لاشك ان الشيطان لن يترك دعاة الحق في مسيرتهم دون ان يضع لهم العقبات في طريقهم أملاً في ثنيهم عن الوصول الى اهدافهم وتحقيقها، وان لم يستطع فلا اقل من تعطيلهم وتأخيرهم، ولذا نجد ان هناك عقبات كثيرة تعترض المرأة الداعية، كما تعترض الرجل الداعية عقبات اخرى كثيرة، فمن العقبات التي تعترض المرأة الداعية.
أولاً:عقبات نفسية
الشعور بالتقصير، ان كثيراً من الاخوات الداعيات تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية التي القيت عليها، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة.
ان المشكلة تكون اذا شعرت الفتاة بكمالها اواهليتها التامة، ومعنى ذلك انها لن تسعى الى تكميل نفسها، اوتلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين، لأنها ترى في نفسها الكفاية، اما شعورها بالنقص اوالتقصير، فهومدعاة الى ان تستفيد مما عند الآخرين، وان تقبل النصيحة، وينبغي ان تعلم الاخت الداعية انه ما من انسان صادق، الا ويشعر بهذا الشعور.
فكلما زاد فضل الانسان، زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده، زاد شعوره بالكمال.
وباختصار فإنه ما دامت الروح في الجسد، فلن يكمل الانسان، وكلما شعرنا بالتقصير وهضم النفس، كان اقرب الى الله تعالى، وابعد عن الكبر والغرور.
التخوف والاحجام والتهيب من الدعوة والكلام امام الاخريات، وهذا لايمكن ان يزول الا بالتجربة والممارسة، ففي البداية من الممكن ان تتكلم الفتاة وسط مجموعة قليلة ان تلقي حديثاً مفيداً ولوكان مكتوباً في ورقة ثم مع مجموعة اكثر، ثم تشارك في المسجد، والدروس التي تقام في المدرسة، ثم تبدأ بعد ذلك في اعداد بعض العناصر، ثم بعد ذلك يمكنها ان تلقي كلمة بطريقة الارتجال، ولابد من التدرج، والا ستظل المرأة، وسيظل الرجل يقول: لا استطيع!
ثانياً: عقبات اجتماعية
فساد البيئة، فإذا كانت البيئة التي تعمل فيها المرأة الداعية فاسدة، سواء كانت هذه البيئة مدرسة، اومؤسسة، اومستشفى، اومعهداً فإن ذلك يؤثر في المرأة تأثيراً شديداً، ويضغط عليها ضغطاً كبيراً.
حلول مقترحة
هناك بعض الحلول يمكن ان تساهم في ازالة تلك العقبات، اوتخفيفها في بعض الاحيان، من ابرزها:
1- مواصلة العلماء، وطلاب العلم، والدعاة الغيورين بكل مايحدث داخل تلك المجتمعات، انها ليست اسراراً ولا خفايا، كيف وهي تنشر في بعض الصحف العالمية، فإذا تحدثت طالبة مثلاً اوراسلت احد الدعاة، حقق معها، بحجة انها نشرت اسرار الجامعة، اونشرت اسرار المستشفى، كيف يحدث هذا؟!
3- من الحلول: انه يجب على الدعاة والتجار والمخلصين ان يسعوا جاهدين الى اقامة مؤسسات اسلامية اصيلة نظيفة، مستقلة.
لم يعد مستحيلاً انشاء مستشفى نسائي خاص، ولم يعد مستحيلاً اقامة اسواق نسائية خاصة، بل هي موجودة بالفعل، ويجب ان تطور وتوسع، ولم يعد مستحيلاً اقامة مدارس نسائية خاصة، وليس من المستحيل اقامة جامعات خاصة بالنساء، في هذا البلد، وفي كل بلد.
وقد رأيت بعيني جامعات تضم ألوف الطالبات في قلب امريكا، ليس فيها طالب واحد على الإطلاق، مع ان دينهم ليس هوالذي املى عليهم ذلك، ولكنهم رأوا في ذلك مصلحة ما.
عدم التجاوب من الأخريات
من العقبات التي تواجهها المجتمعات الدعوية النسائية، عدم التجاوب من الاخريات من النساء، ورفض بعضهن للدعوة، فبدءاً اقول: هذه الامة امة مجربة، فلست انت اول من دعا، وانما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، وكان التجاوب كثيراً وكبيراً، والكفار الآن يدخلون في دين الله افواجاً، فمن باب اولى ان يستجيب المسلمون لله وللرسول اذا دعوا الى مايحييهم.
فأما أسباب عدم التجاوب فتنقسهم إلى:
أ- أسباب ترجع إلى المدعوة نفسها: وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، او طال مكثها في الشر، واصبح خروجها منه ليس بالامر السهل، واصبحت جذورها ضاربة في تربة الفساد، او صعوبة طبعها، وعدم ليونتها، ووجود شيء من العناد، وقد يكون ذلك راجعاً لوجود قرينات سوء يدعونها الى الشر، وهذا كله يمكن ان يعالج بالصبر وطول النَّفَس، والاناة، وتكثيف الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة اسلامية جديدة تكون بديلة عن البيئة الفاسدة التي تعيش فيها، وقد يكون عدم قبولها للدعوة بسبب كبر سنها كما مرَّ، فيعالج ذلك بالوسائل المناسبة.
ب- اسباب ترجع الى الداعية نفسها: ومن هذه الاسباب التي تتعلق بالداعية نفسها: عدم استخدامها الاسلوب المناسب الذي يتسلل الى قلب المدعوة ويؤثر فيها، وقد يعود ذلك الى غلظتها وقسوتها، او شدة تركيزها على اخطاء الآخرين، او شعور الأخريات بأن الداعية تمارس نوعاً من الاستاذية او التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها، لأنهن يرين عملها هذا مساً للكرامة، او جرحاً للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة، فترفض الدعوة ولا تقبلها.
اما علاج هذه العقبة، فيمكن حصره في الامور التالية:
أولاً: ان تحرص الفتاة الداعية على استخدام اسلوب الالتماس، والعرض، والتلميح، دون المواجهة، كلما امكن ذلك، والا تشعر الاخريات باستعلائها عليهن، او انها فوقهن، ولا تشعرهن بالاستاذية، او التسلط عليهن.
ثانياً: ومن العلاج: العناية بشخصية المرأة عقيدةً وثقافةً وسلوكاً ومظهراً ومخبراً، دون اهمال الامور المعنوية المهمة والاساسية، بسبب الاشتغال بالقضايا المظهرية فحسب، ومع الاسف ان 80% تقريباً من الاسئلة التي تصلني، لاتكاد تتجاوز شعر الرأس الى اكمام اليدين، او حذاء القدمين!! اين عقيدة المرأة؟! اين اخلاقها؟! اين معرفتها بعباداتها؟! اين معرفتها بالصلاة، بالصيام، بالحج؟! اين معرفتها بحقوق الآخرين؟! اين.. اين..؟
ثالثاً: عدم تتبع الزلات والعثرات، فما من انسان الا وعليه مآخذ وله زلات، وليس من الاسلوب التربوي التركيز على ملاحظة الزلات، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني احياناً، ويمدح الانسان بخصال الخير الموجودة فيه، وكُتبُ المناقب في البخاري ومسلم، وكل كتب السيرة مليئة بمثل ذلك، فَيُثنى على الانسان بخصال الخير الموجودة فيه، حتى ينمو هذا الخير ويكبر، وحتى يقتدي به الآخرون في ذلك، وليس من شرط ذلك مدح الانسان بشخصه فقط، ولكن مدح الفئة، او الامة، او الطائفة بالخير الموجود فيهم، يدعوهم ذلك الى مزيد من الخير، والى التغلب على خصال النقص الموجودة لديهم، ولايمنع هذا ان يُلاحَظ َ على الفتاة احياناً شيء من النقص، فتنصح به في رسالة، او حديث اخوي مباشر، او مكالمة هاتفية.. او غير ذلك، لكن لايكون هذا هو الاصل، بل يكون امراً طارئاً، حَدثَ لوجود غلط معين.
رابعاً: عدم محاصرة المرأة المخطئة او المقصرة، او المسارعة في اتهامها، فنحن لم نؤمر ان ننقب عن قلوب الناس، ولا ان نشق عن قلوبهم، ومالنا الا الظاهر، ولسنا مغفلين بكل تأكيد، لكننا لانطلق لخيالنا العنان في تصور فساد مستور، امره الى الله تعالى، ان شاء عذب، وان شاء غفر، والله تعالى يقول كما في البخاري ومسلم عن ابي هريرة «ان رحمتي سبقت غضبي» فأحياناً يتصور الانسان فساداً، او يغلب على ظنه انه واقع، لكن ليس هناك داع للبحث عن حقيقته مادام امره مستوراً، ليس عندك أدلة عليه، ولم يظهر لك، فدع امر الناس للناس، فالامور المستورة دعها الى الله، فما ظهر منها شيء اخذناه به، اما المستور فأمره الى الله تعالى، وقد يتبين لك فيما بعد ان ما كنت تظنه، لم يكن صحيحاً، وان الامر كان بخلاف ذلك.
وبين اليقظة وسوء الظن خيط رفيع، فبعض الناس عنده تغفيل، والتغفيل مذموم، قد يرى الفساد فيتجاهله ويتغافل عنه، فينبغي ان يكون الانسان يقظاً واعياً مدركاً، وفي الوقت نفسه ألا يسيء الظن بالآخرين.
|