* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور:
الترجمة الادبية أحد أهم الجسور التي تعبر عليه صورتنا للخارج فمن خلال الترجمة تنتقل عاداتنا وتقاليدنا وكثير من قسمات حياتنا الى الغرب ولكن قد يتم تشويه هذه الصورة ليأخذ العرب عنا صورة زائفة وعلى غير الحقيقة مما نعيشه في واقعنا، من هنا تأتي خطورة الترجمة في الوقت الذي يعاني فيه العالم العربي صورة مشوهة في خضم الاحداث الاخيرة من هجمات 11 سبتمبر وحرب افغانستان وحرب العراق تأتي ضرورة تصحيح هذه الصورة ولان الترجمة عامل هام واساسي في هذا الاتجاه عقدت لجنة الترجمة التابعة للمجلس الاعلى للثقافة بمصر ندوة موسعة عن ترجمة الآداب الشرقية للغات شارك فيها حشد كبير من الباحثين والمفكرين.
اكدت الندوة على ان ترجمة الادب العربي الى اللغات الاخرى لها تأثيرها الكبير في قضايا الحوار العربي الغربي او قضايا العلاقة الشائكة والمعقدة بين الانا والآخر. وحول الصعوبات التي تواجه حركة الترجمة قال الدكتور شوقي جلال ان حركة ترجمة الادب العربي في الخارج يشوبها الكثير من القصور وذلك لان قنوات الاتصال مع المراكز الثقافية الاجنبية بالغة الضعف وقال رغم وجود بعض المواكبات مع التقدم العلمي التكنولوجي الا انه لا يزال يوجد عبء كبير على المترجم لدينا الذي يقع عليه الدور الاكبر في عملية الترجمة وذلك في ظل وجود مشروعات للترجمة تتولاها مؤسسات عبر القارات هذه المؤسسات تقوم بالترجمة لاكثر من لغة وهي قادرة على توزيع ترجماتها بشكل جيد ويجب التنسيق مع هذه المؤسسات.
من جانبها قالت الدكتورة منى احمد حامد ان من الصعوبات التي تواجه عملية الترجمة استخدام مزيج من الفصحى والعامية في لغة الرواية الى جانب نقل الامثال والتعبيرات الشعبية الشائعة الى اللغة العربية مع اختلاف البيئة والثقافة وهو الامر الذي يتطلب البحث عن السبل المناسبة لتوافق الترجمة لهذه البيئات ففيه الترجمة ليست فقط ترجمة النص او نقله نقلا حرفيا وانما تحقيق الاتصال بين النص المترجم وبين القارىء.
تناولت الندوة التي استمرت ثلاثة ايام عدة اوراق بحثية مهمة فعن رسالة الطير لابن سينا اكدت الدكتورة اكرام محمد سكر في ورقتها البحثية ان من الرسائل التي كان لها تأثير كبير في الآداب الغربية رسالة الطير لابن سينا 1037م وهي من الاعمال القصصية ذات الطابع الفلسفي والتي سلك فيها ابن سينا مسلك التعبير الرمزي في بيان فلسفته حيث اوضح موقف الانسان في الحياة وانه اسير البدن ويحتاج الى ان يخلص نفسه من هذا الاسر ليصل الى الخير الالهي والرسالة منسوجة في قالب قصص يتخيل فيه ابن سينا نفسه طائرا في سرب طيور تطاردها جماعة من الصيادين فتقع في شراكهم وتحاول الخلاص حتى تنجح مجموعة منها في تخليص رؤسها واجنحتها الا ان قيود هذه الشراك تبقى عالقة في ارجلها فتطير مجتازة تسعة جبال شواهق وهناك نجد من يرسل احد معها ليخلص باقي المجموعة وقد كان لهذه الرسالة تأثيرها في الادب العربي وغيره من الآداب ففي الأدب العربي تأثر بها الغزالي وكتب رسالة بالعنوان والمعنى نفسيهما وان اختلفت في تفاصيل السرد والقصص وفي الادب الفارسي استفاد من فكرتها فريد الدين العطار في القرن 12م ووضع رسالته منطق الطير واستخدم فيها الطير رمزا للسالكين من اهل الصوفية اما في الادب العبري فقد حظيت هذه الرسالة بمحاكاة دونها الياهون موسى بن بشم هكوهين عام 1276م وكانت هذه المحاكاة العبرية تدل على ابداع الفعل العربي وهذه تعد شهادة صادقة على مكانة القصص العربي الاصيل في التراث الانساني العالمي.
وحول فضل الادب العربي بكل ما يحتويه من تراث الى نشأة القصة والادب الغربي اكد الدكتورة يحيى داود عباس في بحثه ان الاداب الشرقية ممثلة في العربية والفارسية والتركية والاردية لها فضل كبير في انتقال بعض الشخصيات الادبية الشرقية مثل شهرزاد ومصدرها الاول هو كتاب الف ليلة وليلة بمصادره المتعددة الهندية والفارسية والعربية واليونانية وكان هذا الكتاب قد ترجم الى الفرنسية عام 1704م وتداولت الترجمات بعد ذلك لتشمل معظم لغات العالم كذلك شخصية مجنون ليلى قيس بن الملوح وقد انتقلت من العرب الى الآداب الفارسية والتركية والاردية ويرجع الى نظام الكنوجي شاعر اذربيجان المعروف فضل ادخال القصة في مجال الفارسي من الحب العذري الى العشق الصوفي وعن الفرس اخذ الاتراك والهنود فكرة نظم ليلى والمجنون كذلك شخصية جحا ابو الفتوح السكندري بطل المقامات التي كتبها بديع الزمان الهمذاني وهو يمثل طائفة من الادباء الصعاليك او الذين ينشدون ادبهم بالاستجداء.
|