Monday 23rd june,2003 11225العدد الأثنين 23 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
في مدارس المملكة
عبد الرحمن صالح العشماوي

كان لقاءً يمكن وصفه بأنه «لقاء خاطف» بالرغم من أنه استمرَّ حوالي الساعة، ولكن الوقت يمضي سريعا حينما يكون مع مَنْ يحمل همَّاً تربوياً تعليمياً ومن تشعر أن قواسم مشتركة في هذا الهم التربوي تربط بينك وبينه.
في مدارس «المملكة» كان لقائي بالدكتور علي بن عبد الخالق القرني مدير عام المدارس وكان الحديث قد أخذ مسارات متعددة توصِّل كلُّها إلى التعليم والتربية والهمِّ الذي يحمله المربون والمعلمون الذين يستشعرون ضخامة المسؤولية وعظمة الرسالة الموكلة إليهم.
وبعيدا عن الحديث المفصَّل عن التجهيز المتميِّز لمدارس المملكة الذي يعد من أفضل وأرقى مستويات التجهيز «الفني» في العالم كما أشار الى ذلك د. علي، وأنا أصدقه لأن الصورة العامة التي رأيتها كانت توحي بتميز واضح في هذا الجانب، ولأن رئيس مجلس الادارة من رجال المال والاعمال المعدودين في العالم، فما الذي يمنع أن تتميز مدارس المملكة في «التجهيز الفني» المتعلق بالمباني، والمعدات، والادوات والآلات الحديثة جدا في هذا المجال، والبرامج المتطورة جدا ما دام رئيس مجلس الادارة هو سمو الأمير «الوليد بن طلال»، وما دام المال هو عصب هذه المشروعات الضخمة.
كلُّ ذلك جميل، ويستحق الإشادة والتقدير، لكن الأجمل والأهم هو الجانب التربوي والتعليمي الذي يبني العقول، ويرقى بالنفوس، ويوجه الأجيال الى الطريق المستقيم.ان العمل التربوي والتعليمي هو الذي كان يشغل بال د. علي القرني مدير عام المدارس، وحُقَّ له وهو متخصص في هذا المجال أن يكون هذا هو الشاغل الأول له.
التربية السليمة هي الطريق السليم لبناء جيل سليم، وتكوين قدرات بشرية قادرة على العطاء والبناء، مؤهلة لتقديم النافع المفيد للمجتمع والامة وكنت استعرض مع الأخ الكريم د. علي مجموعة من المعاني التربوية التي نحن بحاجة إليها، والتي لا تغني عنها الاجهزة والآلات مهما غلا ثمنها، وارتفعت قيمتها المادية، لأن كل الوسائل المساعدة لا يتجاوز دورها دور «المساعدة» على الوصول إلى أفضل النتائج العلمية والتربوية وأسرعها إذا أُحسِن استغلالها من قبل المربين والمعلمين.
وسرَّني ما لمست من شعوره بالمسؤولية، وحرصه على البناء التربوي خلقيا وسلوكيا، الى جانب البناء العلمي والثقافي لأولادنا.
إن هذه الصروح التعليمية بحاجة ماسّة إلى الرجال الذين يشعرون بأهمية الرسالة، ويعرفون تماما قيمة ربط الطالب بدينه ومبادئه وقيمه ربطا تربويا قويا، ويفهمون الطرق الصحيحة التي يمكن من خلالها الإفادة من تجارب العالم في الجوانب التقنية والفنية مع المحافظة الشديدة على أفكارنا وقيمنا ومبادئنا.ولعلَّ الجميعَ يتفق على أن الأجهزة لا يمكن ان تصنع الطلاب صناعة ثقافية فكرية، ولا أن تربيهم تربية صحيحة، وانما هي وسائل ووسائط تساعد وتسهِّل المهمة، وتعين على تحقيق الهدف.
هنالك هموم تعليمية وتربوية يعيشها القائمون على المدارس ومراكز التعليم، سببها الضعف العام في مستوى الادارات والطاقات البشرية المتمثلة في المعلمين والموجهين والاداريين وغيرهم، وهذا الضعف العام ملموس في العالم العربي بصفة عامة، وهو حلقة في سلسلة ضعف طويلة، سببها اضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد العربية والاسلامية على مدى سنوات طويلة، وما يصاحب هذا الاضطراب من تأثير ثقافي وفكري وتربوي سلبي للآخر في برامج التعليم والتربية والثقافة والأدب، ونحن نقصد بالآخر هنا «الغرب» الذي يعتمد في نشر ما لديه على قدرة الغالب على التأثير في المغلوب.ولكن هذا الضعف ليس أمراً لازما، فزواله ممكن جدا إذا التفَتْنا الى أنفسنا، ورجعنا الى أسس ديننا وثقافتنا وفكرنا لنبني عليها تعليماً حديثاً نابعا من ذواتنا، واذا حرصنا على تكثيف البرامج التدريبية لتنمية قدرات العاملين في مجالات التعليم والتربية، ورفع مستوى أدائهم، وتكوينهم الثقافي والفكري، وجعلنا هذا هدفا مهما واجب التحقيق.أفكار كثيرة، جرت في ذلك الحوار التربوي الجميل في صرح تعليمي كبير مع رجل تربوي أرجو له توفيقاً في إدارته ، وآمل أن يكون له دور واضح في بناء مسيرة تعليمية تربوية أصيلة مستضيئة بما في تعاليم ديننا من الخير العميم.
إشارة:


أخلِص لخالقك الضمير ولا تخف
فثمار غرسك في غدٍ تجنيها

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved