السويلم (*) :
حتى خمسة وسبعين عاماً مضت، ما زال الاستثمار طويل الأجل في الأسهم من أفضل الوسائل الاستثمارية لتحقيق النمو المالي، وبالرغم من فترات الهبوط المثيرة لأسواق الأسهم، إلا أن أداء الأسهم يتفوق بشكل مرتفع ومستمر على جميع الأدوات الاستثمارية الأخرى كالسندات والودائع الآجلة والأوراق المالية الأخرى، كما أن قيمة الأسهم تتجاوز التضخم المالي بشكل دائم.
الاستثمار الناجح في أسواق الأسهم لا يكون شيئاً مؤكداً لأنه من الصعوبة جداً التنبوء بقيمة الاستثمارات أو عوائدها خلال أي مرحلة ما، ومع ذلك فإن الاستثمار طويل الأجل في الأسهم يبقى الخيار الأفضل للغالبية العظمى من المستثمرين في العالم، علماً بأن طريق الاستثمار في الأسهم يكون محفوفاً بكثير من المخاطر كما يحتاج إلى المعرفة والخبرة اللازمة لانتقاء الأسهم المناسبة والتوزيع الأمثل للمحفظة الاستثمارية. وحيث أنه بالإمكان الاستعانة بالوسطاء ومستشاريي الاستثمار للقيام بتلك المهام، إلا أن الثمن الذي يدفع مقابل خدماتهم الاستشارية سوف يقلل قيمة النمو المالي للاستثمار.
إذن فما هو الطريق المناسب للاستثمار في الأسهم؟ والجواب على ذلك هو صناديق الاستثمار.
فصندوق الاستثمار هو عبارة عن حساب مملوك بالاشتراك ما بين مجموعة المستثمرين في الصندوق، ووظيفته تنحصر بجمع الأموال عن طريق الاكتتاب، من قبل مجموعة من الأشخاص المستفيدين (المستثمرين). وبعد جمع هذه الأموال، فإن مدير الصندوق لدى البنك يقوم نيابة عنهم باستثمارها في الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى، ومن المعروف أن الاكتتاب يوفر للصندوق أصولاً مرتفعة تؤدي إلى تحقيق الاستثمار الذي يسعى إليه مجموعة المكتتبين.
والفرق الرئيسي ما بين الاستثمار في الصناديق أو شراء الأسهم أو السندات مباشرة هو أن المستثمر يشارك، أثناء عملية الاستثمار، في كل أصل من أصول الصندوق بأكمله، بدلاً من أن يمتلك حصصاً في ورقة مالية واحدة.
ويسمى المستثمرون في الصناديق (مالكي الوحدات)، نظراً لتخصيص عدد من الوحدات في الصندوق لكل مستثمر، استناداً إلى حجم استثماره الفردي، ومعظم صناديق الاستثمار صناديق مفتوحة، ويعني ذلك عدم وجود حد معين لعدد الوحدات التي تصدرها الصناديق، وتشير التجارب والدراسات العالمية إلى أن صناديق الاستثمار تعد البديل الأمثل لكل الأدوات الاستثمارية التقليدية، لكونها من جانب تعتبر مجالاً أقل خطورة من المجالات الاستثمارية الأخرى، ومن جانب آخر تتيح عدداً من الخيارات التي تتناسب مع قدرات وخطط المستثمرين المستقبلية ، بالإضافة إلى أن صناديق الاستثمار تتمتع بمرونة لا تتوفر في الأوعية الاستثمارية الأخرى كالسيولة وكونها مفتوحة للاشتراك في أي وقت.
من جهة أخرى هناك عاملان مهمان يدفعان المستثمرين إلى تفضيل الاستثمار في الصناديق، وهذا العاملان هما أولاً نمو الاستثمار ويسمى العائد المركب والذي يعني تحقيق قوة نمو متزايدة في الاستثمار عندما يقوم المستثمر بإعادة استثمار الأرباح المحققة من رأس مال الصندوق ومن الأسهم على مر السنوات مما يحقق له عائداً مجزياً، وثانياً، فإنه باعتبار كون وحدات صندوق الاستثمار تشتري للمستثمر حصصاً ضمن نطاق واسع من الأسهم والسندات أو الممتلكات الأخرى فإنها توفر تنويعاً استثمارياً لا يتاح عادة للمستثمر الفرد، والميزة التي تتحقق للمستثمر من ذلك هي أنه إذا ساء أداء الأسهم فإن الممتلكات الأخرى المتمتعة بأداء أفضل يمكن أن تعوض سوء أداء الأسهم أو بعضها، مما يرفع من إجمالي العائد، وبمعنى آخر فإن التنويع الذي تتيحه صناديق الاستثمار ينتج عنه تقليل المخاطر لأنه إذا انخفضت قيمة فئة من الأصول عوضتها قيمة أخرى مرتفعة من هذه الأصول، وبالتالي تكون مخاطر الاستثمار في الصندوق أقل بكثير من الاستثمار المباشر في الأسهم أو السندات.
