حين يبتعد الإنسان عن وطنه، يشتد به الحنين اليه، مهما توفرت له أسباب الراحة والرفاهية، فيروح ينشد ما يشفي بعض حنينة بمطالعة صحيفة تأتيه من بلاده في اليوم التالي مع الأسف ، وبودي لو تنشط الاتفاقات الثنائية بين الصحف العربية على غرار ما جرى بين صحيفتي «الأخبار» المصرية، و«الوطن» الكويتية، وطباعة صحيفة «الأهرام» القاهرية في المملكة، على أمل أن يأتي اليوم الذي يجد فيه القارىء في أي مكان من وطنه العربي صحيفته في متناول يده وقت صدورها، وكثيرا ما يقلب الإنسان المغترب الفضائيات لينعم بذائقة وطنه وعبقه بالصوت والصورة من خلال متابعة وقائع الحياة فيه عبر شاشته الفضائية.
وقد استمتعت نهاية الأسبوع الماضي وتأثرت كثيراً وأنا أتابع لقاء سمو وزير الداخلية مع أهالي المعتقلين السعوديين في جوانتانامو ومحاميهم، أسرتني إنسانية سموه العالية ومشاعره الرئيفة، وتأثره الشديد يبدو على قسماته وهو يستمع إلى هؤلاء الأهالي يحكون عن مأساتهم في أبنائهم وتداعيات اعتقالهم على الأُسر، وربما كان بعض الحرج ينتابهم وهم يرجون العون للإفراج عن أبنائهم بسبب ما وُجه للأبناء من اتهامات، لكن سموه يحفظه الله هدّأ من روعهم، منوهاً بأن «الإنسان معرض للخطأ، والاعتراف به مطلب أساسي لصالح الفرد وسلامة المجتمع، وأن المواطن يظل مواطناً مهما بدر منه، له حقوق وواجبات مثلما هو عليه، وأكد سموه أن «قيادتنا حريصة ولله الحمد على أن يظل مواطنو هذه البلاد نموذجاً مشرفا للمواطن الصالح، وأن يستشعر الجميع شرف الرسالة وقدسية المكان الذي ينتمي إليه مواطنونا الذين خصهم الله بخدمة مقدسات الإسلام، كما أن أسلافهم حملة لدعوة الرسالة الإسلامية، وبذلك تعظم مسؤولياتهم ويزداد التطلع إليهم لأن يكونوا كما هو مأمول منهم».
وطمأن سموه الجميع بأن أقاربهم محط اهتمام الدولة ورعايتها من واقع حرصها على إعادة المخطىء إلى الصواب وإصلاح تجاوزه ما أمكن ليعود عضوا صالحا في المجتمع، وأعلن سموه أن الجهود المبذولة في هذا الصدد قد نجحت في الإفراج عن عدد منهم والبقية في نفس الإتجاه بإذن الله تعالى منتقداً تفزيع بعض وسائل الإعلام لأسر المعتلقين بنشرها أخباراً مغلوطة!
وإن وطناً يحمل فيه وزير الأمن هَمََ أبنائه حتى الخاطئين منهم، معبرا عن نهج دولة لا تسقط رعايتها حتى على هؤلاء الخاطئين متى ما حسنت نية العودة لديهم إلى جادة الصواب، هذا الوطن وطني جدير بأن يفتخر الإنسان بالانتساب إليه، وحري به أن نفتقده ونحن عنه بعيد!!
|