Saturday 21st june,2003 11223العدد السبت 21 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لِنَنْبُذ مصطلح الإرهاب لِنَنْبُذ مصطلح الإرهاب
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

منذ بدأت الهيمنة الغربية والصهيونية على البلاد العربية والإسلامية قبل مائتي عام وحتى الآن والتي سموها بالاستعمار وما هي من العمارة في شيء وإنما هي خراب ودمار واستغلال واستنزاف ثروات البلدان المحتلة من قبل دول الغرب والصهاينة، أقول منذ بدأت تلك الهيمنة وهم يُسَوِّقون لنا ألفاظاً جاهزة وعبارات مزرية، فعندما كانت بريطانيا هي المهيمنة على العالم - وهي جزيرة في غربي العالم القديم أطلقت علينا الشرق الأدنى، ونحن قلب الدنيا وفي كبد الأرض وسرتها فقبلنا العبارة وأخذنا نردد (الشرق الأدنى) وبدأنا نُعرِّف أنفسنا بأننا الشرق الأدنى! ولكن الأدنى لمن؟! إنه الشرق الأدنى للدولة العظمى بريطانيا، وأطلقت على ما عُرف بالشرق (الشرق الأقصى) فقبلنا العبارة ورددناها وقلنا (الشرق الأقصى) وهو ليس بالأقصى لنا وإنما الأقصى لبريطانيا ولكننا نسهم إسهاماً كبيراً في تسويق الكلمات والعبارات حتى تثبت وتقبل من قبل المجتمع، وتبدلت الأحوال فلم تعد بريطانيا هي المهيمنة على العالم بل أمريكا ولذلك بدأ تسويق عبارة جديدة تحل محل الشرق الأدنى وهي عبارة (الشرق الأوسط) فلم نعد الشرق الأدنى لأن الدولة العظمى نزحت غرباً فأصبح الشرق ثلاثة أنواع «شرق أدنى» لأمريكا وهو أوروبا و«شرق أوسط» وهو بلادنا و«شرق أقصى» فأصبحت الدنيا القديمة بأسرها شرقاً وسوَّقنا العبارة للغرب فأخذنا نردد (الشرق الأوسط) وأنشأنا الصحف والإذاعات باسم الشرق الأوسط، مع أننا في وسط الدنيا فمطلع الشمس شرق عنا ومغرب الشمس غرب عنا ولكننا نُسَوِّق مصطلحاً للغرب، وكما يُصدِّر لنا الغرب السيارات والأثاث ومصنوعاته المختلفة فهو يصدر العبارات، لقد كانت إسرائيل تطلق على عمل المجاهدين الفلسطينيين وعمل المناضلين على اختلاف توجهاتهم إرهاباً ورددت العبارة سنوات طويلة فلم يقبل العرب العبارة الاسرائيلية فسعت إسرائيل الى أن يكون تصدير الكلمة من أمريكا ولذلك خطط اليهود لأحداث 11 سبتمبر فدفعوا الأموال بوساطات بعيدة لتصل إلى منظمات إسلامية بطرق مشروعة في نظر تلك المنظمات، فاليهود خلف كل بلية على امتداد التاريخ فهم يتلونون بألوان مختلفة ويصلون إلى أغراضهم تحت أغطية مختلفة تسترهم وتستر ما يهدفون إليه، وقد نجحوا في إرهابهم بأيدي غيرهم، ونقلت وسائل الإعلام أحداث 11 سبتمبر، ورفع علم المصطلح «الإرهاب» من أمريكا وليس من إسرائيل فقبل في العالم كله ومنه بلدان المسلمين، لقد نجح اليهود في تسويق كلمة إرهاب حتى بدا للناس في كل مكان أن ما تعمله حماس والجهاد إنما هو إرهاب.
وعندما قام المفسدون في الأرض بأعمالهم الشنيعة لم نسمه فساداً في الأرض كما ورد في القرآن {ويسعون في الارض فسادا} وإنما رددنا المصطلح بحسن نية مع أن الارهاب ورد في القرآن لأعداء الله {ترهبون به عدو الله وعدوكم} إن هذا المصطلح وحَّدَ الأعمال المختلفة في ثوب واحد فالأقليات الإسلامية التي تجاهد في سبيل الله أطلق على عملها إرهاب، إن ما حدث في الرياض من تفجيرات إفساد في الأرض، والمفسد له حكمه المعروف في الشرع، فالقرآن الكريم وصف من يعمل تلك الأعمال بالمفسد وبيّن عقابه بتفصيل واضح، فإذا التزمنا بما ورد في القرآن من وصف أولئك الجناة استغنينا عن المصطلحات التي يُرغب في تعميمها. إن الخارجين على السلطة يوجدون في كل زمان ومكان، فقد حدثت موقعة السبلة بين الملك عبدالعزيز والخارجين عليه ولم يسمهم الملك عبدالعزيز إرهابيين، مع أنهم قَتَلُوا ونهبوا وخوفوا الآمنين، وقد أرسل إليهم الملك عبدالعزيز الوعاظ ومنهم الشيخ عبدالله العنقري الذي استمر في وعظهم أكثر من شهرين، ولما يئس الملك عبدالعزيز من رجوعهم الى الصواب قاتلهم. وحدثت أحداث الحرم في أقدس بقعة حيث حرم الجناة المسلمين من الصلاة في المسجد الحرام والطواف بالبيت العتيق وأخافوا المسلمين وروعوهم، وقد وُصِف أولئك بالمفسدين والخارجين عن طاعة ولي الأمر، ولم يطلق عليهم هذا المصطلح العام، فلماذا نَتَّحِد مع اليهود والأمريكان في إطلاق الأسماء؟ إن لكل حالة من أعمال المجرمين صفات توصف بها، والذين يسعون إلى الاخلال بالأمن تتباين حالاتهم فتعميم الارهاب على كل حالة لنتفق مع الآخرين غير مجد، فلنا ألفاظنا وعباراتنا التي تصف المجرمين والمفسدين، لقد سعى أولئك إلى الافساد في الأرض والخروج عن طاعة ولي الأمر فقتلوا الأنفس وأخافوا وروعوا، فهم مفسدون، عابثون، يسيرون وفق آراء شاذة، خارجة عن الجماعة، فجماعة المسلمين مع ولي الأمر، وهم الكثرة، ولهم الغلبة، والشاذ الخارج عن الجماعة يوجد في كل مجتمع، ففي زمن الدولة الأموية التي امتدت من فرنسا واسبانيا غرباً إلى الهند والصين شرقاً وجد الخارجون، فجنود الدولة يفتحون البلاد ويجاهدون في سبيل الله، وفئات الخوارج تحارب الدولة، ولم يقل التاريخ إن الخوارج على حق، ولم يرفعوا رأس المسلمين، وإنما كانوا كالشوك في الجسد.
أقول مرة أخرى لننبذ مصطلح الإرهاب ونستبدله بعبارة الإفساد في الأرض في وصف الجناة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved