* لمياء الزيادي الطائف:
من الظواهر التي بدزت تتفشى بشكل محلوظ في السنوات الأخيرة ظاهرة التباين في الآراء أو الخلاف الذي تشهده صفوف المدارس بين الطالبة والمعلمة ذلك الصراع الذي لا نرى فيه أي نوع من التكافؤ والذي يكنله في اغلب الأحيان نتائج عكسية سلبية على الطالبة.. ترى ما هي الأسباب التي تدفع الطالبة لأن تتخذ المعلمة نداً لها دون المبالاة فيما سيحدث؟ وما هي ردود الفعل العكسية وكيفيتها من قبل المعلمة؟ وإلى أي مدى يصل بهما ذلك الصراع أو الخلاف؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «الجزيرة» على العديد من الطالبات والمعلمات والمسؤولات في دور التعليم وكانت ردود الفعل في سياق الحوار التالي:
عارضات الأزياء
* بالطالبة الجامعية نوف الحارثي أعربت عن استيائها وأسفها لما باتت عليه معلمة هذا الجيل حيث تقول إن المعلمة لم تعد كسابق عهدها كما علمنا من أخواتنا وأمهاتنا فالمعلمة لأتأتي إلا لتأمر وتنهي وتعرض زينتها كعارضات الأزياء في الدرجة الأولى ثم تنظر بعدذلك الى رسالتها التعليمية أو المهنية.. بل إن بعضهن يطالبن الطالبة بالتحضير والشرح لزميلاتها نيابة عنهن وهي تجلس في مكانها كضيفة شرف إضافة الى الاستهزاء والسخرية من الطالبات والمهاترات التي لا داعي لها ولا تتماشى مع القيم والمبادىء التي نتعلمها من الكتب من خلال المعلمة فالمعلمة تقول مالا تفعل فكيف تستحق احترامنا وهي بهذه الصورة وليس هذا فحسب بل إن بعض المعلمات يحاولن التضييق على الطالبة بأقصى حد ممكن ويتعاون على ذلك حتى تمل الطالبة وتتمالكها عقة نفسية من المدرسة فتضطر الى الانسحاب إلى مدرسة أخرى أو تفضل المكوث في المنزل على أن لا تواصل مشوارها التعليمي.. قاطعتها قائلة: لكن لابد ان يكون هناك أسباب تدفع المعلمة إلى مثل هذه التصرفات؟.. جاوبتني قائلة: اذا كان هناك أسباب فالأسباب تافهة لا تذكر ولا يجدر بالمعلمة أن تعطيها شيئاً من الأهمية لاسيما أن المدارس لا تضم بين جوانحها سوى طالبات في مرحلتي الطفولة والمراهقة ونحن نعلم أن المرحلتين خاصة الأخيرة تحتاج إلى نوع من الصبر ونوع من الرقة في التعامل والتوجيه فهي مرحلة بناء الشخصية ثم لا ننسى ان الكلمة الطيبة لها الأثر الكبير الواقع الأكبر في نفوس الناشئة بشكل خاص، وبما أنني طالبة مدرسة سابقا فإنني أرى أن معظم الخلافات التي كانت تحدث لا يصنعها ولا يفخمها إلا المعلمات لاسيما منعدمات الثقة بأنفسهن.. أما طالبة المرحلة المتوسطة نورة الشريف فهي تلقي بجل سخطها وغضبها على ذلك العقاب الجماعي الذي تتخذه المعلمات تجاه الطالبات فتقول: انه عندما تحدث بع الطالبات أصواتاً وشغباً فإن العلمة تقوم بعقاب الجميع وهي بذلك ترتكب ظلماً خصوصا لو كان العقاب بخصم الدرجات.. كما انها تبدي استنكارها مما تلاحظه من بعض المعلمات من عدم الانصاف ومن تلك المعاملة الخاصة التي تعامل بها الطالبات اللواتي على صلة قرابة بهن دون المبالاة في مشاعر زميلاتهن ومن الصورة السيئة التي ارتسمت عنهن في أذهان الطالبات ودون مراعاة الأمانة التعليمية وحقوق الله قبل كل شيء.
وعن الأسباب التي تدفع الطالبة إلى الخلاف مع معلمتها.. قالت: جميع الأسباب التي ذكرتها لك كافية فكيف للطالبة أن تحترم المعلمة وهي ترى أنها غير جديرة بذلك وأنا لا أقصد جميع المعلمات فبعضهن يستحقن ثقتنا واحترامنا وإنما أقصد تلك الفئة التي تحاول زرع الشجار مع طالباتها وتتلاعب بتحصيلهن الدراسي وتلك الفئة التي تغلو كثيراً في فرض شخصيتها أمامنا وعلى حساب كرامتنا حتى ينفد صبرنا وتلك الفئة الضعيفة التي تساوي عقلها وعمرها بنا وتترصد لنا في كل صغيرة وكبيرة.
كما التقت «الجزيرة» بطالبتين كانتا على خلافات مع معلماتهما وكانت البداية مع ريم العتيبي والتي سردت لنا ما حدث بينها وبين معلمة اللغة العربية فتقول لقد كنت ولا زلت من الطالبات المتفوقات دراسيا وقد وصلت درجة تفوقي لتصحيح أخطاء بعض المعلمات أثناء الشرح وكثيرا ما كنت أجد الثناء منهن ولم أكن أعلم أن هذا الأمر سيحدث خلافاً بيني وبينهن فيما بعد.. ففي أحد الأيام حضرت إحدى الموجهات فأخطأت المعلمة أثناء الشرح فلفت انتباهها على الخطأ وتفادت الموقف أضمرت لي الشر مؤخرا.. قاطعتها قائلة: ولكن ألا ترين أنك بذلك قمت بإحراجها، أما كان هناك أساليب أخرى تلجئين إليها دون ان تلفتي انتباه المسؤولة كمخاطبتها بصوت خافت لاسيما إذا كان مقعدك في الصفوف الأولى.. فقالت: لم يخطر ببالي أن أقوم بذلك لتعودي على هذا الأمر ثم أنني لا أرى في ذلك عيبا أو حراماً بالعكس أنا بذلك اعطيت طابعاً حسناً عن معلمتي لأنني تلميذتها ثم من منا لا يخطىء أو ينسى ثم ان ردة فعلها كانت قاسية جداً وبطريقة غير مباشرة.. ولم تعاتبني ولم أر منها ما يثير ريبتي ولكنها تجاهلتني فيما بعد، وقد فسرت ذلك على أنها تعلم بمستواي وتترك المجال لزميلاتي في المشاركة ولكن كانت مفاجأتي عندما استلمت التقرير الشهري للدرجات ووجدت أنني محرومة من درجات المشاركة فذهبت للتأكد من الأمر فأخبرتني بأنني لا أشارك فقلت لها بأنك كنت تتجاهلينني وبعدلحظات من النقاش خفت أن يتحول العتب إلى شجار فعدت أدراجي حينما أيقنت بأنها تكن لي الحقد وهكذا استمر تجاهلها لي ولا تتذكرني إلا عندما أرفع يدي اعتقاداً منها بأنني لا أملك إجابة ولكن دائما ما كنت أخيبها.. وظللت احتمل ما أجده منها حتى وصل صبري إلى أقصاه فانفجرت براكين غضبي عليها عندما استفزتني في أحد الاختبارات الشفهية النهائية عندما جاء دوري طلبت مني بطريقة استفزازية أن أكون آخر من تختبر فقلت مالا تقوله طالبة لمعلمتها متهمة إياها بعدم الأمانة ولكن للصبر حدود فوصل الأمر إلى الإدارة وعاقبوني بالضرب وبكتابة تعهد فالمعلمة لديهم دائما على حق.
أما الطالبة مها العتيبي فقد حدث لها موقف مماثل مع معلمة التفصيل فقد ذكرت أن المعلمة قامت بتمزيق كراستها عندما أخطأت في الرسم ولم تكن كسابقتها تستطيع التحمل والصبر بل انفجرت في حينها فلاقت العقاب من إدارة المدرسة وحرمت من حضور باقي الحصص حيث تقول إن المعلمة تمتنع من شرح الدرس في حضوري وبذلك اضطر إلى الخروج كي لا أجد نظرة عتب ولوم من زميلاتي.. قاطعتها ولكن لماذا لم تذهبي للإدارة وتوضحي لهم ما يحدث فهذا مخالف للتعليمات؟ قالت: بصراحة أنا فضلت الخروج على الدخول لأنني أعرف أنني لا أمتلك نفسي عند الغضب حيث إنها لن تتركني وشأني بل ستحاول استفزازي.