وتتعدى خبرة البنك الأهلي التجاري الاستثمارية ما يزيد على الستين عاماً، باعتبار كونه أقدم مصرف على مستوى المملكة، لهذا فهو بحق البنك الرائد في المملكة الذي أطلق أول صندوق استثماري محلي، وهو «صندوق الأهلي للدولار قصير الأجل» ، عام 1979م، ومنذ ذلك الحين كان واضحاً التزام البنك الأهلي التجاري بتطوير وتنويع ما يلبي كافة أهداف عملائه الاستثمارية وذلك من خلال ابتكاره لعدة صناديق استثمارية متنوعة مما جعله يعد من أفضل مقدمي الخدمات الاستثمارية لدى الأغلبية الساحقة من المستثمرين. يحافظ البنك الأهلي التجاري خلال الثلاث والعشرين سنة الماضية على موقع الريادة بين البنوك المحلية الأخرى ويستأثر الآن بما نسبته 94 ،46% من حصة صناديق الاستثمار في المملكة، وذلك حسب إحصائية مؤسسة النقد العربي السعودي. ويقدم البنك الأهلي التجاري حالياً 25 صندوقاً استثمارياً متنوعة تتوزع على درجات مختلفة من المخاطر. وتنقسم هذه المجموعة من صناديق الأهلي بين 21 صندوقاً مفتوحاً وثلاثة صناديق مغلقة، روعي في تصميمها تلبية مختلف رغبات وأهداف المستثمرين، حيث حرص البنك على الأخذ بمبدأ التنويع في مجموعة صناديق الأهلي من حيث الفترة الزمنية ودرجة المخاطر ومستوى الربح والمنطقة الجغرافية التي يستثمر فيها الصندوق.
وتوفر صناديق الأهلي المفتوحة مزايا متعددة لمستثمريها، فهي بمثابة استثمارات تتجمع فيها أرصدة المستثمرين ليقوم مدير الصندوق من قبل البنك بعمليات الاستثمار المناسبة والمتوافقة مع أهداف ونشاط الصندوق كشراء مجموعة من الأوراق المالية مثل النقد والأسهم والسندات والسلع، أو إجراء الصفقات التجارية المعتمدة على مبادئ المرابحة المجازة شرعاً، حيث تتوفر في هذه الصناديق إمكانية شراء وحدات الصندوق أو بيعها خلال فترات تتناسب مع وقت استحقاق كل صندوق على حده، وتتجزأ محفظة الصندوق المفتوح إلى وحدات، توزع على عدد من الصناعات والدول والنشاطات الاستثمارية المختلفة بهدف الحد من المخاطر، حيث يقوم مدراء الصناديق المتخصصون ذوو الخبرة لدى البنك بمراقبة حركة أداء هذه الصناديق والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة من خلال إمكانياتهم بمعرفة احتياجات الأسواق والظروف الاقتصادية لها.
أما صناديق الأهلي المغلقة فهي عبارة عن قنوات استثمارية ذات أهداف ومدة محددة، يفتح باب الاشتراك فيها عادة لمرة واحدة ولفترة محددة ومن ثم يقوم الصندوق بتوزيع عائداته على المستثمرين عند استحقاق الصندوق.
والتزاماً من البنك الأهلي كرائد لصناديق الاستثمار بالمملكة بتلبية رغبات مستثمريه، يقدم البنك من ضمن صناديقه المفتوحة أكبر وأوسع الصناديق المطابقة للضوابط الشرعية الإسلامية للاستثمار في السوق المحلية يبلغ عددها 16 صندوقاً، امتدت شهرة بعض منها إلى خارج حدود المملكة. فصندوق الأهلي للمتاجرة بالأسهم العالمية والذي طرحه البنك في عام 1995م يعد الآن أكبر صندوق في العالم يتوافق مع الضوابط الشرعية الإسلامية للاستثمار بأصول تزيد عن مليار ريال سعودي كما أن إقبال المستثمرين على اختيار صندوق الأهلي للمتاجرة بالريال السعودي جعله كذلك أكبر صندوق مرابحة في العالم بأصول تجاوزت 11 مليار ريال وبنسبة أصول تفوق 78% من مجموع صناديق المرابحة في السوق السعودي.
ويحرص البنك على تطوير صناديقه المحلية، حيث يعد صندوق الأهلي للمتاجرة بالأسهم السعودية الأفضل أداءً من بين الصناديق السعودية وذلك بتحقيقه المركز الأول لفئة صناديق الاستثمار للأسهم السعودية المطابقة للضوابط الشرعية الإسلامية في مسابقة جوائز صناديق الاستثمار السعودية تحت إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي.
