* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
أثار تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الألماني والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي أعده فريق مستقل من الباحثين العرب ولا يعبر عن سياسة برنامج الأمم المتحدة الألماني كثيراً من النقاش والجدل حول واقع التنمية الإنسانية العربية وتناولت الصحف والمراكز البحثية التقرير كنوع من الجلد للذات وهو ما دفع الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى دعوة الخبراء لدراسة التقرير، كما تم تداول التقرير بين خبراء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية. فبماذا انتهى خبراء الجامعة العربية ومجلس الوحدة نحو التقرير؟ وما هي أهم النقاط التي شملها التقرير؟ أكد التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الألماني أن الناتج المحلي لكل الدول العربية يبلغ 2 ،531 مليار دولار أي أقل من دخل دولة أوروبية واحدة كأسبانيا والبالغ ناتجها المحلي الإجمالي 5 ،595 مليار دولار.
وأشار إلى أنه ما زالت معدلات النمو راكدة وعرضة للتقلبات في أسعار النفط رغم برامج التثبيت الاقتصادي في التسعينيات والتي أدت إلى خفض التضخم وتقليص عجز الموازنة في كثير من البلدان العربية واوضح أن الدخل الحقيقي للمواطن العربي انخفض إلى 9 ،13% فقط من دخل المواطن في منطقة منظمة التعاون والتنمية في أواخر التسعينيات وأنه ما زال واحد من بين خمسة من العرب يقل دخله عن دولارين في اليوم وما زال فقر القدرات اكثر استشراء بسبب ارتفاع نسبة الأمية وانحسار فرص التعليم والتعلم.
نقص الحرية
كما أن معدل نمو الدخل للفرد العربي الأقل في العالم ما عدا افريقيا وجنوب الصحراء حيث لم يتجاوز نصف بالمائة سنويا خلال العقدين الماضيين.
وإذا استمر على هذا فيحتاج العرب إلى 140 سنة ليضاعف دخله في حين يستطيع المواطن في مناطق أخرى من العالم مضاعفة دخله مرة كل عشر 5 سنوات، اظهر التقرير الألماني أن المجتمع العربي يعاني من نقص في الحرية وأنه ما زالت منظمات المجتمع المدني تعاني من عقبات تحد من إنشائها وعملها، واوضح أن استخدام طاقات المرأة العربية اكثر تدنيا في العالم فالمرأة تحتل 3 ،5 % من مقاعد البرلمانات في الدول العربية مقارنة بحوالي 11 % في أفريقيا جنوب الصحراء و12 % في أمريكا اللاتينية والكاريبي، وما زالت واحدة من كل امرأتين عربيتين لا تعرف القراءة والكتابة، واوضح التقرير معاناة المنطقة العربية من نقص في المعرفة، حيث شكلت النفقات العلمية عام 1996 نسبة 14 ،0% من الناتج المحلي الإجمالي العربي مقارنة بنحو 26 ،1% لكوبا و9 ،2 % لليابان والاستثمار في البحث والتطوير اقل من سبع المعدل العالمي، واستخدام المعلوماتية أقل حيث لا تتجاوز نسبة مستخدمي الإنترنت 6 ،0% ويملك 2 ،1 % فقط من المواطنين العرب حاسوبا شخصيا .
مطالب التقرير
وبحث الحكومات العربية تقرير برنامج الأمم المتحدة الألماني على النشر الكامل للتعليم الأساسي وإطالة مدته الإلزامية إلى عشر سنوات على الأقل واستحداث نسق مؤسسي لتعليم الكبار ودعم التعليم الذاتي، وزيادة حصة البحث والتطوير لتصبح 20% من الناتج المحلي الإجمالي والاستثمار في الكوادر البشرية المتخصصة في مجال الحاسوب، وتعبئة القطاع الخاص من خلال سياسة مرنة ومحفزة بالإضافة إلى الانفتاح والاندماج البناء في الاقتصاد العالمي، وحشد موارد الدولة لمحاربة الفقر، وإلغاء السياسات المثبطة لخلق الوظائف في خطوة نحو التشغيل الكامل كما يحث على إيجاد حل عادل وشامل للصراع العربي الإسرائيلي وينتهي التقرير إلى أن الأقطار العربية تقف عند مفترق طرق والخيار الأساسي هو هل تستمر حركة المنطقة العربية في التاريخ محكومة بالقصور الذاتي أم سيقوم مشروع للنهضة غايته زاهر لأبناء الوطن العربي .
لا يعبر عن الواقع
دعا معالي عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية كبار المسؤولين والخبراء في الدول العربية لمناقشة التقرير وتم ذلك على عشر جلسات وأكدوا على أهمية التكامل العربي ودوره في التنمية، وأن التحريات التي تواجه السلام والتنمية، وأن التحريات التي تواجه السلام والتنمية تتركز في التحرر من الخوف والتحرر من العوز . وأشاروا إلى أن منهجية التحرير وأدوات التحليل أغفلت التعبير عن واقع الريف وواقع الفروقات بينه والحضر كما أن تفاوتات أوضاع الدول العربية وخصائصها جعلت التقرير غير معبر عن الأوضاع بالنسبة لعدد من البلدان العربية ولا يظهر الصورة الحقيقية للتباين الموجود داخل بلادنا العربية كما أن مؤشر الحرية المنقول عن مؤسسة فريدوم هاوس مؤشر خلافي ولا يجوز اعتماده كمؤشر أساس لقياس التنمية .
وجاءت ملاحظات الخبراء حول مصادر البيانات متمثلة في عدم الاعتماد على المصادر الوطنية الرسمية بشكل كافٍ وضعف حداثة البيانات المستخدمة، ومحدودية الإفادة من قواعد البيانات المتوفرة لدى جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات العربية المتخصصة بل إن بعض البيانات المنشورة مخالفة للواقع وأوصى المشاركون بتطوير ما هو قائم من قواعد بيانات لدى جامعة الدول العربية بحيث تصبح قاعدة بيانات عربية شاملة.
وحث الجهات المعنية في جامعة الدول العربية على استمرار إطلاع المنظمات والهيئات الدولية بالجهود العربية المشتركة في مجالات التنمية البشرية في الوطن العربي والعمل على إيجاد آليات للتنسيق والتكامل بين المصادر والتقارير الصادرة عن الجهات الوطنية والإقليمية والدولية عند إعداد التقارير القادمة .
سلبيات ومبالغات
وذكر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية سلبيات ومبالغات جاءت في التقرير منها أن النمو السنوي لاقتصاديات الدول العربية ليس متدنياً بالصورة التي وردت بالتقرير، وأن المرأة العربية ليست بالصورة السلبية خاصة أن معظم الدول العربية صادقت على المواثيق والاتفاقيات الدولية العربية في تقدم مستمر وسريع وليس كما ذكر. وأشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربي من خلال استكمال منطقة التجارة الحرة العربية إلى تفعيل السوق العربية المشتركة، وإقامه اتحاد جمركي عربي، وإقامة منطقة استثمارية عربية ومنطقة تكنولوجية والتنمية العربية المشتركة والتنمية الإنسانية .
|