Friday 27th june,2003 11229العدد الجمعة 27 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نقاط فوق الحروف نقاط فوق الحروف
تعظيم النصوص الشرعية 1 - 2
عبيد بن عبد الله العابسي ( * )

شرع الله الاسلام للناس وضمنه ما يكفل لهم صلاح القلوب والأبدان والأموال والمجتمعات على تنوع ازمنتهم وأمكنتهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم شرع احكاما وحدَّ حدوداً تزكو بها انفسهم وتحجزهم عن ما يسوؤهم.
ولما كان في تلك الاحكام ما يخالف شهوات بعض الناس وشبهاتهم كان تلقيهم لتلك الاحكام مصحوبا بنوع تردد وتقاعس ان لم تدفع تلك الاحكام بالكلية او تعسف بتأويل او تحايل في سبيل تحقيق شبهته او شهوته وهذا المزلق من الخطورة بمكان فهو يؤدي بصاحبه الى الهلاك واودية الردى على قدر جنايته.
وكان الاولى بالمسلم ان يحذر من تلك النعوت المشينة وان يوطن نفسه على قبول الحكم الشرعي قلبا وقالبا دون تردد أو شك أو ريب.
ان تعظيم الرب تعالى وتمجيده مستلزم لتعظيم احكامه ومراعاة حدوده فعلامة المحبة الصادقة طاعة المحب قال الامام بن القيم رحمه الله تعالى: «اول مراتب تعظيم الحق عز وجل تعظيم امره ونهيه وذلك لان المؤمن يعرف ربه عز وجل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى كافة الناس ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه وانما يكون ذلك بتعظيم امر الله عز وجل واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه فيكون تعظيم المؤمن لامر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الامر والنهي ويكون بحسب هذا التعظيم من الابرار المشهود لهم بالايمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الاكبر» انتهى المراد من كلامه رحمه الله تعالى.
أخي الحبيب:
ولما كان تعظيم الرب عز وجل لا يتم الا بتعظيم امره ونهيه كان لزاما على كل مسلم ان يسارع الى تحقيق ذلك وأطر النفس عليه حتى تستقيم عليه وتدوم عليه ولذلك علامات ودلالات.
فمن علامات تعظيم النصوص الشرعية
عدم الاختيار أو المشورة في قبول حكم الله تعالى بل التسليم الكامل والمطلق دون تردد أو شك أو ريب
{وّمّا كّانّ لٌمٍؤًمٌنُ وّلا مٍؤًمٌنّةُ إذّا قّضّى اللهٍ وّرّسٍولٍهٍ أّمًرْا أّن يّكٍونّ لّهٍمٍ الخٌيّرّةٍ مٌنً أّمًرٌهٌمً وّمّن يّعًصٌ اللهّ وّرّسٍولّهٍ فّقّدً ضّلَّ ضّلالاْ مٍَبٌينْا } اية 36 سورة الاحزاب
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: «فهذه الآية عامة في جميع الامور، ذلك انه اذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بشيء فليس لاحد مخالفته، ولا اختيار لاحد هاهنا ولا رأي ولا قول» انتهى كلامه رحمه الله.
وقال الامام القرطبي: «لفظة وما كان، وما ينبغي» ونحوهما معناهما الحظر والمنع، فتجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون، كما في هذه الآية، ثم نقل عن الحسن البصري رحمه الله تعالى انه قال: «ليس لمؤمن ولا مؤمنة اذا أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بأمر أن يعصياه».
ومن علامات تعظيم النصوص
عدم وجود الحرج عند سماع النص الشرعي، ويتأكد هذا عند تطبيقه وعلى المسلم ان يوطن نفسه على تلقي النصوص وتطبيقها برحابة صدر وطمأنينة قلب كما قال تعالى:
{فّلا وّرّبٌَكّ لا يٍؤًمٌنٍونّ حّتَّى" يٍحّكٌَمٍوكّ فٌيمّا شّجّرّ بّيًنّهٍمً ثٍمَّ لا يّجٌدٍوا فٌي أّنفٍسٌهٌمً حّرّجْا مٌَمَّا قّضّيًتّ وّيٍسّلٌَمٍوا تّسًلٌيمْا } اية 65 من سورة النساء
قال الامام ابن كثير رحمه الله تعالى: «يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة انه لا يؤمن احد حتى يحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الامور فما حكم به فهو الحق يجب الانقياد له باطنا وظاهرا ولهذا قال:
{ثٍمَّ لا يّجٌدٍوا فٌي أّنفٍسٌهٌمً حّرّجْا مٌَمَّا قّضّيًتّ $ّيٍسّلٌَمٍوا تّسًلٌيمْا } اية 65 من سورة النساء
اي اذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في انفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلِّمون لذلك تسليما كليا من غير مدافعة ولا منازعة» انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

( * ) هيئة محافظة خميس مشيط

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved