* مكة المكرمة - واس:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل لأنها خير زاد يتزود بها المرء لقطع اشواط الحياة بمنأى عن الزلل والسلامة من الأوزار في يوم تتقلب فيه القلوب والابصار.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام أيها المسلمون ان الاقرار بالنعم والشهادة بالمنن واللهج بالفضائل والبيان للمحامد كل أولئك مما يقع به الشكر ويرتفع به الثناء ويصح به الحمد لله رب العالمين فإنه مسبغ هذه النعم ومسدي هذا الاحسان ومفيض هذا الخير وان مما أنعم الله به على هذه البلاد من سابغ النعم وما أكرمها به من جميل العطايا وما حباها به من وافر الهبات ان جعلها دولة الاسلام وواحة السلام ودار الأمن والإيمان لكن من أشربوا في قلوبهم الحقد وأوضعوا في العدوان ساءهم تتابع هذه النعم وترادف هذا الخير وتعاقب هذا الإكرام فشمروا عن سواعد الإثم واتبعوا خطوات الشيطان فكان عاقبة ذلك هذه الجريمة الكبرى التي اقترفتها أيديهم على بطاح مكة بلد الله الحرام وإذا هي حلقة إجرامية جديدة لحقت بسابقاتها التي سلفت في الرياض وفي المدينة المنورة وحائل لتكون مجتمعة عملا إرهابيا آثماً يأباه الله ورسوله وصالح المؤمنين في هذه البلاد وفي كل الديار وفي جميع الامصار اذ كيف يكون أمراً مقبولاً ما وقع في بلد الله الحرام عشية يوم السبت من إقدام فئة ضالة عن سواء السبيل على إطلاق النار صوب عباد الله المؤمنين من رجال الامن الذين كانوا يؤدون ما وجب عليهم من إحباط المسعى الإجرامي لهذه الفئة التي اتخذت من أحد المساكن في هذا البلد وكراً لتصنيع وتجميع واخفاء أسلحة القتل وأدوات التخريب والدمار التي كان من بينها مصاحف مفخخة حتى يكون الموت أو ما يقرب منه مصير من حرك أغلفتها ليقرأ كلام الله الذي به حياة القلوب والأرواح.
وتساءل فضيلته: فهل يقبل بهذا أيها الإخوة مؤمن صادق يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه؟! وهل يقبل بهذا كل من له بقية من عقل أو إثارة من علم فضلا عن ان يجيزه أو يحرض عليه أو يقر به أو يسر به؟! ثم أليس هؤلاء الرجال الذين أطلقت عليهم النيران فقضوا نحبهم من رجال الأمن وجرح من جرح منهم أو من غيرهم أليس هؤلاء بمسلمين؟! وهذا البلد الآمن الذي فيه البيت الشريف وهذا المسجد المبارك أليس هو بالبلد الحرام الذي يأمن فيه الانسان والحيوان والطير فلا يقتل والشجر فلا يعضد كما أخبر بذلك نبي الرحمة والهدى في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقال الشيخ الدكتور أسامة خياط أفيعرض عن هذا البيان النبوي والتحذير المحمدي إلا من طبع الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة واجتالته شياطين الإنس والجن عن سبيل الله وحادت به عن صراطه المستقيم؟! وكيف يستبيح أحد لنفسه ما قد حرمه الله ورسوله من ترويع المسلم واخافته فضلاً عن قتله وسفك دمه.. ألم يطرق سمعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده انه عليه الصلاة والسلام قال: «لايحل لمسلم ان يروع مسلما» واذا كان هذا الترويع محرما على المسلم اقترافه في كل مكان أفيحل ذلك الترويع في بلد الله الحرام أو في بلد رسوله عليه الصلاة والسلام، ثم الم يتوعد ربنا سبحانه كل من أراد الالحاد في حرمه بالعذاب الأليم وذلك في قوله عز اسمه {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم}.
وتساءل ماهو الالحاد الذي توعد الله من أراده في هذا البلد ألم يوضحه سلف هذه الأمة وخيارها أوضح بيان حيث قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: هو «ان تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من لسان او قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك» ثم ألم يبين سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ان من خصائص هذا الحرم التي جعلها الله له ان العقوبة موصدة لمن أراد فيه الحاداً وان لم يقع منه الا مجرد ارادة فقد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما من رجل يهم فيه أي في الحرم بسيئة إلا كتبت عليه ومن المعلوم ان مثل هذا هو مما لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو مقرر في موضعه وان ما وقع من إحباط مسعى هذه الفئة قبل ان تبلغ ما أرادت لهو دليل بيِّن لمن تأمله على صحة هذا المعنى.
وأوضح الشيخ الخياط ان هذه الاحداث الاليمة تقض لها مضاجع أولي النهى و تهتز لها أفئدة أولي الألباب وان هذا العدوان الذي تعرضت له هذه البلاد في بعض مدنها هو أمر مرفوض ينكره كل العقلاء أشد الانكار لأنه محرم بنصوص الكتاب والسنة ولأنه تعدٍ لحدود الله وانتهاك لحرماته وعدوان على عباده ولأنه فساد نهى الله عنه وأخبر انه لايحبه وانه لايصلح عمل المفسدين وتوعدهم عليه بالعذاب الاليم ولذا فإن من ولاه الله أمر هذه البلاد قد قام بحمد الله وسوف يقوم بما وجب عليه من إطفاء نار الفتنة وحماية الحوزة والحفاظ على الوحدة وصيانة كيان الأمة بالنزول على حكم الله وتحكيم شريعته لقطع دابر الفساد والمفسدين وإعادة الحق الى نصابه حتى تبقى هذه البلاد كما كانت دائما وكما أراد الله لها موئلاً للهداية ومبعثاً للنور ومثابة للناس وحصناً حصيناً تتكسر عليه امواج الفتن وترد عن حياضه سهام المكر والكيد خائبة لم تبلغ مما أرادت شيئا ولم تنل مما صبت إليه نفوس أصحابها قليلاً ولا كثيراً لان هذا تقدير العزيز العليم وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام ان الشباب ذخيرة الأمة وعدة المستقبل فليس بدعاً تواصل الدعوات وتتابع النداءات من كل المخلصين الصادقين الى ضرورة العناية بهم والرعاية لهم حتى لا تنحرف بهم السبل وتضل بهم المسالك وان مظاهر هذه العناية وبوادر هذه الرعاية يجب ان تأخذ حظها منذ لحظات النشأة الأولى ببذر بذور المعتقد الصحيح الصافي من الشوائب في نفوسهم وغرس معاني الحق والخير في قلوبهم واستنبات فضائل الأخلاق في ضمائرهم وزرع عواطف الحب لدينهم ووطنهم وبتذكيرهم بمحامد خلق الرفق والاحسان واللين وخفض الجناح للمؤمنين والمعاملة بالعدل والإنصات للخلق كلهم أجمعين وبتحذيرهم من نزغات الشياطين ونزعات المضلين وأصحاب الأهواء من المفسدين والحاقدين الذين دأبوا على بث الدخيل من الأفكار والغريب من العقائد وأيضا بدوام الحرص والمتابعة في جميع أحوالهم وتوثيق الصلة بهم وبسؤالهم عما يشكل في عقولهم أو يحيك في صدورهم وبإرشادهم الى الأخذ عن العلماء الربانيين الصالحين المصلحين المشهود لهم بصحيح العلم وصالح العمل وهجر الادعياء والمغرضين والشاذين الذين يختانون أنفسهم ويضلون غيرهم بسوء كلامهم وسوء فعالهم التي تحملهم على التغرير بصغار العقول وحدثاء الأسنان دون مخافة من الله المنتقم الجبار.
|