عندما ينجلي النهار نافضاً غبار السنين عن عباءتي العتيقة، وعندما تغيب شمس الماضي عن أرضي يأتي الليل الغائب بوشاحه الأسود وبسماته الغائمة التي تحجب نور القمر عني، يأتي كي يواسيني بأنياب مكشرة تحمل معاناة الجرح الدامي الساكن بين أضلعي.
يخاطبني بهواء النسيم البارد.. يخاطبني بعفوية مطلقة.. يسألني عن أيامي الغائبة وكيف كانت؟ وهل وجدت السعادة بين ثناياها؟ وهل تخلصت من أحزاني المكبوتة في داخلي؟
أنظر إليه بعينين جا حظتين جراء البكاء الحزين المرير، بكاء غسلها بكفن الموت، أتساءل: ماذا يريدني؟ وهل سيساعدني للتخلص من أحزاني الدفينة وأجبت على أسئلته المنهكة؟
مكثت طويلاً وحبل الصمت يطوق لساني ويرسلني إلى حيث لا أدري.
نظر إليَّ وهز رأسه الشامخ بازدراء وبأسى نظر قليلا ثم نهض من مكانه راحلاً بعيداً عني ليأتي الفجر وتنبلج خيوطه معلناً قدوم النهار مجدداً.. رحل دون ان يخبرني متى يعود؟
ربما لن يعود؟!.. ربما لن يعود؟!
|