«جدة غير» حلة زاهية ودلال مغلفٌ بنسمات الصبا
ناهد بنت أنور التادفي/ عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

بدأت عروسُ المدائن ومستودع السر المكنون ومهبط أمنا الرؤوم حواء تكشفُ رويداً رويداً عن جمالية الحلة التي اكتستها لتُعانق بها الأحباب والزوار في موسم الهجرة إليها لا إلى غيرها، وتزينت العروس وحورية الجنان ورنت بعينين واسعتين من داخل خدرها الزاهي المحصن بثوب العفاف لضيوفٍ كرام أتوها من سوح البوادي طالبين ارتواء ورشفة من بلسم العروس النقي وضمة إلى صدرها الدافئ وحنانها الأبدي المفعم بالصبابة والوله، وها قد تنازلت العروس رغبة منها في اطلاع عشاقها عن مستوى الدلال والترفع والتباهي بجمالها الاستثنائي وسحرها الخلاب، فدعونا نبدأ خطوتنا الأولى على شط العروس ونسيم الكورنيش وجزر المرجان وُدور المسرح وميادين الهواء الطلق، فها هي جدة تفتح صدرها في مهرجان صيفها الرابع والعشرين ولا تتحدث بلغة سوى لغة.. جدة غير!! وأنا في كل عام غير!! وسيكتشف الجميع أني في هذه السنة غير!! فلست شبيهة للمدن السياحية إذ حباني رب العزة بخصائص يصعب توافرها في مكان آخر.. فأهلاً بأحبتي وصغاري وزواري من داخل البلاد وخارجها، وأصغوا واسمعوا أحاديث القائمين على أمري ماذا يقولون عني بعدما نفذتُ مطالبهم طائعة مختارة إذ من حقهم أن يتباهوا بعروسهم التي خطفت تاج الجمال من جميع المدائن.
القادم أحلى
في وسط هذا الزخم الإعلاني الكثيف الذي تُحاول به المدن السياحية اختطاف الناس لتلقف أموالهم بحق وبغير حق، نجد أن حركة نشطة ودؤوبة وخالية من الضجيج والصخب قد انتظمت في عروس البحر «جدة» حيث تستعد هذه المدينة الحالمة لبدء موسمها السياحي لصيف هذا العام الذي تبقى له أيام تُحسب على أصابع اليد، ويُرافق هذا الإعلان المركز حشد كبير وهائل من البرامج والفعاليات لجعل مهرجان صيف جدة 24 مهرجاناً ناجحاً ومميزاً وغير تقليدي يختلف عن تلك البرامج الرتيبة التي عُرفت بها المهرجانات السياحية.
جمال استثنائي
ولأن خلف كل عمل عظيم رجلاً عظيماً فقد اكتسب مهرجان جدة السياحي هذه الأهمية بفضل ما توافرت له من رعاية ومتابعة دقيقة لكل كبيرة وصغيرة من مقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنة السياحية العليا بمحافظة جدة، ويحق لي أن أنوه بالدور البارز لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة ورئيس اللجنة التنفيذية السياحية في معرض حديثه عن الاستعدادات الضخمة والباهرة لهذه الاحتفالية السياحية الموسمية السنوية كشف سموه أن المهرجان وبحكم ما امتاز به من تخطيط وتنظيم دقيقين يُتوقع له أن يحقق تفوقاً كبيراً في استقطاب الذين يرغبون قضاء إجازة صيفية ممتعة وحافلة بشتى صنوف أدوات الترفيه التي أتيحت في ذات الوقت بأسعار مغرية، كما أوضح سمو الأمير مشعل محافظ جدة أن الإعداد للمهرجان تم بطريقة سلسة هذا العام بعد استصحاب كل التجارب والخبرات التراكمية للقائمين على أمر مهرجان جدة الصيفي منذ انطلاقته.
وللأمير الشاب المتحفز دوما لنثر الإبداع على كنانة العروس مقولة أضحت مرجعاً وأكدت مدى حبه لمدينته، إذ حسبما حدثني به رجل الأعمال المعروف وصاحب مشروع صن رايز الترفيهي الشيخ أسامة أمين غزاوي حيث ذكر لي بأنه وأثناء نقاشه مع الأمير مشعل بن ماجد حول عدد من المشاريع الترفيهية والتنموية في المحافظة وفي خضم تبادل الأفكار بينهما نطق سموه بجملة أصبحت مرجعاً ومنطلقاً لرجال الأعمال في مدينة جدة تُشعل حماسهم وتُشجعهم على إنشاء مشاريع استثمارية تتناسب وتاريخ وحاضر ومستقبل العروس وتعكس الوجه السياحي الناصع لها.
