* عمان - «الجزيرة» - خاص:
شهدت بلاد ما بين النهرين الكثير من التغيرات منذ تاريخ نشأتها تحت الانتداب البريطاني في الفترة الواقعة بين 1921 - 1932 من القرن الفائت واستقلالها في عام 1932م الا انها لم تمر منذ ذلك الحين بنقطة تحول جذرية كبرى كالتي حصلت مؤخراً من ازالة نظام الحكم العراقي الاسبق والاطاحة بالقبضة الحديدية التي كان يتمتع بها الرئيس العراقي صدام حسين في اليوم التاسع من الشهر الماضي بعد مرحلة حرب سريعة وخاطفة قادتها قوى الائتلاف الانجلو - امريكية والتي كان لها الوقع الاعمق على حياة العراقيين بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد ادى انهيار الحكم السابق بحد ذاته إلى تغيير اوضاع البلاد السياسية بصورة نوعية وخلق جو من الفراغ الامني والحكومي .
وكما هو متوقع له بان يحدث فان العراق قد يشهد قريبا دلائل متفائلة بما يخص النمو الاقتصادي وفرص العمل الجديدة والاستثمار المتدفقة كنتيجة لاعادة استئناف الصادرات النفطية والنفقات الحكومية وقد تؤدي علميات ومشاريع اعادة الهيكلة لأساسات البنية التحتية العراقية المدمرة مثل الطاقة الكهربائية والموارد ا لمائية والطرق والمؤسسات والمرافق العامة والمدارس والمستشفيات إلى تحفيز الانشطة الاقتصادية وتعزيز الفعاليات المحلية التجارية.
وتشير آخر تقارير نشرة الشرق الأوسط الاقتصادية «ميس» بقلم صبري السعدي حول الاقتصاد العراقي إلى أنه من الممكن استخدام الاحصائيات المتعلقة بالناتج المحلي الاجمالي GDP كقاعدة لتقييم التقديرات المستقبلية للاقتصاد الكلي وللتنمية القطاعية باعتباره مؤشراً رئيسيا لقياس الاداء الاقتصادي ومتوسط الدخل الفردي في أي دولة.
ففي العقود الخوالي لجأت الوكالات الاقليمية والدولية والحكومات الاجنبية وتحديداً منظمة الامم المتحدة إلى استخدام مؤشرات الناتج المحلي الاجمالي بهدف تقييم أو تقدير التقدم الاقتصادي أو بالاحرى التدهور الحاصل في العراق ومستوى المعيشة الفردي للشعب العراقي.
وللعديد من العقود الفائتة كانت الحكومة العراقية السابقة تنتج ووتنشر تقديراتها للناتج المحلي الاجمالي مقدره بالدينار العراقي وبكل الاسعار الثابتة والجارية ومنذ عام 1980م توقفت الحكومة السابقة عن اصدار تلك التقديرات بالاسعار الثابتة كمحاولة لتجنب الافصاح عن معدل التخضم المرتفع جداً.وبعد التعديلات التي اجراها صبري السعدي من خلال نشرة «ميس» على الاحصائيات الحكومية للعراق يلاحظ بأن الحكومة العراقية تعمدت اخفاء التدهور الحاصل بالاقتصاد المحلي خلال العقدين الماضيين عن الرأي العام، بالاضافة إلى المبالغة بشكل مرتفع في تقديراتها الخاصة بالقيمة المضافة للقطاعات غير النفطية، اذ اظهر التصحيح بالارقام الحكومية حدوث انخفاض حاد نتيجة التغيير المتعمد الحاصل والجذري بالاحصائيات الحكومية، ويظهر التلاعب الحكومي بأرقام الناتج المحلي الاجمالي العراقي اكثر جلاء اذا ما تمت مقارنة التقديرات العراقية بأرقام الناتج المحلي الاجمالي الصادرة لاقتصاديات الدول العربية الاخرى حيث يتضح بان تقييم الحكومة العراقية للناتج المحلي الاجمالي لعام 2001م والبالغة حوالي 81 مليار دولار يضع العراق في المركز الثالث في قائمة الدول العربية خلف المملكة العربية السعودي «187 مليار دولار» «ومصر 91 مليار دولار» مما يجعلها على رأس باقي الدول العربية مثل الامارات العربية المتحدة «8 ،67 مليار دولار «والجزائر 6 ،54 مليار دولار» «والكويت 8 ،32 مليار دولار» «والمغرب 5 ،33 مليار دولار» «وليبيا 1 ،32 مليار دولار» «وتونس 1 ،20 مليار دولار» «وعُمان 9 ،19 مليار دولار» «وسوريا 2 ،19 مليار دولار» ولبنان 7 ،16 مليار دولار» «وقطر 2 ،16 مليار دولار» «والسودان 5 ،12 مليار دولار» «واليمن 1 ،9 مليارات دولار» «والاردن 8 ،8 مليارات دولار» «والبحرين 9 ،7 مليارات دولار»وبمقارنة التقديرات المعدلة للنشرة وصل الناتج المحلي الاجمالي العراقي 8 ،5 مليارات دولار لنفس العام أي ما يضع العراق في المركز الثالث في ذيل القائمة لاقتصاديات الوطن العربي وفوق جيبوتي» 553 مليون دولار «وموريتانيا» 986 مليون دولار» فقط، مما يدل على مدى محاولة تلاعب الحكومة العراقية بالارقام الاقتصادية بهدف ستر فشلها في انجاز سياساتها الاقتصادية غير الفاعلة وعلى صعيد الاقتصاد العراقي بالرغم من التدفقات الضخمة والايرادات المالية القادمة للموارد المالية ولخزينة الحكومة والمولدة عن طريق الصادرات النفطية فقد عانت القطاعات الاقتصادية المحلية الامرين من عوامل التدهور والبلاء المتواصلة منذ عام 1980م والظروف الاقتصادية الحادة والصعبة خاصة في حقبة التسعينات، اذ يقدر نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 360 دولاراً أي اقل من مستوى خط الفقر.
|