أقبلت الاجازة الصيفية، وطباخ التمر (آسف البشر) يبدو أنه قد دخل قبل موعده هذه السنة، وسهيل (وقت تلمس التمر بالليل) أيضا سيحل مبكراً ليهنأ مشافيح التمر قبل مغادرة البلاد لفواكه الشام.
العيون والقلوب مشرئبة ولسان حالها يقول:
متى تنتهي الاختبارات لكي نسافر ولكن إلى أين هذه السنة؟ الشرق مليء بالسارس والغرب... دون تعليق {$ّعّسّى" أّن تّكًرّهٍوا شّيًئْا $ّهٍوّ خّيًرِ لَّكٍمً}.
وهنيئاً للسياحة الداخلية ولكن رفقاً بالمواطنين.
رسالتي هنا إلى كل من قرر أن يسافر خارج البلاد قصة واقعية تكررت مراراً في عيادتي بعد عودة الناس من صيف العام الماضي.
المكان في باريس وفي شارع الشانزليزيه وبالتحديد قهوة.. رجل وسيم ذو ملامح عربية (كاشخ جداً) يتحدث بصوت عال بالجوال وهو يقترب من أحد العوائل الخليجية وهو يقول سوف أعود إلى العيادة حالا فقط فنجان من القهوة، يداعب أحد أولاد العائلة (ووجه الولد مليء بحبوب الشباب) أنت في باريس بلد الجمال لماذا لا تعالج بشرتك يوجد لدي أحدث العلاجات الأوروبية. ولكني أعتقد أنها انتهت من كثرة الطلبات عليها.. يتحمس الوالد ويقول حاول يا دكتور أو كريم واحد.
يرفع الدكتور سماعة التلفون ويقول لسكرتيرته عندي هنا رجل مهم جداً أرجو أن تتدبري لو كريم واحد فقط وما هي إلا دقائق حتى تقف السياراة الفاخرة أمام القهوة ويستلم منها أربعة كريمات موضوعة بعلب فاخرة أيضا قيمة كل واحد منها 800 يورو.
يستبشر الوالد (والذي لا يتحدث إلا بالعربية) ويقول بملء فيه (ميرسو يا دختور) ويعود الولد إلى الوطن متأبطا أحدث علاج أوروبي لعلاج المرض المستعصي (حبوب الشباب) وبعد أشهر ينتهي العلاج الأوروبي ولكن الحبوب العربية باقية دون تحسن وبعد تحليل العلاج يتضح انه يفتقد أي قيمة علاجية.
وتكررت هذه القصة مع عدة أشخاص وللأسف.. نعم لقد تنبه بعض المحتالين الى ان هناك تجمعات خليجية في الصيف وحاولوا استغلالها بكل الطرق ومنها الجانب الصحي والذي من المعلوم أن الإنسان لو بخل بكل شيء فلن يبخل على صحته، في السنوات الأخيرة وللأسف نشاهد دعايات طبية باللغة العربية في كثير من الدول الأوروبية بعضها لا ينقصه إلا الأمانة العلمية.
بعد كل صيف أشاهد ويشاهد زملائي كثيراً من مضاعفات عمليات تم اجراؤها في فصل الصيف (وخاصة التجميل) حيث يدرك معظم هؤلاء الأطباء أن متابعة المريض بعد العملية شبه مستحيلة.
أرجو أن لا تكون مثل هذه التصرفات جزءاً من عقدة الأجنبي التي عانينا منها طويلاً.
كما أرجو أن لا يفهم من حديثي أنني أجرد تلك الدول من الأمانة الطبية، لا بل أقول انها هي الأصل عندهم ولكنه كالعادة الزبد هو الذي يطفو على السطح فلا بد من التحري قبل الاقبال.
وأخيراً صدقوني ان بلدنا كغيره يحوي عناصر طبية فذة أثبتت ابداعها من خلال حصولها على جوائز عالمية ومشاركاتها في الفعاليات العلمية العالمية فالابداع ليس محصوراً بجنس ولا جنسية.
* استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر
|