وأصل الحكاية أن صاحب مشروع صن رايز الترفيهي بجدة الشيخ أسامة غزاوي ذكر لسمو الأمير مشعل بن ماجد أن لديه أفكاراً طيبة ربما تدعم أفكار الأمير وتساهم في نجاح مهرجان جدة السياحي لصيف هذا العام، فما كان من سمو سيدي الأمير الشاب مشعل إلا أن نطق بخاطر طيب وأريحية سمحة وتواضع جم قائلاً: «جدة ليست لمشعل» فكانت كلمته رسالة واضحة ودعوة صريحة ومطالبة متدثرة بثوب التواضع إلى رجال الأعمال خاصة وإلى كل من يحب العروس أن يساهم بفكره أو ماله أو حضوره أو تعاطفه الجميل وتعبيره الراقي، ودعوني أبارك لكل من يتمنى لجدة مزيداً من التواصل في النجاح الذي بدأت تظهر نتائجه على وجوه أهلها الطيبين الذين يرحبون أيما ترحيب بالزوار والسياح والمصطافين على أم المدائن «جدة غير».
وبهمسة دافئة في آذان الذين يودون مغادرة البلاد تمشياً مع بدعة السياحة الخارجية أقول لهم هل تعلمون أن صيف هذا العام في جدة قد شارف على الانطلاق بفعاليات يندر وجودها في أي مدينة في خارطة السياحة اليومية فهناك فعاليات تتراوح بين الثقافة والاجتماع والرياضة والترفيه والترويح وتمثل 60 نشاطاً مجتمعاً يتمتع به الجمهور لمدة خمسة وثلاثين يوما بلياليها.
كل ذلك يأتي من منطلق تقديم أفضل خدمة للسياح والزوار والمصطافين ولاسيما في ظل التنافس الشديد الذي تشهده مدن المملكة في الصيف وثمة جديد تميز به مهرجان صيف جدة 24 يتمثل في إصدار البطاقة السياحية الجديدة ذات الهوية الثابتة والتي رُوعي في إعدادها تغطية كافة رغبات وفئات المجتمع العمرية وتلبية احتياجات الأسر باحتوائها على مائتي فعالية علاوة على الفعاليات المصاحبة للمهرجان، كما يبرز ولأول مرة إسناد تنظيم المهرجان إلى شركة «آرا لوسائل الإعلام» في خطوة كان القصد منها جعل الغرفة التجارية جهة إشرافية وليست تنظيمية كما كان في السابق، وسوف تنطلق رحلة أيام الفرح الطفولي من ملعب الأمير عبدالله الفيصل في أمسية يوم السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر الجاري وفوق هذا وذاك كله يشهد مهرجان جدة لهذا الصيف ولأول مرة بطولة جدة الدولية لكرة القدم على كأس سيدي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة وتضم إلى جانب الفرق السعودية الممتازة عدداً من فرق الأندية العربية الشهيرة في مسعى لربط الجالية العربية المقيمة في وطنها الثاني المملكة بالاستمتاع بفنونها فرقها الكروية ومساندتها ومؤازرتها ليعيش الجميع أحلى أيام العمر على أجمل مواقع وشواطئ المدن الفاتنة.
ها هي عروس البحر تمتشق الرؤيا وتجرد حسام البصيرة من غمده لتبارز رياح العاطفة فيزدان المدى فردوساً يتربع بين الغيوم، ها هي جدة تُطير خيالاتها الجموحة نحو الشمس مدينة متوجة على دنيا الجمال حاملة الماء لأرواح أنهكها الظمأ تُنادي السياح ليأتوها بعواطف جمة كي تُبلغهم حدود السحاب ليناموا هناك بسلام آمنين ويسعدوا فيها بأحلام فاتنة تتأرجح فوق العاصفة، هلموا جميعاً إلى جدة غير.. فالمجد لعيني جدة في الأعالي!!