Wednesday 25th june,2003 11227العدد الاربعاء 25 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مساوئ أمريكا جمّلت وجه صدام! مساوئ أمريكا جمّلت وجه صدام!

- بعد شهرين على سقوط نظام صدام حسين، بات قادة الأحزاب الوطنية العراقية، ومن بينهم السبعة الذين شكلوا الهيئة العليا، باتوا على يقين من إن الوعود التي قطعتها لهم واشنطن قبل الحرب، غير قابلة للتحقيق بعد الحرب، وقد أثبتت الاجتماعات المطولة التي عقدها جي كارنر وبعده بول برايمر مع الساسة العراقيين أنها لا تعدو كونها مماطلة لن يتحقق من ورائها هدف واحد من الأهداف التي يصبو إليها العراقيون.
- لقد استعار الأمريكان في تعاملهم مع «هيئة السبعة» مقولة للروائي العربي المعروف عبد الرحمن منيف إذ ينصح بطل إحدى رواياته صديقاً له بالقول «اذهب معه حيث يريد... وانتهِ به حيث تريد» فبرايمر وقبله كارنر ذهبا مع قادة الأحزاب حيث يريدون،فوعدوهم بتشكيل حكومة انتقالية بأسرع وقت، وتعهدا لهم بحل المشكلات الأساسية التي خلفتها الحرب والتي تحولت الى كابوس لا يقل رعباً عن كوابيس النظام السابق، لكن الأمريكان كعادتهم، يصدرون شيكات من غير أن يكون لها أغطية في البنوك، ولا يهمهم ماذا يفعل من حُرِرَتْ تلك الشيكات لحسابهم!
- على أن قادة الأحزاب العراقية، وقبلهم الشارع العراقي قد تيقنوا بأن الوعود الأمريكية إنما هي شيكات بلا رصيد، وأن لعبة المماطلة والتسويف ستنتهي الى حيث يريد الأمريكان لا الى حيث يريد العراقيون، ولا أحد يستطيع التحكم بمسار هذه اللعبة أو اتجاهاتها سوى الأمريكان أنفسهم، لأن الطرف الأخر مُسَيّر لا مُخَيّر، يصغي ولا يتدخل، يوحى إليه بالتلميح وإذا استغبى أو تغابى فباللوم والتقريع الصريح.
- هاهم أعضاء «مجلس السبعة» الذين اختارتهم أمريكا لتمثيل الشعب العراقي قد وضعوا بين نارين، فلا هم قادرون على إلزام واشنطن على تنفيذ وعودها وتعهداتها للعراقيين بتوفير الأمن والخبزوالديمقراطية، وتأسيس حكومة يختارها الشعب، ولا هم مستعدون لفك الشراكة أو التبعية للبيت الأبيض، فلم يعد أمامهم إذن سوى أن يصبروا ويصابروا، أن يوهموا أنفسهم ومؤيديهم بأن «نوايا الأمريكان طيبة لكن معالجاتهم للمشكلات بطيئة» كما قال أحد أبرز عرابي أمريكا، وأكثر زعماء الأحزاب السياسية اندفاعاًً وراء «الوهم» الأمريكي!
- محنة «السبعة» المبشرين بجنة واشنطن أن رصيدهم من المصداقية السياسية بدأ يتآكل،خاصة وأن نشوة الإطاحة بصدام حسين ونظامه قد انقشعت، وصحا المهووسون بالحلم الأمريكي على واقع أشد مرارة من دكتاتورية صدام، وأكثر قسوة من همجية البعث.
- أما الانتقادات التي أخذ بعض قادة الأحزاب السياسية بتوجيهها الى واشنطن فانها محاولة للإيحاء للشارع العراقي بأن القوى الوطنية بمستطاعها أن تقول للأمريكان «لا» وإنها ترفض التوقيع على ورقة بيضاء تملؤها الإدارة الأمريكية بشروطها لاحقاً.. لكن هذه الانتقادات حتى وإن تجاوزت الحدود المسموح بها فإنها لا تكفي لامتصاص شحنات الغضب التي ملأت الصدور من الخداع الذي يمارسه الأمريكان مع العراقيين.
- في الأيام والأسابيع القليلة التي تلت العمليات العسكرية لم يكن بمقدور أحد أن يصف قوات التحالف بأنها قوات احتلال، ولم يكن الأمريكان ولا البريطانيون هم المعترضين على هذا الوصف بل أن بعض رموز الحركة الوطنية العراقية ومن يلتف وراءها هم الأكثر تطرفاً في إضفاء صفة «التحرير» على القوات المحتلة، وطغت نغمة «تحرير العراق» على كل ما يقال وينشر في وسائل الإعلام العراقية والعربية المتأمركة ومن بين أكثر من 72 صحيفة، يومية وأسبوعية، تصدر في بغداد اليوم، لا توجد ثمة صحيفة واحدة تتعاطى مع كلمة «الاحتلال» والغريب في الأمر، أن بعض الساسة العراقيين ما زالوا يتحفظون على وصف قوات التحالف على أنها قوات احتلال حتى بعد أن اعترف الأمريكان أنفسهم بأنهم محتلون ووصف قرار الأمم المتحدة 1483 تلك القوات بأنها قوات احتلال!!
- وما تكظمه نفوس «السبعة» قد فضحته ألسنتهم فهذا جلال الطالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وأكثر المتحمسين لخيار الحرب يقول: إن المماطلة الأمريكية تثير الارتياب في قوات التحالف وتنعكس علينا كشركاء فنحن نتعرض للاتهام بأننا نقصر في واجباتنا، أما آية الله محمد باقرالحكيم فقد ضاق ذرعاً بالوعود الأمريكية، فأعلن أمام عشرات الآلاف من مؤيديه في كربلاء قلعة الشيعة في العراق «أن العراقيين قد بلغوا سن الرشد، فلماذا لا يحق لهم أن يقيموا حكومة ويديروا شؤونهم بأنفسهم ؟».
- والسؤال هو : هل ستجد واشنطن حكومة عراقية تنسجم مع مزاجها، وتتلاءم مع مقاساتها ؟ أم أن عناصر تلك الحكومة مازالوا لم يظهروا بعد وأن إدارة بوش تنتظر «بروز أحزاب سياسية جديدة» كما صرح بذلك برايمر علها تجد في تلك الأحزاب ضالتها.. وحتى تظهر تلك الأحزاب سيظل 25 مليون عراقي يحتكمون الى شريعة الغاب، ويفصل بينهم قانون الثأر، وناموس الانتقام.. حتى أن بعضهم بات يتمنى أن يعود صدام بكل عوراته ومساوئه!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved