الأستاذ محمد بكر سندي من كبار موظفي القسم المالي بالمؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية يتردد على المكتبات الكبرى في الرياض للبحث عن مراجع وقواميس اقتصادية، حيث وصل الى الرياض آتياً من جدة لهذه المهمة، وقد انس مكاتب هذه الجريدة بزيارة قصيرة فأهلاً به.
النقد مسؤولية صعبة ولذلك لم يقم بها إلا الأبطال الواثقون من أنفسهم تمام الثقة والذين هدفوا من ورائه الصالح العام.
فالنقد يضع الانسان أمام ضميره ويقصى كل ما دون ذلك بعيدا.. ولذلك لم يحترفه إلا اولئك الذين جعلوا وازعهم الوحيد وحكمهم والشاهد عليهم ضميرهم.. فالضمير ابداً لا يخطئ.. الضمير ينبه ولكن من يتسجيب له؟؟ هنا تتحدقيمة الانسان بمقدار تعامله مع ضميره.. ولكن مع الأسف ان كل مفهوم النقاد للنقد عندما ابتعد عن قواعد النقد الحقيقية.. وانقلب النقد عندنا الى هجاء.. والهجاء في مضمونه يحوي ابشع الاساليب من سقط الكلام الذي غالبا ما يدل على أخلاق كاتبه.. فالنقد الذي نراه على صفحات جرائدنا ما هو إلا هراء يجر الى بذر الاحقاد وان كان بخير مقصود، وهؤلاء النقاد انما يبحثون عن الشهرة ولو على حساب قرائهم.. فهم يمتطون صهوة العصب، والتعصب، كما قيل - لا يند إلا بالتعصب.. ونقادنا بكل أسف - ولعنة الله على هذا الاسف - يثرثرون بكلمات عشوائية لا تمت الى اسلوب النقد بشيء.. بل ان النقد الحقيقي ليتبرأ منها.. وقد تصل كلمات نقادنا - سامحهم الله - الى حد المهاترات، بل احيانا اللعنات التي ليست في الواقع إلا دليل مادي على أهداف شخصية مقصودة. فماذا لو ان نقادنا كبحوا جماح عواطفهم ورجعوا الى الاصول النقدية وانقذوا النقد من هذه المهاترات الشخصية. ان النقد في مفهومه هو دراسة النص الأدبي واظهار قيمه الفنية والبحث عن مواطن الزلل فيه.. ومن الناحية الموضوعية والفنية، وبالتالي تصويب وتوجيه الى طريق مستقيم.
ومهمة الناقد الأمين هي اظهار قيمة المقال او الكتاب او ما يعطيه من نتائج يكون المجتمع بحاجة اليها، والناقد الأمين هو الذي يرتفع بشخصه فوق الاحقاد الشخصية فينقد الموضوع قلبا وقالبا، ومرجعه في ذلك ضميره وثقافته. والنقد الوجيه هو النقد الانساني او كما يقول سلامة موسى: ان النقد السديد للأديب هو النقد الاجتماعي.. أي يجب ان نسأل الاديب ما هي خدمته للشرف والانسانية.
فيا اخوتي النقاد: هلا تركتم المهاترات والأحقاد الشخصية جانبا وتمسكتم بأصول النقد الفني الانساني الذي ينير لنا طريق مسيرتنا الحضارية التي تسيرها أمتنا العربية وسط جو حالك مليء بالآلام والمصاعب ووفق خط زرعت فيه الكمائن.
هلا قال بعضكم لبعض مثلما قال فولتير عن روسو: لست أوافقه في كل ما يقول لكنني اشجعه بأن يقول ما يريد.
كلمة أخيرة يا اخوتي النقاد: اعطونا نقدا موضوعيا ونضمن لكم أدباً حقا وبالتالي مجتمعا واعيا فاهما لكل ما يدور حوله!!
|