الأدب والعلم
كذلك التقينا بعدد من المعلمات وهن الطرف الآخر في حوارنا وكانت البداية مع المعلمة نورة القرني حيث تحدثت عن الاسباب التي تدفع المعلمة الى الدخول في شجار مع طالباتها فقالت: أن الطالبة بتصرفاتها الهمجية وسوء أدبها تدفع المعلمة الى الشجار مع الطالبة واتخاذ العقاب الرادع بحقها لكي لا تعود الى تكرار ذلك مستقبلا وكي تكون عظة وعبرة لزميلاتها، وعن اساليب العقاب وماهي أنواع العقاب التي تتخذها المعلمة تجاه الطالبة التي تنتهج ذلك السلوك؟ قالت: تكون في الغالب إما بالضرب أو بالطرد من الصف أو كتابة التعهد أو اللجوء الى تحصيلها الدراسي اذا لم يجد معها سألتها: ولكن ألا ترين أنه ليس من العدل اللجوء الى الحل الاخير لأن التحصيل الدراسي ليس له علاقة بسلوك الطالبة؟ اجابت: ومن قال لكِ ذلك فالادب قد فضل على العلم ثم أن اللجوء الى التحصيل الدراسي أفضل من اللجوء إلى درجات سلوكها لأنها ستؤثر عليها سلبا في المستقبل فلن تقبلها اي مدرسة أو جامعة وهي متدنية في السلوك.
حالة عدوانية
أما معلمة علم النفس هدى الغامدي، فقد قسمت المعلمات الى ثلاث فئات في نظرها، فئة ظالمة وهي التي تبالغ في فرض شخصيتها وتحاول زرع المشاكل مع طالباتها لأتفه الاسباب وترصد لهن وهذه الفئة تعاني في نظري من حالة عدوانية وهي بالتالي ستخسر طالباتها وتخسر ثقتهن وتثير أحقادهن وليس مستبعداً ان تكون هنالك ردة فعل غاضبة من طالباتها ويحدث مالا تحمد عقباه أما الفئة الثانية فهي ذات الشخصية الضعيفة والمغلوبة على أمرها وهي تتمتع بطيبة زائدة للأسف تنعكس عليها سلبا في أغلب الأحيان، فالمعلمة اذا لم تفرض شخصيتها بحدود المعقول على طالباتها منذو البداية فعليها احتمال العواقب في النهاية.
اما الفئة الاخيرة فهي الفئة الغالبة التي تمتاز بشخصيتها الوسط فلا تبالغ في فرضها ولا تبالغ في تهاونها وهي سريعة التأثير على طالباتها وباتباعها اسلوب المساواة والعدل ومحاولة زرع الثقة في نفوس طالباتها وباداء واجبها بأكمل وجه وبمعالجة ما يتعرض لها بحكمة وعقلانية تستطيع أن تكسب ثقة واحترام الطالبات لأن هدفها الرئيسي التعليم وليس التنكيل وهذه الفئة في نظري لن تواجه اي نوع من المشاكل.
* وعن ما تردده الطالبات بأن المعلمة ليست كالسابق قالت إذا كانت المعلمة ليست كالسابق فالطالبات ايضا لسنا كالسابق فالطالبة كانت تحترم المعلمة لدرجة انها لا ترفع عينها عند مخاطبتها لمعلمتها وفي المقابل كانت المعلمة لا تبخل عليها بأي مساعدة إضافة الى أجواء المودة والصفاء والاحترام والرحمة الذي يجعل الطالبة تشعر بأن المعلمة أم ثانية لها والمعلمة تشعر بأن الطالبة ابنة لها وللأسف افتقدنا ذلك الجو الاسري التربوي.
مراهقة الطالبات
كذلك التقينا بالمشرفة الاجتماعية حصة السبيعي وتحدثنا اليها حول بعض النقاط في اطار الموضوع فعن الضحية في نظرها لمثل تلك الخلافات المعلمة أم الطالبة؟ اجابت: لا أستطيع ان أحدد ذلك فلكل حالة ظروفها فتارة تكون المعلمة وتارة تكون الطالبة، ولكن في أغلب الأحيان تكون المعلمة، فالمعمة عاقلة ورزينة وقد تجاوزت مرحلة المراهقة والتهور بكثير ولن تتصرف على هذا الأساس تصرفا يسيء اليها كمعلمة او يقلل من احترامها وإن حدث ذلك وهذا نادراً فإن المعلمة تعاني من خلل في شخصيتها او تعاني من حالة نفسية. أما الطالبة فهي على العكس تماماً لأنها مراهقة وسريعة التهور والطالبة في هذه المرحلة تحاول أن تبني شخصيتها وأن يكون لها مكانها أمام زميلاتها غير مدركة بأن هذا الطريق سيىء لاسيما إذا كان ذلك على حساب المعلمة ونحن نعلم ان المعلمة الهدف لمثل تلك الحالات لأن الطالبة تحاول أن تثبت لقريناتها أنها لا تخاف وأنها تتمتع بشخصية قوية دون المبالاة فيما سيحدث لاحقاً فتجدينها دائماً تحاول التحرش بالمعلمات لاسيما المعلمة ذات الشخصية الضعيفة وهذا السلوك يعطي طابعاً وصورة سيئة للطالبة ولأسرتها لأنها الصورة لهم في المدرسة ودائماً ما تكون الاسرة ضحية لتصرفات بناتهن لأن العامل المؤثر في الدرجة الأولى هو الاحتكاك بصديقات السوء لتقارب العمر لذا على الاسرة أن تحسن اختيار الرفيقة الحسنة لبناتهن كي لا يهدم ما قد بني.
