تابعت عبر جريدة الجزيرة عدد 11213 تلك الوقفات العابرة التي حاولت فيها أن تستطلع آراء بعض التربويين حول غياب الطلاب في الأسبوع الأخير من الدراسة التي أسماها المقدم بأنها تشكل «معضلة» أمام مؤسسات التربية والتعليم.
وقد كنت قبلها بيوم قد قرأت في احدى الصحف مقالاً ساخناً ومدججاً بنقد كاسح من قبل أحد الكتاب المخضرمين من خلال هجوم لاذع ذي طابع تحريضي اتهم فيه المعلمين بتشجيع الطلاب على الغياب وتحريضهم على الانقطاع في الأسبوع الأخير. كما لام وزارة التربية والتعليم كونها تراخت في تطبيق الحسم من درجات المواظبة كما زعمت. ولم ينس أن يحمل المدارس مسؤولية «تسكع» الطلاب في هذا الاسبوع متهكماً من دورها وساخراً من ادائها.
وحقيقة تتباين الاطروحات التربوية بمعالجتها المتنوعة لكن تظل لغة الواقع هي السائدة وضمير المنطق هو القادر على قراءة الموقف التربوي لاي ظاهرة عن كثب وتلمس مؤثراتها سلباً وايجاباً على مستوى التحصيل وسلوكهم.. وحقيقة ينالك العجب من هذا الضجيج الذي يقيمه البعض حول الاسبوع الاخير و كأنه «محطة لتقرير المصير»!! وتتعجب اكثر من الحجج التي يقدمونها والوسائل التي يتبعونها لاجبار الطلاب على الحضور.. لمجرد الحضور فقط.. حتى والمناهج قد انتهت.. والمراجعات استكملت ووجد الطالب نفسه امام فصلين دراسيين طويلين وثقيلين امتدا بأسلوب عجيب وتجاوز الواحد منها ثمانية عشر اسبوعاً.. حتى ليخيل إليك ان الفصل الدراسي الواحد سنة دراسية كاملة.. وقد تشبع الطلاب والطالبات ولا مجال في الاسبوع الاخير للتلقي او استقبال المعلومة وتردادها والمعلومات الجديدة حينما تكون في الاسبوع الاخير لن يكون بمقدور الطالب استقبالها والاستفادة منها.. لانه يريد أن يرتاح ويراجع دروسه في هذا الاسبوع بعيداً عن صخب المجتمع المدرسي. فلماذا يريد البعض الضغط على اعصابه وارغامه على الحضور لمجرد أن يقال ان الدراسة منتظمة في الاسبوع.. وتم الانتصار على الطالب؟! هكذا يكون القفز الماتع.
ويجب أن يدرك الجميع براءة المعلمين والمعلمات لانهم موجودون في مدارسهم خلال هذا الاسبوع لاداء درسالتهم العظيمة.. واعداد مقاعد الاختبارات واعمالها المتراكمة. ويخطئ البعض حينما يظن أن عدم الجدية في هذا الاسبوع من قبل المدارس سبب لفتح ابواب المقاهي وجلسات الشيشة وارصفة التسكع للطلاب.. وكأن المدارس ملاجئ او دور ايتام او مصحات يفترض ان تشرع ابوابها طوال العام وتقيم ابراج مراقبة ونقاط تحقيق وتحري امام الطلاب.. لتغطي قصور الاباء وسلبيات التفلت الاسري.. ولم يتورع البعض عن المطالبة باختزال اجازات المدارس لهذا الغرض.. فأين دور الاباء والامهات الذين عجزوا عن احتواء ابنائهم وبناتهم طوال العام؟ وربما اسهموا في التأثير على اخلاقهم باستجلاب القنوات الفضائية والاحتفاء بالانترنت. وبثقافة المسخ.. والخروج المفتوح ذو التنقل الحر والدلال الزائد.. تحت ظلال الاسترخاء والغفلة.. ولا دخل للمعلمين والمعلمات ويظل التساؤل قائماً:
لماذا تنام تلك الاصوات خلال العام الدراسي وتستيقظ في الاسبوع الاخير لتحرك احرف الاثارة حول المدارس وتحملها مسؤولية التخاذل في الحضور وتوجه سهام النقد الى مؤسسات التربية والتعليم محجمة دور المعلمين والمعلمات، وربما حشرت انفها في خصوصياتهم الوظيفية من خلال طرح ضامر يصطدم بوعي المعلم والمعلمة اللذين هما بالتأكيد قادران على تجاوز مراحل الاثارة المزعومة من هؤلاء.. واقتناص لحظات العطاء التربوي الاصيل الذي ينأى بنفسه عن الخوض في مداخلات جافة لا تخدم مسيرة التربية او تنسجم مع اصداء التعليم.. ويظل الاسبوع الاخير من الدراسة مشهداً عابراً في السياق التربوي.. ومداراً معبأ بتساؤلاتهم الهشة.
محمد بن عبدالعزيز الموسى/ بريدة
|