لا شك في أن الغرب في علاقته مع الشرق الإسلامي يستخدم أحسن ما عنده ويسخر أفضل وأقوى ما لديه.. أما ذلك فهو بالطبع القوة العسكرية القادرة على ما لا تقدر عليه كافة ما لدى هذا الغرب من مبادئ ومثل وعقائد ومرة أخرى فليس بحوزة الغرب أفضل من تقنية الموت والدمار ولهذا السبب ذاته فالتاريخ الحديث والمعاصر يشهد بأن الغرب هو أكثر من سخر القوة العسكرية لتحقيق أهدافه بل أسرف في استخدامها لتعويض قصور معتقداته.
وهنا تتعين خطورة مجابهة الغرب بمثل سلاحه وذلك لعدة أسباب أولها استحالة هزيمة الغرب بسلاح يصنعه الغرب، فمحاربته بمثل سلاحه ضمان للهزيمة على يديه كما تشهد على ذلك الاحداث الراهنة أما ثاني هذه الاسباب فيتجلى بحقيقة أن محاربته بنفس سلاحه تعطيل لأفضل ما نملك من سلاح وذلك هو عقيدتنا السماوية السمحة وما ينبثق عنها من مبادئ وقيم صالحة - فيما لو طبقت التطبيق الصحيح - الصالح لكل زمان ومكان وبشر، فالعقيدة الإسلامية لم تنتشر بالسيف بل انتشرت بالتي هي أحسن.. بحسن المعاملة.. بالأمانة.. بالقدوة، والدين الإسلامي ليس عبادات فقط مثلما أنه ليس معاملات فحسب.. بله هذه وتلك: دين ودنيا، والحياة الدنيا هي البوابة الوحيدة لعبور المسلم وغير المسلم إلى الآخرة، ومفهوم العمل الصالح علاوة على مضامينه الأخروية يشتمل كذلك مضامين دنيوية جوهرية بل ضرورية لخلافة الأرض وعمارتها.
ويكفينا أن نتذكر أنه منذ سنوات قليلة فقط- أي قبيل أحداث 11 سبتمبر وما تلاها - كان الإسلام شبه بريء مما يفعله المسلمون: فقد كان في كفة ذهنية والسياسة العربية - والإسلامية أيضاً - بكل ما فيهما من مساوئ في كفة ذهنية أخرى، حتى حدث ما حدث من ارهاب مزج دين السلام بكل مثالب السياسة ليتم على اثر ذلك التشهير به بطريقة لم تحدث تاريخيا من قبل، بل يكفينا أيضا أن نتذكر انه حتى وقت قريب كان الإسلام أسرع الأديان انتشارا في الغرب على وجه العموم وفي أمريكا على وجه الخصوص، وليس هناك من شك في أن من أهم أسباب ذلك ما تمثل منها في حقيقة أن المسلمين قد جابهوا قوة الغرب العسكرية بقوتهم العقدية، فإن تكن أمريكا قوة عظمى عسكرياً فالمسلمون بعقيدتهم الربانية قوة فكرية عظمى، ولا شك في أن البقاء في النهاية للأفكار الصالحة، بل يكفي المسلمين اطمئناناً أن العاقبة لهم، الأمر الذي يحتم عليهم الحذر كل الحذر من التعامل مع رسالتهم الربانية بيأس وقنوط وفجاجة وغلظة.. وهل هناك لعمري أكثر غلظة من قتل الأبرياء والمستأمنين وتدمير الممتلكات وزرع الخوف والرعب في قلوب المواطنين الأبرياء.. وباسم من ؟! باسم دين السلام.. الإسلام.
|