وأنا أنصح كل طالبة بأن لا تصغي الى ما تردده زميلاتها من أن ليس لك كرامة وانها لو قالت لنا كذا وكذا لفعلنا بها كذا وكذا وهذا للاسف ما يحدث في الوقت الحالي وهو السبب الرئيسي للخلافات التي تقع وفي النهاية زميلاتها لن يخسرن شيئاً اذا وقع الفأس في الرأس كذلك المعلمة لن تخسر شيئاً فهي تعلمت وضمنت مستقبلها فعلمت وتقاضت مرتبها أما الطالبة فلا زال المشوار امامها طويلاً وإن اتبعت هذا الأسلوب فلن تصل، وانصح الطالبة التي تكون ضحية لمعلمتها، والعكس إذا رأت الطالبة من معلمتها ما يسيء اليها فالاجدر بها أن تنفرد بها وتشرح لها بأدب ما بداخلها فقد يكون سوء فهم بسيط وينتهي، وانا متأكدة بأن المعلمة ستتجاوب مع الطالبة وتتفهم وضعها وسينتهي بهما الامر الى نتيجة ايجابية وستصبح الطالبة مقربة الى معلمتها، وكذلك اوجه النصيحة نفسها الى المعلمة فإن رأت من الطالبة ما يضايقها فعليها الانفراد بها ومعاتبتها بأسلوب فيه نوع من الرقة وبذلك تخجل الطالبة من تكرار ذلك ثم أن المعلمة تستطيع التأثير على الطالبة لأنها لازالت في مرحلة التكوين وتستجيب بسرعة وقد تكون المعلمة قدوة لها في المستقبل، فالكلمة الطيبة لها تأثير كبير ووقع اكبر في النفوس وبها نستطيع حل كل ما يتعرض لنا من المشاكل.
العقاب السري
كذلك توجهنا الى خديجة القرشي مديرة إحدى المدارس الثانوية وطرحنا عليها بعض التساؤلات.
* بما أنك تملكين السلطة الأولى في المدرسة فإنه من الطبيعي أنها قد صادفك خلاف بين الطالبة ومعلمتها، ترى من كان لها البدء في اللجوء الى الادارة؟ وما هو موقفك تجاه الطرفين؟ وما هو تعليقك على ما يردد وسط الطالبات بأن الادارة في صف المعلمة حتى وأن كانت مخطئة؟
بداية اشكركم على إتاحة الفرصة.. بالنسبة للخلافات التي ذكرتيها باتت طبيعية فلا تخلو أي مدرسة من وجودها وهذا شيء يؤلم حقا ونتمنى ان نجد حلاً يحد من انتشارها، أما الشق الثاني من السؤال فإن البدء دائماً للمعلمة لأن الطالبة لا تتجرأ على اللجوء الى الادارة خشية على تحصيلها الدراسي. اما فيما يتعلق في موقفي فإنني استمع الى الطرفين والى الشهود فإذا ثبت ان الطالبة هي المخطئة فإنها تعاقب امام زميلاتها كي تكون عظة وعبرة لغيرها وإذا اتضح أن المعلمة هي المخطئة فإن المعلمة تعاقب سراً دون ان تعلم طالبتها ويكون ذلك اما بالمجادلة الكلامية او بكتابة تعهد وإذا كثرت الشكاوى عليها فإن الادارة تتخذ الاجراءات اللازمة بحقها فيفتح لها محضراً ويرفع للجهات المختصة وعن ما تردده الطالبات بأن الادارة تقف لصالح المعلمة فإن ذلك صحيح لأنه لو ثبت ان المعلمة هي المذنبة فإنه لا يُعلن ذلك كما اخبرتك فموقف المعلمة حساس جداً لأنه لو حدث عكس ذلك فصورة المعلمة ستهتز وستتمادى الطالبات معها ولن تكون هناك ثقة ولا حتى احترام.
* وهل هنالك من نصيحة توجهينها؟
اتمنى من كل طالبة ومعلمة وكل مسلم ان يراعي حقوق الله في العباد وأن يتجنب كل ما ينافي المبادىء الاسلامية وان يتحلى بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ثم أن الدنيا لن تبقى على أحد لذا علينا ان نبتعد عن المشاحنات والفتن والتي هي السبب في تفرق وحدة المسلمين والله يرعاكم.
|