Monday 23rd june,2003 11225العدد الأثنين 23 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
إنها دروس
عبدالرحمن بن سعد السماري

رغم مضي عدة أشهر على سقوط نظام بغداد على أيدي القوات الامريكية ذلك السقوط المريع الذي لم يتوقعه إلا القلة.. إلا أنه حتى الآن مازالت المقالات والآراء والدراسات تتحدث عن اسباب هذا السقوط السريع.. وعن سر ضعف المقاومة العراقية.
** المعروف عن الانسان العراقي.. انه قوي.. بل عنيف.. فكيف استسلم بكل تلك البساطة؟ وكيف غابت روح المقاومة التي توقعها البعض.. إلا من بعض الاشياء البسيطة.. والتي سببها البحث عن وظيفة أو مال أو الاجتماع على أمر تافه؟
** مازالت التحليلات.. بل والكتب تصدر.. الواحد تلو الآخر.. تتحدث عن تجربة العراق وتجربة قيادات العراق كيف هوت بكل تلك البساطة.
** إن الجواب الوحيد لكل ما حدث.. هو أن السبب في كل ذلك.. هو النظام العراقي.. الذي ضيع نفسه وضيع العراق.. وأدخل الامة في كوارث متلاحقة.
** ان مشكلة نظام العراق.. ان اخطاءه تتكرر أمامه.. وكلها من صنع يديه.
** تتابع وسائل الاعلام العراقية قبل السقوط المريع بأيام.. وتجدها سادرة في غيها، وكأن ما يجري من حشود عسكرية ضخمة، كان على أبواب نيكاراجوا وليس على أبواب بغداد، أو كأن هذه الحشود تهدد «تشيلي» وليس العراق.
** ومشكلة نظام العراق الأخرى.. هي أخطاؤه المتكررة في قراءة الواقع بشكل صحيح.. وهو ما جعله يفقد في حرب الخليج الثانية عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين.. ولو انه انسحب من الكويت.. لسلم من ذلك كله.. أضف إلى ذلك.. مئات المليارات التي خسرها بعد الحرب وحتى آخر لحظة لوجوده.. وكان بإمكانه تحاشيها لو سحب قواته من الكويت.
** المأساة تكررت مرات.. عندما يخرج مذيع التلفزيون العراقي قبل السقوط بأيام ويتحدث عن المظاهرات في دول عربية وأجنبية.. ويعتقد ان هذه المظاهرات يمكن ان تعمل شيئاً غير الغوغائية والصراخ وتمزيق الصور وحرق الاعلام ثم تنفض، وكل يذهب إلى بيته يبحث عن خبز وزاد.. وهذا ما حصل بالفعل.
** هؤلاء الغوغائيون لم يقدموا أي شيء للعراق.. ولم يثنوا دبابة واحدة أو مدفعاً واحداً أو طائرة واحدة عن قصف العراق.. فكيف بهم أن يثنوا أرتال الدبابات وأسراب الطائرات وعشرات المدمرات في كل اتجاه؟
** ان من أبرز مآسي نظام العراق.. انه راهن على هؤلاء وكأنه نسي المظاهرات في حرب الخليج الثانية التي خمدت بمجرد انطلاق أول رصاصة.. وصارت تتفرج حتى هزم العراق شر هزيمة.. ووقعت به المآسي والكوارث حتى اليوم.
** لقد طالب المنصفون المخلصون الغيورون من أبناء الامة.. نظام العراق بأن يتناسى على الاقل.. العنجهية والصلف والكبرياء والغطرسة.. مؤكدين ان عليه أن يدرك ان نصف مليون جندي حوله.. وآلاف المعدات العسكرية في كامل جاهزيتها لن تعود إلى مواقعها في امريكا وأوروبا وتقول «آسفة.. كانت تقديراتنا خاطئة».
** هي لن تعود حتى تدخل في معركة حربية شرسة.. فيما أنه كان بوسع العراق ان يحرج أمريكا فيما لو أظهر مرونة كبرى في مسائل عدة.. بحيث يجعل امريكا في حرج شديد أمام العالم.. وقد تجد نفسها فعلاً.. في مأزق.. وقد تعود فيما لو فعل.. خطوة للأمام.
** والمشكلة الاخرى أيضاً.. ان النظام العراقي راهن على جيش عراقي محطم نفسياً.
ولديه قابلية للاستسلام منذ أول رصاصة.. وقد بدا لكل المراقبين المنصفين باستثناء «قطوان القدس» ان الجيش العراقي لن يخوض معركة يعرف نتيجتها مسبقاً.. لأنه لن ينتحر هكذا.
** الجيش العراقي.. ادرك انه ينازل آلة حربية متطورة وأكبر وأكثر جيوش العالم تطوراً من كل ناحية.. فلماذا ينتحر؟
** لقد بدا لكل هؤلاء.. ان الجيش العراقي يدرك ان المسألة محسومة.. وأنه متى بدأت المعركة.. فإن الامر منته تماماً.. وأن عليه ان يعلن استسلامه.
وأن الخطب الرنانة التي نسمعها بحضور القائد المظفر.. ما هي إلا مجرد اتقاء شر القائد.
** الكل.. يتمنى لو أن القيادة السابقة في العراق قرأت الواقع بشكل صحيح.. وجنبت العراق والمنطقة.. واحدة من أشرس الحروب وأكثرها تأثيراً..
** لقد حصل ما حصل.. وهو بالفعل.. درس وعبرة.. وسقط نظام بغداد وسكتت المقاومة.. لأن أكثر العراقيين يقولون: نار أمريكا ولا نار صدام.
** المشكلة الاخرى التي كان يجهلها البعض.. ان العراق مليء بالمقابر الجماعية.. وان كل أسرة تصيح.. لأنها فقدت أكثر من شاب.. وأكثر من امرأة..
ولأن أكثر الآباء والابناء.. بين مفقود أو ميت أو معوق.. فكيف يراهن نظام بغداد على أناس دمرهم هكذا؟!
العراق.. درس وتجربة قاسية مرة.. لكنها.. أعطت اليعربيين درساً مجانياً.. وأدركوا.. أن زمن العنتريات قد ولى.. وأن المسألة.. مسألة عقل.. وحكمة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved