Friday 27th june,2003 11229العدد الجمعة 27 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

{ومن يرد فيه بالحاد} {ومن يرد فيه بالحاد}
د. محمد بن سعد الشويعر

كان عنوان اللقاء مع سمو الأمير نايف، في الصفحة الأولى من الجزيرة ليوم السبت 14/4/1424هـ، مؤثراً ويبعث في القلب نشوة، هي من الحميّة لدين الله، ومن الشعور بأمانة المسؤولية، من رجل في موقع المسؤولية.. أعانه الله ووفقه لكل خير..
وكانت إجاباته في هذا اللقاء، موفّقة ومطمئنة لقلب كل مواطن في هذا البلد، ولكل مسلم يرنو فؤاده للأماكن المقدسة، التي جعلها الله في أحاسيس ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، وتحت رعايتهم واهتمامهم بالمحافظة عليها، وإراحة الوافدين للحج والعمرة والزيارة، توارثوا ذلك بالعناية والمحافظة منذ تمّ ضم المنطقة الغربيّة من البلاد، إلى كيان الدولة الكبير، تحت مظلّة راية التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.. توحيد في العقيدة، وتوحيد بين القلوب، وتوحيد في الهدف والغاية..
منذ ذلك التاريخ تعاهد القائد مع المواطن، في تماسك لا يفصم عراه أهداف أو غايات، ولا تتاح فرصة لحاقد أو صاحب غاية، أن يفلّ هذا الترابط، الذي سُداهُ ولحمته: الوفاء بالعهد وإقامة شرع الله، والثبات على المبدأ الذي جاء به خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربّه.
نلمس هذا المنهج من رجال القيادة في الدولة، أينما كان الموقع، ويزيد ذلك ثباتاً، ذلك الجواب من سمو الأمير نايف وزير الداخلية، ضمن أسئلة الجزيرة، حيث قال باعتزاز وثبات: لن نسمح لأحد بالضغط علينا، لتعطيل الأحكام الشرعية في الإرهابيين.
نعم إنه حكم الله، الذي لا رحمة فيه لمجرم، امتهن الحرمات، ولا لمتمردّ استهان بشعائر الله وتجرأ على أقدس موقع في الأرض، للفساد والإفساد.. في محاولة لبثّ الفوضى وإعانة الأعداء.
فواجب الجميع أن يكونوا يداً واحدة، وعيناً مبصرة، مع ولاة الأمر، في حصر هذا الإرهاب الذي تقوم به طغمة، أسلمتْ قيادها وفكرها، لأعداء دين الله، وأعداء هذه الدولة التي أغاظ الأعداء ثباتها على دين الله الحق، تطبيقاً وتشريعاً، وتماسكها مع الرعية في الهدف والغاية.
فكان من الواجب علينا جميعاً: علماء ومفكرين، حكاماً ومحكومين: التعاون على ما يرضى الله جلّ وعلا، وندعوه سبحانه بأن يعنينا على القضاء، على كثير من أسباب الفساد والبلاء، وعلى إغلاق باب شرّ فتحه هؤلاء الذين سُمِّمتْ أفكارهم، وقلبت أمامهم الحقائق.. فكان الحقّ عندهم باطلاً، والباطل حقاً، فاستهانوا بالحرمات، وروّعوا الآمنين وقتلوا الأبرياء.
وهل هناك تعدٍ وظلم، أكثر من الاستهانة بحرمة مكة المكرمة، التي حرّمها الله يوم خلق السموات والأرض، وحرّمها إبراهيم الخليل بحرمة الله، ثم ثَبَّت هذه الحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عام الفتح ليبرهن للعالم بأجمعه إلى أن تقوم الساعة: بأن مكة المكرمة محرّمة.. حرام فيها التعدي والظلم ورفع السلاح، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا» قالها في حجة الوداع يوم الحج الأكبر، في مكة المكرمة في شهر ذي الحجة المحرم.
والمدينة حرمها رسول الله صلى الله وسلم، فكيف بهؤلاء الذين فضحهم الله على رؤوس الخلائق، وفضح جل وعلا أعمالهم، وأعان الله الدولة السعودية على كشفهم والتصدي لهم..
كيف بهم لو كان في قلوبهم إيمان، ولو كانوا يقرأون القرآن ليقفوا عند زواجره ونواهيه، وليعتبروا بما حصل لمن أراد أن يعتدي ويتجاوز الحدّ، بأعمال أقلّ من أعمالهم، ولكنها لا تعمى العيون،ولكن تعمي القلوب التي في الصدور..
