* الجزيرة - خاص:
نبه فضيلة الشيخ عايض بن محمد العصيمي إلى خطورة نشوء مظاهر البذخ والتبذير والإسراف في حفلات الزواج في المجتمع المسلم، محذراً ايضاً من ظهور كثير من المنكرات والعادات الدخيلة والسيئة البعيدة عن تعاليم ديننا الإسلامي والتي بدأت تغزو حفلات الاعراس بدعوى التحضر والتقدم والتطور، والزواج بريء منها كل البراءة، وهي من الافعال والعادات المشينة.
واستعرض فضيلته - في حديث ل «الجزيرة» بعضاً من هذه المنكرات عند الإعلان عن الزواج وما يحصل فيه من منكرات وتبذير وإسراف، وما يتم في الفنادق وصالات الافراح وبطاقات الدعوة للافراح، وما يجري من ويلات ونكبات، وعن الدخلة او الغناء الماجن، ولباس الحاضرات وتكشفهن وتعريهن، وقال: يجري في الوقت الحاضر الكثير من التبذير في حفلات الزواج، حيث ما يقدم من مأكولات ومشروبات تفوق عدد الحضور من الرجال والنساء وتقدر بالآلاف المؤلفة من الريالات، وكذا شراء الورود والزهور التي توضع والحلوى بأنواعها والبسكويتات بأصنافها واشكالها المختلفة بقصد المباهاة والتبذير وذلك في ليلة واحدة ثم ترمى في سلة المهملات، ومزينة النساء «الكوافير» و «المشاغل النسائية.. وعرض «السينما» على الحاضرات، فقد يعرض تارة هذه العروسة من المولد إلى تلك الليلة، الى آخر تلك المنكرات التي فشت وانتشرت في مجتمعنا الإسلامي..
ومضى قائلاً:: ان من الاسراف والتبذير ايضاً استئجار الفنادق الفخمة وصالات الافراح التي اصبحت هي ايضاً مجالاًً خصباً للتفاخر والغرور، والمعروف عنها بغلائها، واصبحوا يدفعون خمسين الفاً او مائة الف ريال او يزيدون على ذلك في ليلة واحدة، في حين ان بيوتاً في المجتمع تموت جوعاً ومسغبة، لا تجد ماءً ولا شراباً ولا طعاماً ولا كساءً، كما صار التفاخر والتبذير في بطاقات الدعوة التي تأتي مزخرفة ومزركشة وملونة بالصور والورود الى آخره، وحتى صارت قيمة الواحدة منها العشرات من الريالات وفي الامكان طلائها بماء الذهب والفضة، وتكتب عليها آيات قرآنية واحاديث نبوية، والجميع يعرف مصيرها والعياذ بالله سلة المهملات.
واضاف الشيخ العصيمي أن من تلك المظاهر ايضاً جلب فرق متخصصة مثل المغنية والمغني لتطرب الحاضرين والحاضرات عبر مكبرات الصوت مصحوبة بالطبول والمزامير وآلات التسجيل والتصوير والموسيقى ومئات الالوف تدفع على كل هذا.
وابان فضيلته انه إذا كان الحياء من الرجال جميل، فهو من النساء أجمل، وإن الواقع ليشهد مظاهر تنم عن خلع هذا اللباس «لباس الحياء»، فان من يعلو صوتها في ممرات المستشفيات والاسواق، والشوارع، والاماكن العامة، ومن تزاحم الرجال في اماكنهم لهي خالعة لهذا الحياء.
ثم ذكر العصيمي ما جرت نتيجة هذه المنكرات من ويلات ونكبات، وقال: لقد اصيبت بها كثير من النساء بعد خروجهن من ليالي الاعراس «ضيق الصدر» والوهم، والغم، والحسد، والاورام الخبيثة، وتصلب الشرايين، وسرطان متعدد الانواع متغير المواقع، والسكتات والجلطات القلبية، عافانا الله وإياكم من سيء الامراض والاسقام، بالاضافة الى ما نسمعه في كل وقت من معدلات وحالات الفراق والطلاق المتنامية «وقلة التوفيق بين الزوجين»، لان الحياة بنيت من اول ليلة على معصية الله تعالى، مبدياً فضيلته عجبه واستغرابه ما سمعه ان عروساً دخلت على الحاضرين، وهي محمولة في «تابوت» والانوار قد اطفئت والظلام الدامس قد حل في الصالة، ويجلس العريس على منصته وتقدم له زوجته وكأنها ميتة، فيقوم بفتح هذا الصندوق ثم تضاء الانوار وتنبعث الحياة من جديد امام الحاضرين والحاضرات!.
كما تطرق الشيخ العصيمي في حديثه الى مجالس الرجال في الاعراس، قائلا: ان تلك المجالس اغلبها الا من رحم الله، سهر لا يجوز حتى آخر الليل على لعب الورق، او لسهر لا يرضي الله تعالى، او على دخان او شيشة، وعن مجموعة من الرجال يقف بعضهم امام البعض الآخر، الصفوف قد هيئت والوقوف على اشده وكل قد اخذ موقعه ما يفعل هؤلاء؟ انهم يرددون اشعاراً او ابياتاً طوال ليلهم مع قفزات الى السماء، ودبك وضرب بالاقدام على الارض، والحناجر قد بحت من التصفير والصراخ والترديد، ايفعل هذا عاقل؟، وما يحصل من فحش بالقول والسباب والشتائم والغيبة والنميمة، والعياذ بالله.
