علاقتي مع المطر بدأت منذ أن كنت صغيراً، كنت أخرج من المنزل لأشعر بزخات المطر وهي تتساقط لتملأ الأرض العطشى، كنت أقف وحيداً، ورائحة المطر تسكن بروحي.
ظللت أتساءل في طفولتي من أين يأتي السحاب وإلى أين يذهب؟
ولماذا لايمر على أرضنا إلا أياماً معدودة في العام الواحد!
كبرت ولم تنته أسئلتي، لم يعنيني ان أجد الإجابة، كانت فرحتي بالمطر لاتوصف، لذا كنت أخرج من بيتي لحظة أن أرى طلائع السحب وهي قادمة أترقبها من بعيد، وأظل أتتبعها حتى يسقط المطر!
في لحظات كثيرة أشعر أن المطر ماهو إلا بكاء السحاب، وفي لحظات سعادتي كنت أشعر بأن تساقط قطرات المطر مشابه تماماً لتساقط دموع الفرح.. أليس في التقاء قطرات المطر بالأرض العطشى يتجسد معنى الفرح؟!
للمطر قصص شتى في كل أرض يتساقط بها، وحدهم الشعراء الذين يعرفون معنى أن يمر السحاب على أرض ما دون ان يسقيها، ويعرفون معنى أن يتساقط المطر في أرض ما باستمرار ومع ذلك يشعر أهلها بالجوع والعطشى...!
كتب بدر شاكر السياب الشاعر العراقي الراحل قصيدته (أنشودة المطر) ووظف مفردة المطر للاشارة إلى الخير الذي يجلبه لأرض الرافدين وبرغم ذلك فإن أهلها الفقراء لاينعمون بهذا الخير... وكيف ان هذا المطر يتحول في النهاية إلى مأساة وليس بشائر فرح!
|