* الرياض الجزيرة
استبشر المتعاملون في سوق الأسهم المحلية خيراً بصدور موافقة مجلس الوزراء في جلسته قبل أيام على إصدار نظام السوق المالية الذي يعد نقلة نوعية هامة في تاريخ السوق المالية السعودية ويهدف هذا النظام إلى إعادة هيكلة رأس المال بالمملكة على أسس جديدة متطورة والتي تندرج في سياق التحسين العام للبيئة الاستثمارية وتهيئة المزيد من المناخ الصافي لسلامة ادخار رؤوس الأموال الوطنية حالياً والأجنبية في المستقبل عندما يتم السماح لهم كخطوة إضافية منتظرة، ومن شأن هذا النظام أن يعزز الثقة والجاذبية لهذا السوق والذي سوف يوفر بالتأكيد أرضية شفافة والمزيد من الافصاح والعدالة والحماية لكل المتعاملين في السوق مما يحفظ حقوقهم الحالية والمكتسبة.
وقد حمل نظام السوق المالية في طياته مميزات تبشِّر بضمان الحماية للمتداولين وذلك من خلال فصل الدور الرقابي والاشرافي للسوق المالية عن الدور التشغيلي والتنفيذي كما هو الحال في مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» التي تمارس جميع المهام من إشراف وتنفيذ ورقابة وتشغيل للنظام حيث سيتم خلال الربع الأخير من العام الحالي 2003م إنشاء هيئة السوق المالية وهي المكلفة بالرقابة والإشراف المنظم والمشرفة على مجريات السوق.
وقد تم ربط تلك الهيئة مباشرة برئيس مجلس الوزراء ولها استغلال مالي واداري وقد منحت هيئة سوق المال صلاحيات واسعة لعمل تطوير السوق المالية واصدار اللوائح والقواعد والعمل على الافصاح الكامل للشركات المساهمة وحماية المستثمرين والمتداولين ووضع الحدود الدنيا والعليا للعمولات التي سيتقاضاها الوسطاء العاملون في مكاتب الوساطة والتي ستقوم الهيئة بإصدار التراخيص لشركات الوساطة والتي لم تتضح حتى الآن شروط إنشائها.
وقد وافق مجلس الوزراء على إنشاء لجنة للفصل في منازعات الأوراق المالية والتي تضم مستشارين قانونيين يتمتعون بخبرة في مجال الأوراق المالية وهم لبنة هامة في سبيل الفصل والحسم في الدعاوى والمنازعات وتسريع عملية التخليص من القضايا المعلقة والتي تستمر أحياناً شهوراً وأعواماً كما هو الحال في بعض القضايا والتي تتسبب في خسائر لكلا الطرفين الداعي والمدعى عليه.
وقد طالب العديد من المتداولين بسرعة إجراء العديد من الاصلاحات التي من شأنها تعزيز وضع آلية سوق الأسهم بالمملكة لنقلها في المستقبل من سوق ناشئة إلى سوق متقدمة ومتطورة في عملياتها التداولية ومن أهمها:
(1) اتساع رقعة عدد الشركات في سوق الأسهم سواء بالترغيب للشركات الكبيرة الرابحة في القطاع الخاص عن طريق تسهيل الاجراءات التي من شأنها إقناع المسؤولين عن تلك الشركات بالانضمام للسوق لما لها من قيمة واضحة، إضافة إلى اجراء تهيئة للعديد من القطاعات الحكومية الرابحة في خصخصة سليمة لاكتتاب المواطنين واداراجها كأسهم في سوق الأسهم المحلية مما يرفع حيوية السوق بتعدد مجالاته للاستثمار في قطاعات الشركات المساهمة.
(2) تقليل القيمة المدفوعة قدر الإمكان والقفز بها بتجزئتها إلى وحدة الريال مباشرة بدلا من السعي الحاصل حالياً بتجزئتها إلى وحدة العشرة ريالات من 50 ريالا للوضع الحالي حيث إن تصغير القيمة المدفوعة يرفع من ضخامة التداول والصفقات والقيمة السوقية بلا شك ولا أدل من ذلك حينما كانت القيمة المدفوعة للسهم 100 ريال في السابق.
