نصف الكوب ممتلئ بالقهوة..
ونصف الكوب ممتلئ بالحليب..
ويدٌ تمتدُّ بنصفه..
ويدٌ تمتدُّ بالنصف الآخر..
وثمَّة ذائقة تفصلُ بين رائحة القهوة، وطعم الحليب..
أصابعُ قدمٍ، تخرجُ من طرف الحذاء..، تبحثُ لصاحبها موقعاً كي يدكُّ فيه قدمه..!!
لم تكنْ بصمةٌ تلك التي تركتها أصابعُ يدٍ ملوَّثةٍ بالقهوة، قبل أن تستوي شراباً ساخناً..
ولا كانت بصمة شفةٍ رشفتْ من الحليبِ قليلاً، ثمَّ تركته يبرد..
ذات لحظةٍ..
تداخلت فيها أكوابُ الشاي، والقهوة، والحليب مفرَّغة، في مغطس كي تنجلي...
وذات لحظةٍ..
تداخلت مياه طينيَّة اللَّون، بعد عاصفَ سيلٍ، وجارفَ هواءٍ!! في مستنقعٍ زُجَّت فيه أقدامٌ، تطلُّ أصابُعها من أطراف أحذية ممزَّقة، والرؤيةُ حين تتداخلُ، ولا يفصل المرءُ بين ألوان الأشياء، هي ذاتُها لحظةُ البدء كيف يفكِّر؟، وحين يبدأ التَّفكير فإنَّ ترتيباً حتمياً سوف يحلُّ، وحين يحلُّ التَّفكير، ويبدأ التَّرتيب، فإنَّ المغطس سوف تُخرجُ منه أكواب الشاي، والقهوة، والحليب، نظيفة، لكنَّها مهيأةٌ لأن تُملأ بأيِّ سائل..، لكنَّ لا أحد بإمكانه أن يفصل مكوِّنات الشاي، والقهوة، والحليب، التي اختلط ماؤها..
تماماً فإنَّ ترتيب مستنقع الطَّمي، لا يمكنه أن يتجزأ إلاَّ عندما تتسرَّب المياه إلى الجَّوف..، فإنَّ ثمَّة من سيخرجها ليسقي بها إمَّا الأرض، وإمَّا البطون!
رواؤها لا تثريب عليه...، فالمياه الخارجة من جوف الأرض لا يتمُّ التَّفكير في «أينيَّتها»..! فهي مصفَّاة، نقيَّة، قادمة من الجَّوف!
أنصاف الأكواب...
وامتداد الأيدي..
ولصوصية أصابع الأقدام
ومياه المغطس، ومستنقع السَّيل..
تداخل الأفكار.. واضطراب الأسباب، وتباشير التَّفكير، واستهلال قدوم التَّرتيب..
وثمّة من يقف على شارفة كلِّ شيء، كي يفصل بين الحدِّ والحدِّ...
ولكن إلى أيِّ حدٍّ؟
|