ويراعي البنك الأهلي الاستجابة لاحتياجات عملائه المتغيرة مع المنتجات والخدمات الجديدة التي تفوق توقعاتهم، والتي تعد إحدى تحديات البنك المستمرة للابتكار، فكان البنك الأهلي أول بنك في المملكة يقوم بتقديم صناديق الأهلي المضمونة لرأس المال في عام 1999م، التي شكلت دخولاً مناسباً لعالم الاستثمارات في أسواق الأسهم العالمية بمخاطر متدنية نسبياً حيث أثبتت هذه السلسلة من الصناديق رواجها الكبير، مما جعل البنوك المحلية الأخرى تقوم بتقديم نفس الفكرة لعملائهم.
ويستمر مدراء صناديق الأهلي بتطوير ابتكاراتهم الفريدة لبعض الفئات من المستثمرين بإضافة صناديق جديدة إلي سلسلة صناديق الأهلي المطابقة للضوابط الشرعية الإسلامية للاستثمار بتقديم صندوق الأهلي المأمون للأسهم العالمية في عام 1999م كأول صندوق من نوعه في السوق السعودية، والذي يستثمر في الأسهم العالمية مع المحافظة على رأس مال المستثمر، وذلك من خلال بيع العربون المجاز شرعاً.
وفي نقلة ريادية أخرى، طرح البنك الأهلي التجاري مؤخراً صندوق الأهلي للمرابحات باليورو وهو الأول من نوعه في المملكة حيث يستثمر هذا الصندوق وفقاً لمبدأ المرابحة التي تتوافق مع الضوابط الشرعية الإسلامية للاستثمار. كما أن الصندوق يعتبر من فئة الاستثمارات قصيرة الأجل مقوماً باليورو والذي يستمد قوته الواعدة من أوروبا الموحدة، التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويعتبر هذا الصندوق ذا مخاطر متدنية، وبعوائد مرتفعة.
وفي المجال الخيري وخدمة المجتمع قدم البنك الأهلي مطلع عام 2002م صندوق الأهلي للصدقات. وهو صندوق يستثمر في صفقات المرابحة الشرعية ومن ثم يقوم بتقديم الصدقات الجارية لمستحقيها من الجمعيات الخيرية الداخلية المسجلة رسمياً بالمملكة نيابة عن المستثمرين، مع المحافظة على اشتراكات المساهمين كما هي لإعادة استثمارها.وهو أول صندوق من نوعه في المملكة، يهدف إلى المشاركة في أعمال البر التي تعود بالخير على شرائح المحتاجين في المجتمع.
وعلى المستوى الإقليمي، فقد تعدت شهرة صناديق الأهلي حدود المملكة وذلك من خلال تعاون وثيق بين البنك مع بنك الكويت الوطني بتسويق صناديق الأهلي في دولة الكويت. كما قام البنك الأهلي مؤخراً بالتعاون مع بنك المشرق في الإمارات بتسويق صندوق الأهلي المأمون للأسهم العالمية لمواطني الإمارات.
ومن بين الخدمات المميزة التي يقدمها البنك، خدماته البنكية الإلكترونية والتي حظي على جائزة أفضل بنك بتقديمها لفترة سنتين متتاليتين، حيث يسهل هاتف الأهلي المصرفي على المستثمرين عملية إجراء ومتابعة عملياتهم الاستثمارية على مدى 24 ساعة، بحيث يتيح لهم الاشتراك والاسترداد أو التحويل من صندوق إلى آخر وهم في مكاتبهم أو منازلهم، كما أن موقع البنك على شبكة الإنترنت (alahli.com) وخدمة الأهلي أون لاين تضع جميع منتجات البنك وخدماته تحت طلب المستثمرين، بحيث يمكن من خلال هذا الموقع معرفة آخر مستجدات صناديق الأهلي الاستثمارية، إضافة إلى متابعة الأخبار والآراء حول هذه الصناديق.
ولجعل الاستثمار في الصناديق أكثر ملاءمة وسهولة، يقدم البنك خدمة الاستثمار المنتظم التي تسمح للمستثمرين بالاشتراك في صناديق الأهلي بمبالغ محددة مسبقاً على أساس شهري بحد أدنى 500 ريال من حساباتهم الجارية تستقطع بنظام آلي وبدون عناء وذلك لبناء مدخراتهم لتعليم أطفالهم وزواجهم أو للتقاعد.
ولتشجيع صغار المستثمرين للاستثمار في صناديق الأهلي، قام البنك بتخفيض الحد الأدنى للاشتراك في صناديقه الاستثمارية من 000 ،10 ريال إلى 000 ،5 ريال للصناديق التي عملتها بالريال السعودي ومن 000 ،5 دولار إلى 000 ،2 دولار للصناديق بالدولار الأمريكي.
(*) مدير التسويق بالبنك الأهلي التجاري
|