* صنعاء الجزيرة عبدالمنعم الجابري:
حددت الحكومية اليمنية الجديدة في برنامجها العام الذي وافق عليه البرلمان جملة من المهام والخطوات التي تعتزم القيام بها خلال المرحلة القادمة على صعيد معالجة العديد من القضايا والمسائل الحيوية المتصلة بالجوانب الاقتصادية والمعيشية والتنموية والخدمات العامة.. إضافة إلى الجوانب المؤسسية والهيكلية والإدارية في أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة.
وكان من بين الأهداف التي أوضحت حكومة عبدالقادر باجمال أنها ستسعى إلى تحقيقها زيادة معدل النمو الاقتصادي بمتوسط سنوي نسبته 7 ،4% خلال الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2005م وكذا نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 3 ،6% خلال نفس الفترة التي حددتها الحكومة اليمنية كذلك لخفض معدل نمو السكان إلى 3% بدلاً من 7 ،3% حالياً على أساس ان من شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتحسين مستوى المعيشة، وبالتالي تحقيق هدف برنامج الحكومة لتخفيض نسبة الفقر بحوالي 1-3% خلال الفترة 2003-2005م.
وتقول الحكومة الجديدة في اليمن انها ستواصل العمل من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على معدل التضخم واستقرار سعر صرف العملة الوطنية بالإضافة الى توفير المناخ المناسب لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب رأس المال الأجنبي، وتسريع التنمية البشرية وتحسين كفاءة الاقتصاد وعدم السماح لعجز الموازنة العامة للدولة أن يتجاوز الحدود الآمنة ومواصلة ترشيد هيكل الإنفاق العام وزيادة نصيب الخدمات الاجتماعية الاساسية بالاضافة الى زيادة الاستثمارات العامة في البنية التحتية مع الاستمرار في إصلاح النظام الضريبي والجمركي وادارته بهدف تحسين تحصيل الإيرادات.
ويرى المراقبون أن امام حكومة عبدالقادر باجمال تحديات كبيرة لعل من أبرزها مشكلة البطالة والفقر حيث تقدر نسبة البطالة وفقاً لتقارير أعدتها جهات محلية ودولية بأكثر من 30% وذلك من حجم قوة العمل في اليمن بنحو خمسة ملايين نسمة.. بحيث يمكن القول ان عدد العاطلين عن العمل يصل وفقاً لهذه التقديرات إلى نحو مليون ونصف المليون شخص.
وتشير مصادر مختلفة إلى أن عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل في اليمن حالياً من الخريجين وغيرهم ممن تزيد أعمارهم عن 15 عاماً يصل إلى قرابة 180 ألف شخص سنويا، لكن عدد من يتم استيعابهم من هؤلاء من خلال فرص العمل التي توفرها الدولة والقطاع الخاص لايزيد عن 80 ألف شخص، في حين يضاف البقية إلى رصيد البطالة. وبحسب الدراسات فإن هذا العدد سوف يتضاعف خلال السنوات القادمة، ويتوقع أن تصل الزيادة في حجم قوة العمل خلال العامين القادمين إلى ما بين «250 و300» ألف عامل سنويا بدلاً من 180 ألف عامل حالياً وذلك نتيجة معدلات النمو الكبيرة في عدد سكان اليمن والتي تقدر نسبتها بنحو 7 ،3% سنويا.
وبالنسبة للفقر والذي يشكل إلى جانب البطالة الهم الأكبر والتحدي الأبرز بالنسبة للحكومة اليمنية فإن ما يقرب من 42% من سكان اليمن وبحسب تقارير نشرت في العام 2001م يعيشون تحت خط الفقر، اي أن عدد الفقراء يصل إلى ثمانية ملايين و400 ألف نسمة تقريبا من اجمالي السكان المقدر حالياً بنحو 20 مليون نسمة.
وفي ذات الإطار أظهرت نتائج مسح ميداني لميزانية الأسرة في اليمن تم خلال السنوات الأخيرة أن 19% من الأسر اليمنية تعيش تحت خط فقر الغذاء «فقر مدقع»، و33% من الأسر تعيش تحت خط الفقر المتمثل بعدم الحصول على نفقات الملبس والمسكن وعدم تأمين خدمات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية.
