حين تشعر بمرارة الحرمان.. وبقسوة الزمان.. وبالجحود والنكران وحين يتكدر صفو عيشك.. وتصبح الآلام ملازمة لك.. والآهات طبيعتك.. والجراحات صديقتك..
وحين توأد حريتك.. وتحبس الدموع داخلك.. ويقسى عليك وتكبل تحركاتك.. ويقتل الأمل داخلك.. ماذا أنت فاعل؟ وهل الكلمات بكل ما تحمله من معاني الحرمان والآلام والأحزان ستدافع عن ذاتك؟ وهل أسطرك تلك التي تسطرها بلون داكن وهم دائم ستمحو آهاتك و ستزرع البسمة على شفاهك؟
نقاش حاد دار بيني وبينك يا قلمي؟
ماذا أكتب ومن يقرأ لي؟
من يشعر بمعاناتي غير ورقتي وقلمي؟
من يمسح الدمع من عيني؟
من يقف معي في محنتي؟
آه ثم آه يا قلمي.. إنك صديقي الوحيد في خلوتي أضغط عليك فلا تأبه وأفرج عن جوع مشاعري بك فلا تغضب وأسامرك فلا تتعب!!! ألمي يغضبك ويقتلك بل يدكن لونك ويحزنك فأنت معبر بليغ وناقل أمين ومترجم لمشاعري واحساسي.
لولاك يا قلمي.. بعد خالقي.. لأصبحت سجينة الحياة رهينة الآلام ولكن حين أحاورك وأناقشك وأسطر بعض كلماتي بك تخفف لوعتي.. وتهدئ روعي.. وتنزف حبرك على قدر نزف دموعي..
وما جراحاتي النازفة إلا مداد لك لتسطر بلون دمي حزني الذي لا ولن يتجلى مني ما دمت أشعر بغربة الزمان والمكان داخل مجتمعي..
ما أصعب يا قلمي أن تشعر بالغربة وأنت في مجتمعك وبين أهلك وعشيرتك؟
وما أقسى أن تصاب في مقتل من أقرب ما يكون منك؟
وما أشد أن تخان ويغدر بك؟
فظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند
أتراك يا قلمي تعي ما أقول؟.. وتحس بما يدور داخلي ويجول؟
إنني أرى أنك يا قلمي وفي زمن قل فيه الأوفياء وكثرت فيه رماح النكران وسهام الخيانة وسيوف الغدر هكذا أراك يا قلمي. لذلك أصبحت رفيقي الدائم وأنيسي الملازم.. فأنت في هذا الزمن احتضنك بالذات خير من ألف صديق فأنا أحتضنك لأني أحب ثرثرتك على وجه الورق وانسكاب مدادك على هذا الطرس..
أنت خير من ألف صديق لأنك تفرج كربي.. وتلملم جراحي.. وتهدئ روعي فمشاعري وأحاسيسي سجينة ولم تجد لها متنفساً إلا عن طريقك فحينما تجتاحني الخطوب وتطوقني الأحزان.. أسارع لاحتضانك لأنك طوق النجاة بالنسبة لي.. فهل اقتنعت الآن وأيقنت بأنك خير من ألف صديق؟ وستظل صديقاً وفياً لي ما حييت فشكراً شكراً لك ما بقيت.
|