هذه المخدَّة الهانئة الواسعة التي نتوسَّدُها كلَّ ليلة، ونترك الأبواب الخارجية مُشرَعةً هي أحد ملامح هذا الوطن، وسيظل كذلك طالما كان هناك هذا السد الأمني الواقي، الذي نراه ونسمع أخباره كلَّ يوم وعن صدور رجال الأمن المشرعة التي تتلقى الرصاص فتمنعه عنا وتطوِّق سرطان العنف وتحاصره بشكل نادر وبطولي ومشرِّف على المستوى العالمي.
يزداد الديناصور شراسة وضراوة وهو في النزع الأخير، يقذف بجميع أسلحته إلى الساحة، وكأنه يطلق صياحات الاستغاثة قبل أن يلتقمه الفناء والانقراض.
والديناصور بدأ في الانقراض عندما فقد بيئته الطبيعية التي تغذيه وتَحْدُب عليه، وبدأ يواجه العالم الخارجي والمتغيرات بجسم كبير ورأس صغير غبّي، عاجز عن أن يتماشى وينسجم مع الصيرورة الآلهية في الكون، صيرورة التبدل والتطور، السكون هو مرادف الموت والديناصور قرر الموت.
وهو تماما ما اختارته حركات العنف الأصولية التي تحاول أن تسخِّر البعد الديني فتجعله قضية وهدفاً بحد ذاته.
وإن كان البعض يظن أنها حرب مؤقته وستحسم بصورة عاجلة ونهائية ايضا لا ينصتون إلى الصَيْرة التاريخية وشروطها، فذلك النفق المظلم الذي اعتقل بداخله الوعي الديني المستنير خلال العشرين سنة الماضية بحاجة إلى مئات المشاعل التي تقهر ظلماته وتتحدى أفاعيه وهوامه.
ذلك النفق الذي كان يُصدِّر لنا كما وافراً من الحقد والرفض والمسخ والتجهم، ومحاولة التضييق والعرقلة.
ذلك النفق الذي جعل من تعاليم الإسلام المتسعة السمحة، حوَّلها إلى ممارسات لا هوتية متزمته خاصة بصفوة محدودة تمارس رؤيتها الخاصة (رؤيتها الخاصة البشرية المحدودة من فتاوى الفتية كما يقولون) وجعل من الجماعة فئة مغيَّبة العقل عاجزة عن التحرك عن التفكير عن القرار عن مقارعة الحياة مُقَوْلبة تحت سقوف منخفضة.
لكن إنها شهقة الديناصور الأخيرة ، شهقة المخلوق الذي عجز عن مقارعة السنَّة الكونية المتبدِّلة المتطورة المتغيرة.
نحن بحاجة فقط أن ننشغل بصناعة المشاعل، ان تستغرقنا صناعة المشاعل التي ستفضح ذلك النفق المعتم المرعب.
الظلمة دامسة ولكن التحدي هو حُلمنا الذي لا يندمل، يجب ان تستغرقنا صناعة المشاعل، فالديناصور يعاني من النزع الأخير.
|