وصلتني مجموعة كتب قصصية مختلفة من بعض الكتاب السعوديين وكذا كاتبات سعوديات.. وأشبعت نهمي بقراءة تلك المجموعة لا سيما الشائق منها.!
وبعض تلك الاصدارات، وصلت لنقطة النهاية إذ بي أعود أدراجي من حيث بدأت وأصبحت أدور في حلقة مفرغة، لم أعرف بدايتها من نهايتها ولا أعلم ماذا يريد كاتبها البوح به.؟!فقد حاولت فك تلك الرموز التي قرأتها في القصة لكن دون جدوى وأصابتني الحيرة.! فكنت أقرأ شيئاً بوصف النفس.. أو زفرات يطلقها القاص.. ولم أستطع أن أحدد ما هي تلك الجمل المترابطة أحيانا والمفككة أخرى.!والمعروف ان القصة أو الحكاية التي كنا نسمعها في الماضي من أجدادنا هي سرد ثم يتفاقم الحدث حتى يبلغ ذروته وأعني العقدة وتنتهي بالحدث سواء السعيد أو المأساوي..!ولكن ما نقرأه اليوم لا هو بالقصة ولا هو بالحكاية .. ولا أعرف أن أضع مسمى لنماذج مما أطلع عليه مما ينشر اليوم.!
وإذا حددنا معنى القصة كأحداث تدور في قالب معين مع مجموعة أفراد وهم الأشخاص الذين يمثلون الحدث.. فلابد من وجود العقدة، وتتخذ أحياناً لغة الحوار.. حتى تشعر بالاحداث الجارية.!
وما يصلنا اليوم مما يتطبع بالنموذج الغربي لا نستطيع أن نطلق عليه قصة أو حكاية على تلك المسميات .. بل رموز معقدة لا نستطيع أن نفهم ماذا يريد كاتبها أن يبثك إياه.. أهي شجونه.. أم أحلامه.. ولربما معان خاصة يحتفظ بها لنفسه في قالب غامض غير معروف.!
وحاد الكثيرون عن ا لمنحنى المتعارف عليه وذلك بسبب الثقافات الغربية التي طغت على أسلوب الكاتبين والتأثر بها .. وهناك من جنحوا لاخراج ثورة بركانهم عبر الورق.. ربما لتجارب خاضها القاص أو غير ذلك..!
ومهما تكن لا نستطيع أن نسمي كل ما يصلنا قصة بل هي أحداث جارية في الحاضر أو الماضي ولا يندرج تحت مسماها.!وبرغم ما قرأت من قصص مختلفة .. لم أتوصل لمدلول حدث مقروء، ولم أجد ذاك الصراع فيها.. وحين تقرأ رواية للأستاذ الكبير يوسف إدريس أو إحسان عبدالقدوس أو نجيب محفوظ تشعر أنك تحيا بين معطيات من الأحداث متداعية وتستجمع همتك وأنت تتسلق الحدث خطوة بخطوة، وكأنك تصعد على قمة شاهقة وعندها ينتهي بك المطاف إلى حل العقدة فإنك تتنفس الصعداء من شدة المعاناة التي خضتها مع الحدث.!وقد تعرض الرواية عبر شاشات التلفاز ويضفي السيناريو مذاقا خاصا للأحداث فيها حتى تجذب حواس المشاهد، ويتفاعل معها، عندها يشعر بصدق إحساس الكاتب.. سواء كانت مسطرة عبر الورق أو من خلال عرضها عبر التلفاز..!
وأضع مقولة للأستاذ يوسف إدريس في هذا السياق إذ يقول:عكفت ذات يوم قريب على تلك المجموعة القصصية النسائية أدرسها ليست دراسة قارئ عابر ولكن دراسة متفحص يعرف أو يزعم أنه يعرف القوة الضاغطة التي أخرجت الكلمة من قاع النفس إلى الورق.
وبعدما انتهيت من عدة مجاميع اكتشفت أني لم أكن أقرأ قصصا بالمعنى المفهوم لكلمة قصة، حتى الحديث لها، ولكني كنت أقرأ شيئا أو نوعاً آخر من الكتابة لا هو بالقصة ولا هو بالقصيدة، ولا هو خواطر متناثرة. نوع جديد وغريب من الكتابة ابتكرته المرأة العربية القابعة بعيداً عن مجريات الأمور (لتفعل) به شيئاً يؤكد لها أنها كائن حي، لإنسان له قدرة الانفعال والفعل، فعل كتابي يخرج تحت ضغط محموم، وهذا الضغط القاهر المحموم يتدخل في تشكيله على حد أن يبدو للقارئ وكأنه لغز، فهي تريد أن تقول وتريد أن تعبر ولا تريد أن يدرك تعبيرها.!
|