المعلومات وتقنيتها، أضحت عاملاً رئيساً، للنهوض بمقومات أي مجتمع، وبالذات ما يختص بالصناعة والإدارة والأمن، وهذا العصر الذي نعيشه، هو عصر تتسارع وتزداد فيه وتيرة احتياجات الجميع، للنيل من نقلات خدمية واسعة النطاق، ولأن الإنسان أيضاً بطبعه تواق للابتكار والتطوير، فهو في الوقت نفسه المحرك والمتسبب الأوحد لدفع هذه الأنماط ذات الطابع التقني، إلا أنه مع هذا وذاك، فإن كل هذه الآمال والتي تصاحبها ضروريات، لن تتأتى دون أن يكون للتقنية العالية تواجد على نطاق أوسع وأرحب، وبكافة المقومات المطلوبة، والمشاهد أن أمام ما تفرضه تقنية المعلومات في مناحي الحياة عامة، من احتياجات بات في استخدامها ضرورة قائمة كما ذكرنا، فإن ما يعزز ويقابل روح ذلك التوجه، الرغبة الشديدة من لدن أعداد كبيرة من الراغبين في دراسة علوم الحاسوب بكافة فروعه «هندسة وبرمجيات.. الخ» وهم يمثلون في مجملهم جيلاً بحد ذاته، فتُشاهد الرغبة لديهم عند توافدهم تجاه الطلب لدراسة هذا العلم الذي يمثل سلاح المستقبل، سواء من خلال انخراطهم في كليات الحاسب الآلي في بعض الجامعات أو الكليات التقنية وكذا المعاهد التخصصية، إلا أنه أمام تلك الرغبات وتعدد هذه الاحتياجات التقنية، يقابل ذلك محدودية للغاية في قبول طلبات التسجيل بتلك المؤسسات التعليمية، مقابل المرونة شبه المطلقة في القبول لمخرجات تعليمية لم تعد الحاجة إليها مطلوبة في سوق العمل، إلا في حدود ضيقة للغاية، فلماذا لا يكون لدينا الجدية والاهتمام البالغان، نحو استقطاب أعداد كبيرة من طلاب هذا العلم، في هذه المؤسسات العلمية النادرة التخصص، والتخصص أضحى المستقبل يفرضه علينا، كما أصبح بدونه لن تسير عجلات التنمية كما ينبغي، وأننا لا نزال نمضي قدماً في استيراد تقني مفروض علينا، كمستهلكين فقط، وبتكاليف باهظة بسبب ما تتطلبه هذه الصناعة، من الاستعانة بالخبراء والمدربين، وجلب الآليات والمعامل ذات الاحتياج التقني، والذي كان بالإمكان توظيف ما ينفق عليها من أموال لصالح عملية التوطين عامة «وظيفياً وتقنياً»، والدور منتظر من لدن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، التي تحتم عليها رسالتها الرئيسة إيجاد تخطيط علمي قويم، يهيئ لنا أرضاً خصبة، نحو بناء بنية حاسوبية معلوماتية مأمولة، بدءاً من دعم مؤسسات التعليم المتخصصة في مجال أنظمة الحاسوب وتقنية المعلومات، وانتهاء بدعم مؤسسات القطاعين العام والخاص، لجعلنا نعيش حياة إلكترونية في كافة المجالات، والتي هي الخيار الأوحد في هذه المرحلة، فهل نبادر قبل فوات الأوان، أم لا نزال نفكر ثم نفكر، ونطرح العلة والمشكلة، دون أن نجد أو نسعى إلى إيجاد حلول لها!!.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|