Friday 27th june,2003 11229العدد الجمعة 27 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

23-6-1390هـ /الموافق 25-8-1970م/ العدد 308 23-6-1390هـ /الموافق 25-8-1970م/ العدد 308
أسبوعيات «الجزيرة»
يكتبها هذا الأسبوع: عبدالعزيز النقيدان

إلى بلد الخيرات
بالنشوة والفخر.. والاعتزاز الذي تنفح به اردانه.. يجيب بصوت تعلوه مسحة الامل وسط عجيج القول عندما سأله صديقه الى أين؟ الى بلد الخيرات.. العبارة التي يتناولها الناس في الخارج ليعبروا عن المملكة العربية السعودية، هذه الكلمات تصل الى مسامعك وانت في الفندق وفي الطائرة، والميادين العامة، وملتقى الفئات من الجنسيات المختلفة.
وشعور من النشوة يخالجك عندما تسبح هذه الكلمات في الفضاء حولك، لتصل الى مسامعك فتقول الحمدلله الذي جعلني من مملكة يتغنى بها الناس، لامن حيث الطقوس الدينية، واحتوائها على اطهر بقاع الدنيا، ومع هذا وهو المهم النفوس الوادعة، والثقة التي تغمر القلوب والحماية التامة للفرد من اي جنس، ومن اي لون، النظام الاسلامي الذي كان شعاعاً يضيء جوانب الحكم في المملكة العربية السعودية جعلك تستغرب عندما يفقد الانسان من متجره البيضة، او علبة الحلوى، ولن يقفز الى ذهن صاحب المتجر ان هناك لصاً، وانما تجده في الحال يترجم عن سوء تصرفه، وكيف ضاعت هذه العينات الطفيفة ويردد: بيضة، علبة حلوى، اين وضعتها هي في الحانوت بلا شك، لماذا كل هذا، لماذا لم تعتد اسماعنا على عبارة اللص، اللصوص؟ ولماذا لم نسمع بمنظمة اجرامية او عصابات لصوصية، الجواب ظاهر واضح يعكسه لك الاستقرار الكريم، والحماية التامة للجمهور، اي قوي يعترض طريقك يسيء اليك، سيجد فجأة انه امام العدل وامام شريعة الله لإنصافك، انت امن في قلب الصحراء، في الارياف في المدن في كل شبر من ارضك، ولا اقول ان مملكتنا سليمة من النفوس الشريرة، ولكني اقول ان الحكم الذي ملأ الارض عدلاً، والذي يجري وراء الشجة البسيطة ويجند رجاله لإنصاف المواطن حتى من السباب والشتائم هو الذي اوجد بإذن الله هذا الطابع الذي تعيشه اليوم المملكة العربية السعودية، ومن خلال هذا الحكم التشريعي عرف الانسان كيف يتاجر دون الحاق الضرر بالآخرين، وعرف الفضيلة كيف يكون السبيل اليها، وتمثيلها في الاخذ والعطاء، والمعاملات والتصرفات، وهنا عنصر مهم وهو اننا في الماضي كنا نطوي القفار والبحار بحثاً عن مصادر الرزق وفي هذا سلسلة من الآلام والبؤس بل اكبر من هذا وهو الموت في متاهات الصحراء اما اليوم والحمدلله فقد اتجهت الينا الانظار من جميع زوايا الدنيا، واصبح الفرد هناك يحلم بقضاء وقت طويل يستجم فيه بعيداً عن ايدي العابثين بالقيم الانسانية، والمستهترين بالارواح والممتلكات.
ولا حياة بلا امن واستقرار وهذا عميق الجذور والحمدلله في بلد الخيرات.
عواطف مهلهلة
ماكنت اصدق ان العواطف الابوية تتغير، وانما الذي اعتقده ان الاب مصدر الرحمة والعطف والحب الدفين، يمنحه لاولئك الذين هم زغب الحواصل، ولأمهم التي ضحت بكل شيء، في سبيل اسعاد هذا الاب حتى كان اباً يجري وراءه الطفل البريء بنفحة حارة مملوءة ثقة واكباراً بأبيه، وبين عشية وضحاها، يطوي التصرف الاهوج اما وبنين، وتضع العنكبوت نسيجاً فلا يصل اليها قدم، ولا يشق الحجب الى اسماعها صوت، وتبدأ المشاكل من جديد، تبتدئ في الامل الاسود، والمصير المظلم، والعاصفة التي لاترحم تمكث بعيداً الى حيث الوكر الخادع والعش الذي بناه المزاج والمزاج وحده، حتى العدالة التي فرضها خالق البشر، وأزلزمهم السير وفق حذافيرها، لم يحفل بها هذا الاب، وسط ضجيج الهسترية، واملاءات العاطفة التي تنكبت الطريق، ولعله الآن يضع اولى اللبنات في هذا البناء، لخلق مزيد من الايتام، وبدلاً من ان يفتح لهم طريقاً حنونياً، يفتح لهم سبيلاً يمتلئ بالمشاكل والآلام، ان الطفل يحتاج الى عاطفة حارة ينعم بدفئها، ويلف قلبه الصغير بغطائها المليء بالرحمة، ولولا هذه العواطف الابوية لضاع الابناء في متاهات الحرمان، وعلى صعيد من الشقاء والبؤس ولكنها رحمة الله زرعها في قلوب البشر والحيوان على حد سواء، وبهذا استقامت حياة الانسان، وعرف كيف يكون، وماذا يجب ان يكون وسط خضم هذه الدنيا المليئة بالعجائب والمتناقضات، اما اولئك الذين يعيشون بلا ضمير فهم قلة، وقريباً سيتحرك ذلك الضمير.
الى أخي راشد
الذكريات صدى السنين، تهمس اليك من البعيد البعيد، معبرة عما يشبه احلام اليقظة، ومن هذه الذكريات ما عشناه في مودة واخاء، مع الصديق الاديب الاستاذ راشد الحمدان، في قاعات كلية الشريعة بمكة، وفي جدة والطائف وبين الرحلات الطلابية مع ثلة من الزملاء، في ابحر عكاظ، والهدى، وفي غيرها من الاماكن التي توحي باكثر من فكرة، واكثر من صدى، واخي راشد ممسك بزمام المداعبة البريئة، في نفس ابيه، وظل خفيف، ولا يهدأ له بال حتى يرى اعضاء الرحلة وهم يسبحون في قاع البحر بثيابهم، ويندفعون الى الشاطئ وقد تكورت ثيابهم وظل يدفعها الموج والرياح، وسط قهقهات متعالية من الجميع، مع انني لا انسى لقاءاتنا الادبية على صفحات مجلة الرائد قديماً وقد سجلت في مواقفه روح الحق والاخاء ولعلي اداعب شاعرية الاخ راشد الزميل والصديق بهذه الابيات للذكرى، وللجميل:


هلا ادكرت مقامنا يا راشد
في ارض مكة والربوع شواهد
نغدو الى العلم الثمين وما لنا
غير العلوم يسود فيها الماجد
كم موقف ابرزت فيه شجاعة
وبطولة اوحت بأنك راشد
قد جاء ردك «للتراب» مؤيداً
تزهو بمنطقة السنى «الرائد»
وعلى غرارك دمر ازجى لنا
درر البيان بما يجيد الناقد
هي عصبة للحق للادب الذي
يحيي القلوب وفي المحافل خالد

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved