Tuesday 24th june,2003 11226العدد الثلاثاء 24 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
الروَّاد ونادي عكاظ
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

تشغلني هذه الأيَّام بعض الخطوات العملية لخدمة لغتنا العربية الفصحى، فقد تحدَّثنا عن أهميتها كثيراً، وبكيناها بكاء شعرياً ونثرياً ومازلنا نبكي حالتها البائسة على ألسنة أبنائها المستغرقين في مشاغل هذا العصر ومشكلاته الكثيرة، ولكنَّ ذلك الحديث وهذا البكاء لن يقدِّما للغتنا العربية فائدةً ملموسة ما لم يتبعه العمل، ويصدِّقه الواقع الصحيح الذي تصبح فيه لغتنا الغالية لغةً منتشرة على ألسنة أبنائها بما لها من عبق الفصاحة، وشذ البلاغة، وحلاوة البيان.
من هنا بدأ التفكير العملي عندي لإنشاء مركز يُسْهم في تقريب لغتنا من قلوب أبنائها، ويكسر حواجز الخوف منها، والتهيُّب من الحديث بها، ويزيل ما علق بالأزهان من صور الصعوبة والتعقيد التي توصف بها هذه اللغة الخالدة.
ولأنَّ لغتنا العربية الفصحى هي لغة الأصالة العربية الراسخة التي تفتح صدرها الفسيح لكل جديد من النظم والقوانين والأساليب والاختراعات دون عجز عن الاستيعاب، أو تقصير في الاستجابة، فإن إطلاق اسم «تأصيل» على هذا الجانب العملي يقرِّب صورة الهدف الذي نسعى إليه.
لغتنا العربية الفصحى أغنى لغات الدنيا وأجملها وأرقُّها وأوسعها وأقدرها على التعبير المتكامل المتناسق عن حياة الناس، هذا ما يؤكده غير العرب من علماء اللغة، قبل تأكيده من قبل علماء اللغة العرب، فذلك جوستاف جرونيباوم يقول بعد حديث طويل عن ثراء اللغة العربية: «وهي مع هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني وفي النقل إليها، فالعبارات العربية لأي مثل أجنبي أقصر في جميع الحالات».
وغير هذا القول أقوال كثيرة ليس هذا المقام مناسباً لسردها، لأنني أردت في هذا المقال أنْ أشير إلى أن الخطوات العملية التي بدأناها لخدمة اللغة العرية من خلال التدريب والقراءات التطبيقية قد أطلعتني على أنشطة جيدة في بعض المدارس التي زرتها في الرياض، تُعنى بتدريب الطلاب على اللغة العربية نطقاً وإلقاءً وممارسةً ومن بين تلك الأنشطة نشاط نادٍ طلابي في مدارس الروَّاد أطلق عليه إسم «نادي عكاظ»، علمتُ أنه يقام أسبوعياً لتنمية مواهب الطلاب في المحادثة والإلقاء والحوار مع رعاية أصحاب المواهب في كتابة الشعر والمقالة والقصة، وسعدت بذلك بالرغم من أنَّ مثل هذه الخطوة لا تكفي لتحقيق ما نصبو إليه من شمولية الحديث بالفصحى بين المتعلمين والمعلمين وطلاب العلم، مع أنَّ تحقيق ذلك ممكن إذا بذلنا له قليلاً من الاهتمام والجهد، وهنالك تجربة ناجحة مع طلاب الروضة قام بها الدكتور السوري عبدالله الدنَّان، بل إني أعرف بعض الأسر في الرياض استطاعت أن تدرب أولادها على الحديث بالفصحي فأجادوها وأضفت على شخصياتهم قدراً كبيراً من الجدِّ والرزانة، والثقة بالنفس.
إنَّ فكرة «نادي عكاظ» فكرة جيدة ولكنها تحتاج إلى تعميم حتى تكون الفائدة أعمّ، وتحتاج إلى منهج مختصر متكامل يقرِّب اللغة من أفهام الناس، ويزيل ما أحاط بها من غبار دعاوى الصعوبة والتعقيد.
ولاشك أن مسؤولية وزارة التربية والتعليم، والأسر، ورجال اللغة العربية المتخصصين فيها المجيدين للحديث بها، المبدعين في استخدام أرقى أساليبها وأجملها مسؤولية كبيرة لابد من القيام بها إذا أردنا أن نرقى بلغة أجيالنا ومستوى تفكيرهم.
وسوف تبقى هذه الجهود المبعثرة ترقيعيةً محدودة الفائدة، ضعيفة الأثر ما لم نتقدَّم خطوة ثابتة إلى التعاون لتحقيق ما نصبو إليه من الرُّقيِّ بلغتنا، لغة القرآن الكريم.
إشارة


شتان بين الناس في أهدافهم
شتان بين عصاً وبين حسام

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved