اذا ما صدقت رواية الديلي ميرور البريطانية عن اعتقال القوات الامريكية وزير اعلام نظام صدام حسين، محمد سعيد الصحاف تكون نهاية مرحلة الاعلام الشمولي في العراق قد وصلت الى نهايتها.
فالصحاف الذي كان كثير من المشاهدين ينتظرون «هَلَّته» من المحطات الفضائية العربية للاستمتاع ب«نمرته» الكوميدية رغم علمهم بكذبه.. أو مبالغاته على أقل التقدير.. إلا أنهم كانوا يتعاملون مع أكاذيبه على طريقة الفيلم المصري «أنا لا أكذب.. أنا أتجمل».
والواقع أن محمد سعيد الصحاف أدى دوره بنجاح كصوت لسيده، فمثله مثل كل وزراء الاعلام في الأنظمة الشمولية كان يؤدي ما هو مطلوب منه في الدفاع بسلاح الاعلام عن نظام يواجه حرباً لإلغائه.. فماذا عساه يفعل؟!! هل يذكر الحقائق فيكون مصيره مثل مصير غيره ممن وجدوا في المقابر الجماعية.. أم يتخلى عن منصبه والنظام الذي تربى بين أحضانه يتعرض لحرب..؟.. بالطبع لا يمكن ان يقدم على ذلك، أولاً لأنه ابن النظام ولا يمكن ان يعيش خارجه، ثم إنه حتى لو تخلى عن منصبه في وقت الحرب، فإن مصيره سيكون القتل كأقل شيء يواجهه.
إذن فعليه أن يواجه مصيره كأحد أبناء النظام، وأن يؤدي دوره مثل كل وزراء الاعلام الآخرين في مثل هذه الانظمة التي ترى أن كل كلمة أو تصريح يحد من معنويات المقاتلين.. او يثبط عزائمهم حتى وإن كانوا يدافعون عن نظام ظالم خيانة يتوجب أن تواجه بالاعدام.
والصَحَّاف مثله مثل كل وزراء الاعلام السابقين.. ومثل كل من مارس الاعلام الجماهيري في اوقات الحروب.. عليه ان يمجد معارك قائده حتى وإن كان أشاوس صدام يهربون وبعضهم يعقد صفقات الخيانة ويفضل تسليم عاصمة الرشيد .. كان يتكلم عن «العلوج» في حين كان «العلوج» الحقيقيون هم أبناء عم صدام حسين .. وقد يكون الصَحَّاف علم مؤخراً.. ربما بعد تسليم بغداد أن علوج تكريت قد باعوا عاصمة المنصور .. فهل يصحح أقواله بعد هذه الحقيقة المرعبة.. أم أنه لا يزال حبيس علوج تكريت فكرياً ويظل وفيّاً لصنمه.. مثلما بقي غيره ممن مجَّدوا أصناماً آخرين بقوا أوفياء لهم.. وظهروا مدافعين عن الصَحَّاف لأنه أعاد لهم الاعتبار بعد أن كرر نسختهم التي صدمتنا في حرب 1967م.
الصَحَّاف نسخة مكررة لوزراء إعلام عرب خدعوا الجماهير العربية إرضاءً لأسيادهم وسوف يظهر بعده كثيرون مثله طالما بقيت الحقيقة غائبة .. وأصنام الزعماء منصوبة في العديد من العواصم العربية وغير العربية.
|