كما أظهرت إحصائيات حكومية في عام 2001م أن معدل الأمية يصل إلى 72 بالمائة في صفوف الإناث من سكان اليمن و44% بالمائة في صفوف الذكور، وأن ما يقرب من نصف السكان لا يحصلون على الخدمات الصحية، وأن نسبة الأسر الفقيرة في المناطق الريفية تقدر بنحو 50%.
وبناء على تقارير دولية فقد جاءت اليمن في العام 2001م في الترتيب 133 من بين 179 دولة في العالم من حيث مستوى دخل الفرد وفي المرتبة 148 من حيث التنمية البشرية، إذ يقدر متوسط الدخل السنوي للفرد بنحو 250 دولاراً.
ووفقاً لنتائج مسح ميزانية الأسرة فإن معدل الإنفاق الشهري للأسرة يزيد بنسبة 7 ،7% عن معدل دخلها المقدرة بنحو 200 دولار.. وأن متوسط نصيب الأسرة «7 أفراد» من الحبوب ومشتقاتها يبلغ 69 ،136 كيلوجراماً شهريا و47 ،26 كيلوجراماً من الخضروات الطازجة في الحضر و83 ،15 كيلوجراماً في الريف و06 ،8 كيلوجراماً من اللحوم للأسرة في الحضر و24 ،6 في الريف.. كما أشارت الدراسات إلى أن 20% من سكان اليمن الأقل إنفاقاً لا تتجاوز نسبة إنفاقهم 8% من إجمالي الإنفاق العام، و20% من السكان الأكثر إنفاقاً تصل نسبة إنفاقهم إلى 42% من الإنفاق العام.. وحددت نسبة الفقر في الريف بنحو 7 ،82% مقابل 3 ،17% في الحضر.
ومن ابرز عوامل الفقر بحسب مصادر الحكومة معدل النمو السكاني المرتفع حيث يصل معدل الخصوبة الكلي الى 6 ،5 مواليد لكل امرأة وهو ما يعادل ضعفي المعدل العالمي، هذا إلى جانب محدودية الاراضي الزراعية وندرة المياه وضعف البنية التحتية حيث يحصل 35 بالمائة فقط من السكان من خدمات الكهرباء و4 بالمائة هم الذين يحصلون على مياه صالحة للشرب في إطار الخدمات المقدمة من الدولة.
وبالتالي فقد وضعت حكومة عبدالقادر باجمال ضمن برنامجها العام جملة من التدابير والسياسات والمحددات التي تسعى من خلالها إلى مواجهة مشكلتي البطالة والفقر خلال المرحلة المقبلة.
واكدت أنها ستولي مكافحة الفقر قسطاً كبيرا من اهتمامها عبر تحقيق النمو الاقتصادي لخلق فرص العمل وذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص لتطوير أنشطته في المجالات المختلفة باعتبار البطالة أحد العوامل الرئيسية لنمو ظاهرة الفقر.
وحددت جملة من الخطوات التي تعتزم اتخاذها من أجل تنفيذ ما تضمنته إستراتيجية مكافحة الفقر في اليمن والتي تم وضعها في العام الماضي.. ومن ذلك تطبيق سياسات اقتصادية كلية وجزئية موائمة للتخفيف من الفقر وبذل الجهود لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي التي استهدفتها استراتيجية التخفيف من الفقر والرؤية الاستراتيجية للتنمية في اليمن والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي واستمرار الجهود في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتحفيز القطاعات الاقتصادية الواعدة ذات الكثافة العمالية وبالذات قطاعات السياحة والصناعة والثروة السمكية.. إضافة الى العمل على رفع كفاءة القطاع الزراعي وإنتاجياته ومعدلات نموه وترشيد الإنفاق الاستثماري العام وتوجيهه نحو المجالات ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي وخاصة المجالات الأساسية المرتبطة بالإنتاج إضافة الى الحد من معدل النمو السكاني وتحسين انظمة التأمينات الاجتماعية والتقاعد وتحسين البنية التحتية إلى جانب ترشيد استخدام المياه ومكافحة التصحر.