لا شكّ أن هؤلاء ومن يشايعهم، من داخل المملكة أو خارجها، قد ران على قلوبهم، ما جعلها تعمى عن معرفة الحق، الذي عليه دليله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هان عليه هذان المصدران هانت عليه الأمور الأخرى، من حرمات تنتهك، وعهود تنتقض، وممالأة لأْعداء دين الله، وخروج على طاعة ولاة الأمر الذين أمر الله بالوفاء لهم، وحثّ عليها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
إن من يعمل مثل أعمال هؤلاء، يجب ألا يؤخذ فيهم رأفة ولا رحمة في دين الله، فالله الذي أنزل الحدود، وبيّن العقاب للمجرمين وقطاع الطرق، وأهل الحرابة، هو جلّ وعلا أعلم بما يصلح الأمة، يروى للإمام مالك رحمه الله قوله: أن لوليّ الأمر قتل الثلث لاصلاح الثلثين إذا ظهر الفساد والافساد في الأمة وإثارة الفتنة ويقول عمر بن عبدالخطاب رضي الله عنه: لو تمالأ أهل صنعاء على قتل رجل واحد لقتلتهم جميعاً.. وهذا يدل على حرمة المسلم، فكيف إذا امتهنت هذه الحرمة في بيت الله الحرام، ونقضت فيه العهود، وشُهِر فيه السلاح.
قال ابن عباس: بظلم هو أن تستحلّ من الحرم، ما حرّم الله عليك، من اساءة أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، البادي فيه، والشرّ إذا كان عازماً عليه وإن لم يوقعه». وقال ابن مسعود: لو أن رجلاً أراد فيه بإلحاد بظلم وهو بعَدَنْ أبينْ، لأذاقه الله من العذاب الأليم (3:186).
ولما كانت الأفكار عند هؤلاء القوم، من سعوديين أو غيرهم، خاطئة وينكرها الفهم الإسلامي للفكر في تعاليمه، فإن دور العلماء والمدركين، توعية الشباب علمياً، وتمكين التطبيق، حتى يدركوا ما أمر الله ويحذروا عما نهى الله عنه.. من عدوان وإفساد.. وبثّ للشر وازعاج وترويع للأمة.
وبالعلم الصحيح يستبدل الفكر السيء، بفكر جيّد تستقيم معه الحياة، لأن العلم مفتاح كل خير، فلا إيمان ولا عمل، إلا بالعلم يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وإنما يعبدالله ويؤدّى حقّه وينشر دينه وتحارب الأفكار الهدامة، والدعوات المضللة، والأنشطة المنحرفة، بالعلم النافع، المتلقى عن كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، والفرائض تؤدى بالعلم، ويتقى الله بالعلم، وبه تكشف الحقائق، ويكشف أهل الباطل.
بناء بغداد
ذكر ابن كثير في تاريخه: أن المنصور سكن مدينة السلام: بغداد في صفر عام 146هـ، بعدما تكامل بناؤها، وكان السبب في بنائها: أن الراوندية لما وثبوا عليه بالكوفة، ووقاه الله شرهم بقيت منهم بقيّة، فخشى على جنده منهم، فخرج من الكوفة يرتاد لهم موضعاً لبناء مدينة، فسار في الأرض حتى بلغ الجزيرة فلم ير موضعاً أحسن لوضع المدينة من موضع بغداد، الذي هي فيه الآن، وذلك بأنه لا يقدر أحد أن يتوصّل إلى موضع الخليفة إلا على جسر، وقد بات به المنصور قبل بنائه ليالي، فرأى الرياح تهبّ به ليلا ونهاراً، من غير انجعار ولا غبار، فحينئذ أمر المنصور باختطاطها.
فرسموها له بالرّماد فمشي في طرقها ومسالكها، فأعجبه ذلك، ثم سلّم كل ربع منها لأمير، يقوم على بنائه وأحضر من كل البلاد فعّالاً وصنّاعاً ومهندسين، فاجتمع عنده ألوف منهم، ثم كان هو أول من وضع لبنة فيها بيده، وقال: بسم الله والحمد لله، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.. كما ذكر ذلك بتفاصيله ابن جرير في تاريخه.
ثم قال المنصور للجميع: ابنوا على بركة الله، وأمر ببنائها مدوّرة سمك سورها من أسفله خمسون ذراعاً، ومن أعلاه عشرون ذراعاً، وجعل لها ثمانية أبواب في السور البراني، ومثلها في الجوّاني، وليس كل واحد تجاه الآخر، ولكنه جعله أزور عن الذي يليه، ولهذا سميت بغداد الزوراء، لا زورار أبوابها بعضها عن بعض، وقيل سميت بذلك لانحراف دجلة عندها.
وبنى القصر للإمارة في وسط البلد، ليكون الناس منه على حدّ سواء، واختطّ الجامع إلى جانب القصر (البداية والنهاية 9:97).

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved