* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
أشاد السفير محمد صبيح مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية بالدور الكبير الذي تلعبه المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وجهود صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في مساندة القضية الفلسطينية قائلا: ما زلت أذكر الموقف الشجاع لسمو ولي العهد السعودي في احدى زياراته للولايات المتحدة عندما أحضر شريط فيديو يصور الأعمال الاجرامية الاسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني وقال للرئيس بوش: «لن اخرج من هنا حتى ترى هذا وتعلم ان المستشارين يضللونك»، واشار صبيح الى اهمية هذه الاتصالات المباشرة للقادة العرب مع الإدارة الأمريكية للدفاع عن القضية الفلسطينية قائلا انها احد العوامل التي ساهمت في تغيير نظرة الرئيس الأمريكي بوش الى القضية والصراع في المنطقة والتي افضت في النهاية الى سعي الإدارة الأمريكية لتحقيق السلام في المنطقة وتطبيق خارطة الطريق.
وقال صبيح في الندوة التي نظمتها الجمعية المصرية للأمم المتحدة تحت عنوان «خارطة الطريق ما لها وما عليها» ان خطة السلام ربما تصبح خريطة طريق ليس لها نهاية اذا لم تخلص النوايا الاسرائيلية نحو تحقيق السلام مؤكدا ان القضية ليست في النصوص والاتفاقات والخطط فهي كثيرة وفضفاضة ولدينا الكثير منها مثل اوسلو وشرم الشيخ وطابا والقاهرة وواي ريفر وتينت وميتشل واكوام من الاوراق لا تختلف كثيرا عن خريطة الطريق، وإنما القضية في الارادات ومن يريد السلام ومن لا يريده.
أعداء السلام
وأكد صبيح ان هناك محاولات تجرى الآن لتخريب خريطة الطريق وافشال عملية السلام وقال ان خريطة الطريق تواجه الآن الكثير من الاعداء أولها وجود من يرفض السلام داخل المجتمع الإسرائيلي وعلى رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز ومجموعته الذين يحاولون افشال خريطة الطريق من خلال الاستمرار في عمليات القتل والتدمير والاغتيالات ضد شعبنا الفلسطيني وهذا العدو داخل المجتمع الإسرائيلي في اليمين المتطرف لا يؤمن بالسلام ومن قتل رابين يمكن ان يقتل من يسعى للسلام في الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني وهؤلاء يرفعون الآن شعارات تقول إن شارون خائن لانه قبل بخريطة الطريق وعلينا ان نراعي الانتباه والحذر لممارسات هذه الجماعات داخل اسرائيل.
وشكك صبيح في نيات شارون قائلا ان قبوله لخارطة الطريق ليس هو المهم ولكن المهم هو ما سيلتزم به ازاء هذا القبول، وقال ان شارون يلعب الآن لعبة في منتهى الخطورة فقبوله خريطة الطريق يحيط به الكثير من الغموض وهو يعتقد انه بذلك يلقي بالكرة في الملعب الفلسطيني الذي يراهن على انه سيضرب بعضه بعضا ويواجه اقتتالا داخليا في حين تتجه الممارسات الإسرائيلية الى اتجاه مخالف للالتزام بعملية السلام حيث تستمر ممارسات العنف والقتل والاغتيالات الاسرائيلية دون وجود نية حقيقية لتقديم اجراءات وتسهيلات للشعب الفلسطيني وفى محضر موافقه مجلس الوزراء الاسرائيلي على خريطة الطريق ان هناك نصوصا تقيد الحكومة الاسرائيلية مثل حق العودة للاجئين والقدس وقضايا أخرى.
واشار صبيح الى وجود مجموعات اخرى من اعداء السلام داخل الولايات المتحدة وقال انها مجموعات خطيرة متغلغلة في الإدارة الأمريكية وهم اكثر تطرفا من الليكود ويضرون بمصالح امريكا من اجل اسرائيل مشيرا الى ان هؤلاء هم الذين ساعدوا على موافقة الكونجرس قبل ذلك على ضم القدس لإسرائيل متجاهلين وعود وضمانات رؤساء امريكا للعرب بان القدس ارض محتلة ويسري عليها ما يسري على باقي الأراضي. والواضح ان الإدارة الأمريكية تسير في اتجاه ونواب الكونجرس في اتجاه آخر بسبب ضغوط هذه الجماعات المعادية للسلام وهناك توقيعات تجمع الآن ضد خريطة الطريق ويجب الا نقلل من اهمية وخطورة هذه الجماعات وهو ما يرتب علينا مسؤولية كبيرة للعمل داخل امريكا التي اغفلنا العمل داخلها منذ فترة كبيرة.
متغيرات شارون
وحول موافق شارون الجديدة قال صبيح ان هناك متغيرات عديدة ساهمت في تغيير المواقف الإسرائيلية عموما ومواقف شارون بالذات واولها الانتفاضة الفلسطينية بشقيها المسلح وغير المسلح والتي الحقت باسرائيل خسائر بشرية فادحة وقوضت نظرية الامن الإسرائيلي كما الحقت باسرائيل خسائر مادية كبيرة فالسياحة مثلا حسب تصريحات وزير السياحة الإسرائيلي خسرت 9 مليارات دولار والنمو الاقتصادي تراجع الى 08 ،0% وهو تدهور كبير وينظر له شارون باهتمام فقد جاء الى الحكومة بوعد تحقيق الامن وتقدم الاقتصاد وفشل فيهما فشلا ذريعا.
وأكد صبيح ان المتغيرات التي احاطت بشارون واضحة ولا بد من استثمارها فهو يدرك تماما ان جميع الظروف اختلفت تماما عن ذي قبل وكان دائما يقول ان اسرائيل ليست جمهورية موز ولا تستطيع ان تفرض عليها امريكا شيئا وكان نتانياهو يقلب الدنيا على الرئيس كلينتون ولكن المعادلة تغيرت والرئيس الأمريكي له وضع مختلف في الداخل والخارج وقد عبر شارون عن ذلك بقوله في الكنيست تعليقا على خريطة الطريق بانه لا يستطيع مخالفة الولايات المتحدة.
وقال صبيح ان الانتفاضة الحالية جاءت بواقع جديد على الساحة الفلسطينية الاسرائيلية وتزامن معها حدثان هامان اولهما احداث 11 سبتمبر والترتيبات الدولية الخطيرة التي حدثت بعدها وحرب العراق والتواجد الامريكي في المنطقة الذي همش دور اسرائيل كحليف استراتيجي وقلص من دورها الوظيفي بالنسبة للولايات المتحدة والرسالة الأمريكية وصلت واضحة لشارون بان امريكا لها مصالح في المنطقة وانها لن تسمح لاسرائيل بتهديدها والرئيس بوش متحمس للقضية الفلسطينية ووعد باستمرار الجهود والضغوط على اسرائيل وان الخريطة ستطبق كما هي دون تغيير وهو يعي ما يقوله ويعلم انه قادر على تنفيذه.
مستقبل المواجهة
وحول احتمالات تصاعد الخلافات الفلسطينية قال صبيح اننا نعيش الان مرحلة خطيرة وهي معركة شديدة مع الاسرائيليين حول من ينقل الصراع الى الطرف الاخر وهم يريدوننا ان نقتتل ويحاولون احداث فرقة بين الفصائل وأبي مازن ونحن نراهن على اقتتالهم ايضا وبالنسبة لنا نحن لدينا ضوابط وقرارات مجالس وطنية بعدم حدوث اقتتال داخلي واهلي ولدينا الضمانات وليس لدينا الرفاهية في العيش للقتال واعتقد جازما انه ربما تحدث حوادث فردية هنا وهناك ولكن حدوث قتال واسع أمر مستبعد فتوحد الشعب والقيادة وطريقة التماسك هي الضمانات لذلك.
واكد صبيح انه اذا كانت هناك خلافات موجودة فهي مطلوبة لوجود الرأي والرأي الاخر ووجود المعارضة يقوي الحركة الفلسطينية ويبصرها واذا كانت بيانات شرم الشيخ والعقبة قد أثارت لغطا شديدا بالنسبة للبعض فهذا لن يستمر طويلا فعيننا جميعا على الارض الفلسطينية لاقامة الدولة وهذا هو الهدف الاساسي لنا جميعا والمرونة والتفاهم مطلوبان كواجب سياسي ومجتمعنا سيظل متماسكاً شعباً وقيادة و فصائل وحكومة لاننا نعلم اننا في قارب واحد.
وحول الجدل حول العمليات الاستشهادية قال صبيح ان الكفاح المسلح وسيلة لبلوغ هدف التحرير واذا كانت هذه الوسيلة قد ادت دورها في فترة من الفترات ويمكن ان تأتى في فترة اخرى بنتائج سلبية فلا بد من ان نقيمها كأي عمل سياسي يمكن تقييمه سلبا وايجابا فالعبرة بالنتائج وليس بالوسائل واكد صبيح ان الحوار ما زال متواصلا مع جميع الفصائل للتوصل الى هدنة وهم ابدوا تجاوبا والمشكلة في استمرار العنف الاسرائيلي والفصائل تحتاج الى ما يقدم لها حتى تعطي المزيد فالعنف الإسرائيلي لن يقود الا الى مزيد من العنف.
|