كما أكدت حكومة باجمال أنها ستعمل على التوسيع في حماية الفئات الأكثر فقراً وما يتطلب ذلك من زيادة مخصصات صندوق الرعاية الاجتماعية وتوزيع الموارد على الانشطة لصالح تدعيم المجالات المولدة لفرص العمل والدخل وتوسيع برامج شبكة الأمان الاجتماعي في مجال تنمية البنية الأساسية والاجتماعية إضافة الى توجيه المشاريع والخدمات نحو المناطق الأكثر فقراً والمناطق النائية وتنمية الموارد المالية لبرامج شبكة الأمان الاجتماعي وكذا توسيع مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية.
وتتوقع الحكومة اليمنية في برنامجها الذي حازت بموجبه على ثقة البرلمان مؤخراً أن ينمو الاقتصاد الوطني بمتوسط سنوي يقدر بحوالي 7 ،4% مقابل 3 ،6% للناتج المحلي الاجمالي غير النفطي خلال الفترة 2003-2005م.. مؤكدة سعيها الى تحقيق معدلات نمو أعلى بعد إزالة المعوقات التي تواجه النمو الاقتصادي من خلال مواصلة الإصلاحات وتوفير البيئة المواتية لتولي القطاع الخاص دورا اقتصاديا نشطاً وتنفيذ برنامج إعادة الهيكلة للوحدات الاقتصادية والذي سيخفف عن موازنة الدولة عبء التحويلات والنفقات التي تتحملها.
بالإضافة الى إيجاد فرص عمل جديدة.
ووضعت جملة من التدابير المتصلة بمواصلة إصلاحات السياسة المالية النقدية التي تهدف من ورائها إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على معدل التضخم واستقرار سعر صرف العملة الوطنية بالإضافة الى توفير المناخ المناسب لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب رأس المال الأجنبي وتسريع التنمية البشرية وتحسين كفاءة الاقتصاد.
ومن تلك التدابير مواصلة ترشيد هيكل الإنفاق العام وتحسين كفاءته والعمل على زيادة نصيب الخدمات الاجتماعية الأساسية وزيادة الاستثمارات العامة في البنية التحتية.
وكذا الاستمرار في إصلاح النظام الضريبي والجمركي وإدارته بهدف تحسين تحصيل الإيرادات ومواكبة التطورات في المنطقة وإزالة ما تبقى من قيود ومعوقات لتشجيع الاستثمار في جميع القطاعات والدفع بالاستثمارات التي تساعد على خلق فرص عمل واسعة.
واكدت الحكومة اليمنية العمل على استكمال التحرير الكلي لأسعار الفائدة بغرض تشجيع الادخار المحلي وزيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية والسيطرة على نمو العرض النقدي ومواصلة العمل في إصلاح النظام المصرفي واستكمال الدراسات والإجراءات اللازمة لإنشاء السوق المالية في اليمن وتشجيع الاستثمارات وخاصة في إنشاء شركات الأسهم واستكمال إجراءات إنشاء بنك الأمل لإقراض الفقراء والذي يعمل على توفير التمويل للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر الخاصة بالفقراء.
هذا وكان برنامج الخطة الخمسية الثانية للتنمية في اليمن لأعوام (2001- 2005م) والذي يصل إجمالي الاستثمارات المقترحة فيه كنفقات متوقعة على مشاريع البني التحتية إلى تريليون و606 مليارات ريال يمني «الدولار الواحد يساوي 183 ريالاً»، قد أكد على العديد من الأهداف والسياسات التي من بينها تصحيح الاختلالات الهيكلية وتحقيق توازن الحسابات والموازين الاقتصادية ومعالجة مشاكل البطالة والفقر والركود الاقتصادي وغيره. ويحدد مشروع الخطة سياسات تتضمن إعادة هيكلة مكونات الموازنة العامة بما يكفل ترشيد الانفاق وتركيزه على مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة في تنمية الايرادات العامة وكذا محاصرة عجز الميزانية في الحدود التي لا تزيد عن 3% من إجمالي الناتج المحلي.
بالاضافة إلى تنمية الاستثمارات وتطوير القطاعات الانتاجية والخدمية والبني التحتية وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي وإجراء اصلاح مؤسسي في مجالات الخدمة المدنية وفي اجهزة القضاء وتصحيح الاختلالات في سوق العمل.
