تناولت في الاسبوع الماضي أهمية ربط أو دمج مصلحة معاشات التقاعد بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، لكون مصلحة معاشات التقاعد من الاجهزة الحكومية التي لم تشملها رياح التغيير والتطوير فظل اسلوب العمل يدار وفق أساليب قديمة ويغلب عليها طابع «البيروقراطية» مما جعل هناك تبايناً واضحاً في اسلوب تقديم الخدمة بين كل من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد!.
فالموظف الذي يصل إلى مرحلة التقاعد والمشمول بنظام الخدمة المدنية، يعاني كثيراً في الحصول على راتبه التقاعدي نتيجة للخطوات والاجراءات «البيروقراطية» الطويلة والمملة في حين ان من يعمل في القطاع الأهلي أو من يعمل في القطاع الحكومي ويشمله نظام الخدمة المدنية لا يواجه مثل هذه الإجراءات، لكون العمل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية اكثر تنظيماً ويختصر الكثير من الاجراءات والخطوات غير الضرورية!.
ان نظام تبادل المنافع بين مصلحة معاشات التقاعد ونظام التأمينات الاجتماعية الذي تمت دراسته مؤخراً في مجلس الشورى ورفع للمقام السامي الكريم للمصادقة عليه واقراره، ينتظره الكثير بفارغ الصبر وخاصة ممن لهم نية في الانتقال للعمل في القطاع الخاص من موظفي الدولة.
ان نظام تبادل المنافع عند صدوره ووصوله الى مرحلة التنفيذ فإنه سيواجه الكثير من العقبات مما سيشكل عائقاً من الاستفادة منه وذلك للأسباب التالية:
1 مصلحة معاشات التقاعد تتبع اشرافياً ومالياً إلى وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وهذا سيوجد العديد من الاشكاليات في معالجة الاستحقاقات المالية للموظف المنتقل من العمل في الحكومة الى العمل في القطاع الخاص. وأنا واثق بأن المكاتبات التي ستتم بين المصلحة والمؤسسة في كل مرة يرغب فيها موظف النقل من القطاع العام الى القطاع الأهلي، ستجعل العديد من الموظفين يعدلون عن هذه الرغبة بسبب تأخر البت في موضوعهم نتيجة لتجاذب الاختصاصات وكذا المصالح بين كل من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد.
2 الكثير من الموظفين سينتقلون من العمل في القطاع الحكومي للعمل في القطاع الخاص مما يجعل قد يوجد بعض الاختلافات بين المصلحة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في احتساب الجوانب المالية سواء ما كان للموظف أو ما كان للمصلحة أو المؤسسة.
3 وجود جهازين كالمصلحة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سيجعل هناك منافسة بينهما في الظفر بالموارد، مما يوجد الكثير من العوائق التي قد تؤثر على نظام تبادل المنافع.
4 وجود جهازين متماثلين كمصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سيوجد الكثير من التباين خاصة وان كل جهاز يتلقى تعليماته من مصدر مختلف إضافة الى اختلاف اسلوب الإدارة والتوجيه والقرارات واسلوب تنفيذها.
5 ان وجود جهازين يعملان في مجال واحد ويقدمان نفس الخدمة سيؤدي إلى تكرار الخدمة المقدمة ويضيف اعباء اضافية تتعلق بالكوادر البشرية والمباني والمصاريف الإدارية المكررة.
6 ان التأخر في إصدار نظام تبادل المنافع الذي تشترك فيه كل من مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، جاء نتيجة لوجود جهازين مستقلين ووجود العديد من التباين في وجهات النظر.
مما يعطي مؤشراً على ان نظام تبادل المنافع عند صدوره واقراره قبل دمج مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سيواجه الكثير من العقبات في التنفيذ.
ان الكثير من دول العالم المتقدمة كالولايات المتحدة الامريكية واليابان وبريطانيا، وكندا ودول عربية مثل جمهورية مصر العربية تتبع نظاماً واحدا للتقاعد سواء لمن يعملون في السلك العسكري او المدني أو القطاع الأهلي.
ان دمج مصلحة معاشات التقاعد التي تحتاج الى الكثير والكثير من التنظيم سواء في اجراءاتها الإدارية، أو في مجال استفادتها من الموارد المالية مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الاكثر تنظيما واستفادة من مواردها المالية المتاحة سيؤدي الى العديد من الايجابيات والتي نوجزها في الآتي:
1 عند دمج مصلحة معاشات التقاعد في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سيتم توفير الكثير من المصاريف الادارية سواء ما يتعلق بالموظفين وراتبهم او ما يتعلق بالمباني وما يرتبط بها من مصاريف أخرى كالصيانة والكهرباء والاجهزة المكتبية.
2 في حالة دمج مصلحة معاشات التقاعد بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سيحد من حدة المنافسة وتعدد مصادر إصدار القرار وسيوحد الجهود.
3 الدمج سيساهم في القضاء على الكثير من العوائق التي ستحصل عند انتقال الموظف من القطاع العام الى الخاص أو العكس وخاصة في احتساب الجوانب المالية ونصيب ومسؤولية كل جهاز في ذلك.
4 في حالة دمج التقاعد بالتأمينات سيوحد صدور القرار مما يجعل الفرصة سانحة في سهولة دمج النظامين في نظام واحد.
إننا أمام مصلحة وطنية هامة تستلزم تضافر الجهود في سبيل تحقيق كل ما يهم هذا الوطن وأبنائه.
وما قواعد تبادل المنافع بين نظامي التقاعد المدني المثمرة التي والعسكري ونظام التأمينات الاجتماعية الا دليلاً على هذه الجهود ستودي الى آفاقه جديدة وفرص جديدة للعمل في القطاع الخاص بالكوادر الوطنية المؤهلة والتي اكتسب الخبرة اللازمة التي تمكنها من تولي مسؤولية القيام بالعديد من الوظائف الاشرافية والمتوسطة والدنيا في القطاع الخاص.
ان اقرار هذه القواعد سيشكل نقلة نوعية ستنعكس ايجابياً على سوق العمل، ولكن بشرط ان لا تواجهه عقبات في التنفيذ وهذا ما نخشاه لوجود جهازين مختلفين عن التقاعد.
ص ب 86923 الرياض 11632
|