كانت قيم الأسهم السوقية عالية مما يهيئ نفسياً المتداولين لمبالغة القيم السوقية وبعد إجراء عملية التجزئة الأولى للسهم المحلية من 100 ريال إلى 50 ريالاً انخفضت أسعار الأسهم في السوق 50% كقيمة حسية بينما بقيت 200 ريال كقيمة معنوية ولم تتأثر بل على العكس بدأت شرائح المواطنين الصغار ومتوسطي الدخول في التكيف مع الأسعار الجديدة وتم تقبلها والاقتناع بجدواها مما يهيئ لصعود أسهم الشركات قرابة 100% من أسعارها السابقة التي كانت عليها يوم كانت القيمة المدفوعة للسهم 100 ريال. ولا ننسى الدعم القوي للأداء المالي للشركات لقيمة السهم السوقية وبذلك من المتوقع أنه إذا تم تجزئة قيمة السهم المدفوعة إلى ريال واحد مباشرة وتقليل الفارق في أوامر الشراء والبيع إلى 5 هللات أن يساهم ذلك في دفع السوق الى تحقيق معدلات نشطة عالية في التداول والقيمة وعدد الصفقات من شأنها تقييد أرقام قياسية غيرمعهودة في السابق، فمثلا عندما يتم تجزئة سهم الراجحي والبالغ قيمتها السوقية حاليا 800 ريال إلى وحدة الريال كقيمة مدفوعة يصبح بذلك قيمته السوقية العادلة بعد التجزئة 16 ريالا للسهم ولو أخذنا أقل سهم سوقياً الآن مثل المواشي والبالغ سعرها 20 ريالاً وتم تجزئتها إلى وحدة الريال أصبح قيمة السهم العادلة سوقيا 40 هللة وأصبح نطاق الذبذبة في السوق بدلاً من 25 هللة حاليا 5 هللات أو دون ذلك مما سوف يشجع بذلك بلا شك على تفعيل اداء السوق بقوة ومضاعفة عملياته إلى أضعاف مضاعفة عن ما هو عليه الآن.
(3) العمل على إجراء تخفيضات كبيرة في العمولة المستحقة في البيع أو الشراء لرفع عمليات أوامر البيع والشراء ورفع هامش الربح العام للمتعاملين بدلا من انصباب أرباح العمولات حالياً في جهات محدودة والتي تنحصر حالياً في مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك المحلية والشركة السعودية لتسجيل الأسهم، فالبنوك المحلية حاليا تجري تخفيضات كبيرة في حجم العمولات المستنفذة من عملاء الأسهم تصل إلى 80% لكبار العملاء النشطين حيث يتمتع عدد كبير من المتعاملين متوسطي رؤوس الأموال بخصم لا يقل عن 50% من إجمالي العمولة الظاهرة في آخر الشراء أو البيع تخصم من حصة البنوك من اجمالي العمولة وهذا مما يستدعي معلومة تفضي إلى كفاية البنوك المحلية من 50% من إجمالي العمولة مما يعني أن خصم العمولة 50% عن المستوى الحالي لا يؤثر في مداخيل البنوك المحلية، وبالتالي يساهم بشكل مباشر في تدعيم آلية السوق وتهوين العمولة على جميع شرائح المتداولين بدلاً من تمتع بعض المتداولين بخصم دون الآخرين والذين يمثلون شريحة ضخمة من المتعاملين في سوق الأسهم المحلية.
(4) حث الشركات المساهمة القوية مالياً على العمل على نهج أسلوب المنح لتمتع ميزانياتها العمومية بعلو القيم الدفترية للسهم وذلك لزيادة عدد الأسهم في السوق إضافة إلى وهو الأهم التقليل من قيمة السهم المتداولة يومياً قدر الإمكان والذي بدوره يساعد صغار المتداولين على ادخاره والعمل على شراء المزيد منه مما يوسع رقعة المتعاملين في سوق الأسهم وعدم احتكارها لدى فئة معينة من كبار المتعاملين كما هو الحال في معظم الشركات المساهمة والتي يملك جُل أسهمها بيوت تجارية معروفة وكانت الشركة تعرف باسم المالك الأعظم فيها وليس باسمها الحقيقي حيث لا يعرف الفائدة المرجوة من استمرار بناء المركز المالي والتي تتجاوز لدى بعض الشركات المساهمة ربما ضعفين متجاوزة بذلك السقف الاحتياطي الآمن، فالمنح لا تؤثر على قوة الشركة المالية بعكس الصرف القوي الذي يستنزف أرباح الشركة سنوياً.
(5) تسريع عملية إدراج الشركات الخليجية كخطوة أولى في سوق المال القادم لرفع الحيوية للسوق وتوسيع خيارات الشراء أمام المتعاملين في سوق الأسهم بدلاً من حصر الخيار الشرائي في 74 شركة مساهمة تقريباً حالياً والذي يشكل منها 30% شركات خاسرة و15% شركة ذات اداء متواضع وبذلك لم يتبق سوى 41 شركة يمكن أن يضع المستثمر سيولته، ولنا أن نتخيل السيولة الضخمة في البنوك والشركات الخاصة تنحصر اتجاهاتها الاستثمارية في قرابة 41 شركة مساهمة.
ومع إضافة المزيد من الخيارات الإيجابية بإدراج شركات خليجية إلى سوق الأسهم تعرض القاعدة الاستثمارية وتزيد جاذبية السوق ومعلوماته المالية والتي من شأنها ترفع خصوبة الاستثمار في سوق الأسهم المحلية.
(6) سعي ادارة هيئة سوق المال لإقناع السيولة الوطنية المهاجرة بعودتها لأرض الوطن النابعة منها وحثها على دخول سوق المال السعودي في شراء أسهم عالية العوائد والتي تزخر بها العديد من الشركات المساهمة في قطاعات المال والصناعة والأسمنت والاتصالات والخدمات وقيام هيئة سوق المال بنشر أدق التفاصيل الفاصحة لأداء الشركات المساهمة وعدم انحصار المعلومات الهامة لدى أعضاء مجالس ادارات الشركات كما هو الحال، إضافة إلى إلزام إدارات الشركات بالإفصاح عن خططها المستقبلية وعن توقعات ادائها المالي إلى عام أو عامين أو اكثر حيث ان معظم اداء وخطط شركاتنا المساهمة المستقبلية في طي عنوان صغير مضلل «سري للغاية».
اضافة إلى قيام هيئة سوق المال بتهيئة المناخ الايجابي سواء لدى البنوك المودع فيها المبالغ الوطنية المهاجرة أو تسهيل آلية السوق بوضع المزيد من الإغراءات والتي تستمد من أسواق المال العالمية المتقدمة في أوروبا وأمريكا ودول شرق آسيا وليس من أسواق المال لدى الدول النامية وكذلك إلزام البنوك المحلية بخدمة شراء الأسهم المحلية عبر الإنترنت وجعل اتفاقية الهاتف مشاعة لدى الجميع وليس حكراً على كبار العملاء وجعلها مجانية، حيث يكفي ما يؤخذ من عملاء الأسهم من عمولات لقاء الشراء والبيع.
وأضاف بعض المتعاملين أن من أهم إيجابيات السوق المالية القادمة ابتعاد صناديق البنوك المحلية عن مزاحمة ومنافسة عملائها الصغار والكبار في تحرير أوامر الشراء أو البيع، حيث إن جميع الأوامر الخاصة بالعملاء حالياً تصب في غرفة التداول والتي يجري فيها أيضاً إدارة صندوق البنك مما يفقد سرية الأوامر للشراء والبيع وبالتالي تحدث تسريبات قد تساهم في تغيير مجرى السهم أو السوق.
|