لما هو آت
إليكِ... تدكين الخليَّة!
د. خيرية السقاف

إليك وقد هدَّ الصَّمت ضجيج الكلام...
وضجَّ كلامُ الصمت...
وهنُّ يدلفنَ إلى خارج البوابات...، يلتحفن أغطيتهن، ويندرجن في ملكوت الخليَّة...، يعملن... يحصدن العسل...
أيُّ فرحة بهنَّ وهن يتطاولن أسوار الجهل، والصَّمت، والخوف؟
إليكِ وقد كنتِ تحملين عصاكِ وتضربين بها، تدكِّينَ الأرض...
تسمعكِ الجوارحُ...، وهنَّ ينكفئن على الوقود، يخبزن الأرغفة...
كنتِ تقولين:
الرغيف الذي لا يُغذِّي العقلَ...
لا يشبعُ البطنَ...
وتحولت عصاتُكِ ذات يوم إلى سكين...
مزَّقت بها ذلك النِّطاق، الذي كانت تلفُّه النساءُ حول رؤوسهن، وعلى بطونهن،
كنت تطلقين لطائر النور أن ينثر الضوء، في درب الأرغفة...
كي تنتشرَ حول العقول، والبطون...
الآن، النساء وهنَّ يدلفن إلى داخل البوابات، يعتمرْن العجين، وقد امتلأت رؤوسهن بفتائل الأفران، وشرارات الخَبْز...
فمن لا يشهد بأنَّ العقول تشهدُ، بمثل ما تشهد البطون، بتوافر الأرغفة؟!
من لا ترتفع أرنبة أنفه تنوف فرحاً بنثرات النور في الدروب الطويلة؟
بالأمس أحدِّثك:
التقيتهنَّ فوق المنصَّات الرَّفيعة...
استمعت إليهنَّ ينثرن الدرَّ...
ويبسطن العقل...
ويفْرغن الوعي...
تطاولت بهن عالياً أبعد من مواقع المدارس، والمصحَّات، والجامعات.
فرحت بهن.. فرحت...
تذكَّرْتُكِ، وأنتِ تحملين على جهل النفس، وجهل العقل، على فقر القلب
في الرأس والصدر...
تدكِّين بعصاتكِ...
تطرقين بها...
توقظين بقرعها...
كي تفتح النوافذ، وتتسع المنافذ، وتنبسط الدَّواوين...
وتعمل الخلية...
هن اليوم يحصدن العسل...
هن اليوم يعدن عصاتك إلى غمدها...
الرغيف الذي أطعم الفم...
أطعم العقل...
تلك لعمري ثمرة الأفران!
يا نوَّارة...