* القاهرة - مكتب الجزيرة - عثمان أنور - طه محمد:
في ظل دوامة العنف التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتله وحالة التعثر التي تحول دون البدء في تنفيذ خارطة الطريق بدأت فكرة نشر قوة حفظ سلام دولية للفصل بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني تلقى اهتماما متزايدا في الأوساط العالمية خاصة بعدما دعا كوفي عنان الامين العام للأمم المتحدة إلى ارسال قوات دولية لحفظ السلام بالشرق الأوسط لوقف دوامة العنف. فقد أكد على هذه الدعوة المبعوث الأوروبي للسلام في الشرق الأوسط مبيحيل موراتينوس فقال ان الاتحاد الأوروبي يؤيد طلب الأمين العام للأمم المتحدة ضرورة نشر مراقبين دوليين ووضع آليات للرقابة، كذلك طالب وزير الخارجية الفرنسي دومينك دوفلبان بوجود قوات دولية لمنع دوامة العنف.
وعلى الرغم من ان ارسال قوات دولية الى المنطقة صار محل جدل واسع إلا انه لم يحظ هذا الجدل داخل أروقة الادارة الأمريكية بل استبعد البعض منها ذلك مبررا ان وجود قوات دولية يعد أمرا صعبا في ظل الظروف الحالية... فالى أي مدى تكون القوات الدولية أحد الحلول لوقف دوامة العنف ومن ثم تم البدء في تنفيذ خارطة الطريق؟ وما هي فاعليتها الحقيقة ومحاذيرها؟ حول هذه التساؤلات التقت «الجزيرة» بنخبة من المفكرين والمحللين السياسيين.
رفض أمريكي
يرى الدكتور أحمد يوسف عميد معهد البحوث العربية التابع للجامعة العربية ان وجود قوات دولية للحماية وللمراقبة والفصل بين الجانبين دعوة تكررت كثيرا لكن تطبيقها صعبا في ظل الرفض الأمريكي لأية تدخلات في هذا الشأن وجعل الصراع بين اسرائيل وفلسطين فقط ولا تريد تدويل الصراع. أما القضية المطروحة حاليا على الساحة الفلسطينية هي اقرار هدنة تتوقف خلالها العمليات ضد الاهداف الاسرائيلية لفترة من الوقت وفي حال التوصل الى هذه الهدنة سوف يكون وجود قوات دولية للمراقبة فاعلا أما غير ذلك فلا لأن اسرائيل تقوم باختراق وعدم تنفيذ اية اتفاقات ففي ظل المباحثات الجارية الآن لبحث وقف العنف تريد اسرائيل استثناء العمليات التي تسميها انتقائية لاغتيال قادة المقاومة من اية اتفاقات حول الهدنة، والحقيقه ان الموقف الدولي لا يتناسب مع عمليات العنف والتشدد الاسرائيلي، فكل أطراف الرباعي الدولى سواء الامم المتحدة أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية تصب طلباتها أكثر على الجانب الفلسطيني وتركز على تفكيك منظمات المقاومة وتطلق يد اسرائيل في تصفية ما تسميه الارهاب فوجود قوات دولية أمريكية أمر سترفضه الولايات المتحدة الأمريكية.
أما الدكتور كمال المنوفي أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة فيوضح ان الدول العربية عليها ان تؤكد ان هذا المطلب ذو طابع انساني للعالم الذي يرفع شعارات حقوق الانسان والتأكيد للرأي العام العالمي ان أمريكا تقف دائما مع اسرائيل وتؤيدها وانها ترفض اية رقابة دولية عليها على الرغم من ان قرارات الأمم المتحدة توصي بالمراقبة، والاتحاد الأوروبي مؤيد رسميا لهذه المراقبه إلا انها الرغبة الأمريكية الداعمة لاسرائيل والرافضة لكل القرارات الدولية وهو ما يتطلب من الدول العربية الضغط على المنظمة الدولية وهو ما يتطلب أيضاً من الدول العربية للسفر الى الأمم المتحدة في خطوة فاعلة للضغط على المنظمة الدولية لتفعيل قراراتها.
ويبدي اندهاشه من سلبية المنظمات الاقليمية تجاه هذه المطالبات الدولية بارسال مراقبين الى الأراضي المحتلة للفصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين وان تكون هناك مواقف فاعلة وعملية للمنظمات الآسيوية ومن بينها مجلس التعاون الخليجي ومؤسسة الجامعة للدول العربية والتي يعتبرها مبنية على مواقف الدول العربية وتحرك المنظمات الاخرى في المنطقة العربية مثل الاتحاد المغاربي.
حسابات مدروسة
أما الدكتور ضياء رشوان الخبير في مركز للدراسات السياسية والاستراتجية في الأهرام فيؤكد ان موضوع المراقبين الدوليين تم طرحه في أكثر من مناسبة تحت بند ما يجب عمله إلا انه لم يأخذ شكل الجدية على الأرض من جانب الموقف الأوروبي الذي يخشى الدخول في الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين باعتبار ذلك ملفا أمريكيا وان كان تدخل في هذا الموقف من وقت لآخر بحسابات شديدة ومدروسه كتدخلهم ضمن الأطراف التي صاغت خريطة الطريق دون التدخل في آلية التنفيذ.
ويقول ان الادارة الأمريكية حريصة على عدم تدويل الصراع العربي الاسرائيلي وألا يكون العراك قاصراً فقط على الفلسطيني والاسرائيليين دون تدخل أطراف عربية اخرى فيه كما تريد ان تجعله صراعا ذا طبيعة خاصة لذلك فان الادارة الإمريكية حريصة على ألا يتم تطبيق أية آليات في هذا الصراع إلا بموافقتها.
ويضيف ان الادارة الأمريكية تسعى أيضا ألا تشرك معها أحدا في هذا الملف وبالتالى فهي ترفض وجود مراقبين دوليين في الارضي المحتلة فأمريكا ترى نفسها قوة عظمى فترى أيضا انها جديرة بتعزيز نفوذها في هذه المنطقة وكل ذلك هدفه خدمة اسرائيل في اطار علاقتها الوطيدة معها والداعمة لها.
ويشير د. ضياء رشوان الى ان الادارة الأمريكية حريصة على الاستئثار بهذا الملف والتركيز على حله في اطار ثنائي وبالتالي تجنب الموقف الأوروبي الدخول فيه.
وحول ما اذا كان الموقف الأمريكي يمكن ان يتغير بناء على رغبة ادارة البيت الأبيض في تنفيذ خريطة الطريق يؤكد ان الموقف الأمريكي يبدو ثابتا في هذا الملف والرافض لارسال مراقبين دوليين الى الأراضي العربية المحتلة حتى لو فقد الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي خريطة الطريق وبالتالى يصبح أمام الادارة الامريكية عدم أهمية في تنفيذ خريطة الطريق اذا ارتبط تنفيذها بارسال مراقبين دوليين للفصل بين طرفي الصراع.
ويصف د. رشوان الموقف الأوروبي بانه ضعيف نتيجة حرص الولايات المتحدة على ذلك وان دوره كان محدوداً فقط في صياغة خريطة الطريق.
|