وخلص الشيخ العصيمي الى القول: انه لا يجوز لنا إجابة الدعوة الى عمل المنكر إذا كان في ذلك العمل حرام ومنكر وقد سن لنا الزواج باحكامه وآدابه ولنقف جميعاً رجالاً ونساءً حراساً لهذا الكيان المسلم من آفات السوس والعفن التي تنخر كل يوم في جدار حشمتنا وعفتنا دون ان نشعر، موجهاً فضيلته نصحه الى المرأة المسلمة الى الانكار المتزن والمناصحة الهادئة لاخواتها وبنات جنسها والتحذير من الفساد وآثاره المدمرة للاسرة والمجتمع، حتى وان رماها البعض تصريحاً او تلميحاً بأنها معقدة ومتشددة فترد عليهم بكل عزة بأنها من حفيدات الفاتحين، وسليلات الماجدين الاطهار الذين دانت لهم الارض من الصين الى الاندلس.
ونبه الشيخ عايض العصيمي الى الخطط الدنيئة التي ما فتئ يرسمها اعداء الاسلام لافساد مجتمعنا المسلم بإفساد المرأة المسلمة، وتنظيم مخططاتها ، وتغريب المرأة، وسلخها من دينها وعقيدتها، منبهاً - في ذات الوقت - ، الى ان اعداء الاسلام يستخدمون في حربهم ضد المجتمع المسلم مربية الاجيال «المرأة المسلمة»، اذ بفسادها يفسد المجتمع بأكمله لكونها هي «الام، والبنت، والاخت، والزوجة، والخالة، والعمة»، محذراً - في ذات الوقت - من ان هؤلاء الاعداء يواصلون نعيقهم ويلبسون لباس المصلحين، فاستبطنوا قلوب الذئاب تحت جلود الضأن، يتكلمون بألسنتنا بعضهم من بني جلدتنا فمرة يطرحون مسألة «قيادة المرأة للسيارة»، ومرة قضية «جلوسها في البيت»، واحياناً موضوع «الحرية التي تستمتع بها»، واخرى «حول الزواج قبل التعليم»، ومرة ينادون ب «الحب قبل الزواج»، الى آخر تلك الافكار التي تطرح ومعروف ما يحدث بعدها.
وقال الشيخ العصيمي - في هذا الشأن - ان مخططات هؤلاء الاعداء كانت تحاك في الليل، اما الآن فتدار في وضح النهار، وتنفذ امام الابصار واساليبهم بطيئة ولكنها اكيدة المفعول ولا تتصوروا ان السفور هو كشف الوجه فقط.. بل ان من السفور أن تغطي المرأة وجهها ولكنها تمشي وكأنها في حالة لعرض الأجساد والعياذ بالله، مبيناً أن من السفور الواضح هو خروج المرأة من بيتها لغير حاجة او ضرورة، بل إنه ليعرف الجميع أن المرأة في الماضي اذا ارادت ان تخرج الى السوق او الى غيره لا تخرج الا للضرورة الملحة، واذا خرجت كانت في غاية الحشمة والتستر، اما الآن فإن الذي يحدث هو ان الرجل الصالح هو الذي لا يخرج الا للضرورة واذا خرج وقابلته النساء انزوى هو حتى يخلو لهن الطريق، ولذلك اصبح المرء يتحرج من الخروج الى السوق.
وشدد فضيلته على انه لا يجوز للمرأة الخروج من بيتها لغير حاجة او ضرورة، بل يجب أن يكون امتناع الخروج للمرأة من بيتها «عبادة» وليست عادة، واذا خرجت وجب عليها أن تكون في غاية من الحشمة والتستر حتى لا تفتن احداً فتأثم، داعياً افراد المجتمع المسلم من الرجال الى صون كل قيم من تحت يده من زوجة، او ابنة، او اخت، او من ولاه الله امر رعايته فهن والله اغلى واثمن من جواهر الدنيا وكنوزها، لان المتربصين بها كثر.
ونبه الشيخ عايض العصيمي إلى ظاهرة «العنوسة» الخطيرة التي بدأت تتفشى في البيوت حتى لا يكاد بيت من بيوت المسلمين يخلو منها، مستعرضاً المعوقات التي تعترض الشباب والشابات لاكمال دينهم بالزواج، من غلاء المهور، ومراسيم الزواج، ودعوى تكوين النفس، وإكمال الدراسة والعمل حتى اصبحت المرأة سلعة تجارية في مزاد علني فهي من نصيب من يدفع اكثر، مطالباً اهل ذوي العلاقة بإزالة هذه المعوقات مستدلاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - :« افضل النساء بركة ايسرهن مؤونة» فلا فوز ولا نجاح ولا حل إلا بتزويج الشباب والشابات فعندها يحصن الشباب وتحل البركة ويعظم الاجر وتكثر الامة المحمدية.
ودعا فضيلته - في ختام حديثه - الجميع إلى التأمل في قرارة انفسنا السؤال التالي: كيف إيماننا الذي كان في قلوبنا قبل دخول هذه القاعات وبعد خروجنا هل زاد ام نقص؟
|