وحسب مصادر رسمية فإن ثمة مساهمة من قبل عدد من المانحين في تمويل بعض مشاريع استراتيجية الحد من الفقر والتي تتطلب ما مقداره 600 مليون دولار كحد أدنى.
وهناك سلسلة من الاجراءات التي تضعها حكومة عبدالقادر باجمال في اطار السياسات المتعلقة باستراتيجية التخفيف من الفقر، ومن ذلك صياغة سياسة للأجور متوسطة الاجل منسجمة مع اصلاح الخدمة المدنية، كما تشتمل الاجراءات على خصخصة البنوك التجارية العامة وافساح المجال بشكل اكبر امام القطاع الخاص ليتولى إدارة العملية الاقتصادية بشكل شبه كامل تقريباً.
وشددت حكومة عبدالقادر باجمال على مواصلة تنفيذ برنامج تحديث أجهزة الخدمة المدنية والإحالة الى التقاعد لكافة الموظفين البالغين أحد الأجلين وفقا لقانون التأمينات بما فيهم موظفو السلطة العليا.. وهناك سلسلة من الإجراءات التي اكد عليها برنامج هذه الحكومة في إطار التوجهات المتصلة بتحديث الخدمة المدنية ومنها وضع وتطبيق نظام التوصيف والتصنيف الوظيفي واعتماد معايير مهنية للتوظيف والترقيات ووضع سياسة عامة جديدة للأجور مرتبطة بالتصنيف والأداء والأسعار إلى جانب دعم برامج التدريب لموظفي الدولة وتوفير انظمة معلومات متكاملة وبناء الأنظمة الأساسية وإعادة وتوزيع القوى العاملة إضافة الى إجراءات أخرى عديدة من ضمنها اعتماد نظام (البصمة البيولوجية) والرقم الوطني للموظفين.
وتتضمن الإجراءات المشار اليها كذلك خفض عدد الموظفين والعاملين في أجهزة الدولة بنسبة تقدر بنحو 50% من اجمالي عدد الموظفين البالغ حاليا 428 ألف موظف منهم 14% فقط يحملون مؤهلات جامعية وما فوق و86% بمؤهلات ثانوية وما دونها، وتتضمن هذه الخطوة كذلك تقليص واختصار اعداد الوحدات الإدارية بإلغاء بعضها ودمج وإعادة هيكلة البعض الآخر واختصار نسبة كبيرة من الوظائف وبالذات المتشابهة.
وبحسب المصادر فإن التضخم الوظيفي والاختلالات في توزيع القوى الوظيفية إضافة الى فاتورة الأجور المرتفعة التي تمثل 35% من إجمالي الانفاق العام للدولة في اليمن تستدعي سرعة اتخاذ معالجات عملية لها، ومن ثم فإن معالجة التضخم الوظيفي ستكون من خلال التخلص من العمالة الفائضة التي يؤكد مسؤولون في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بأنها تصل إلى 200 ألف موظف بعضهم معينون خارج قانون الخدمة المدنية وسيحالون إلى صندوق الخدمة المدنية والبعض الآخر هم موظفون وهميون، أي انهم مسجلون ضمن القوة الوظيفية ويتقاضون مرتبات لكنهم لا يؤدون أية وظائف في أجهزة الدولة، ويقدر عدد هؤلاء بنحو 30 ألف موظف.. وتقول المصادر انه سيتم قريبا شطب أسماء هؤلاء من سجلات الخدمة المدنية إلى جانب 17 ألف حالة ازدواج وظيفي.
وفي سياق إجراءات خفض عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة هناك اكثر من 20 ألف موظف أحيلوا إلى التقاعد في العام الماضي وسيرتفع هذا العدد الى 100 موظف مع نهاية عام 2005م، فيما كان قد تم خلال عامي 2000 و2001م إحالة 17 ألف موظف إلى التقاعد وكان الرئيس علي عبدالله صالح قد حدد لهذه الحكومة أولويات في خطاب القاه أمام البرلمان وفي طليعة ذلك العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للسكان والحد من البطالة والفقر من خلال توفير فرص عمل جديدة وتشجيع الاستثمار والعمل بما من شأنه تعزيز التنمية بمختلف جوانبها وانجاز ما تبقى من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والتخلص من بقايا الأمية والاهتمام بالتعليم والنهوض بخدمات الصحة وتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.
|