* القاهرة - مكتب الجزيرة - عمر شوقي:
هل اقتربت نهاية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟؟!!..
كان هذا هو التساؤل المطروح في كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية حيث تشير الدلائل إلى أن هذا الحلم الفلسطيني المقارب لكل الحقائق التاريخية والواقعية وبعد التعهد الإسرائيلي الذي أطلقه شارون في بيانه المنفصل في قمة البحر الأحمر في العقبة مؤخراً ويطرح ذلك التساؤل عقب الاجتماع الذي قام به عدد من قادة الاجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة مع الرئيس عرفات وتدهور الوضع في المناطق الفلسطينية وإعلان الموافقة الفلسطينية على أي اقتراح اسرائيلي بتسليم المسؤوليات الأمنية في أي منطقة تنسحب منها القوات الاسرائيلية..
وجاء ذلك القرار تجاوبا مع اقتراح امريكيا بوقف اطلاق النار مع اسرائيل وعقب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز التي قال فيها إن إسرائيل مستعدة لتسليم مسؤولية الأمن في قطاع غزة للفلسطينيين فور قبول دحلان بذلك.
وأوضح المصدر ان تعهدا اسرائيليا بالتوقف عن اغتيال القيادات في حركة حماس والتوقف عن قتل الفلسطينيين سيسمح لحركة «حماس» بأن تعلن موافقتها على هدنة تمتنع خلالها من تنفيذ عمليات استشهادية أو اطلاق صواريخ القسام ويطرح كل ذلك عدداً من التساؤلات هل بات الحلم بتفكيك المستوطنات بعيد المنال؟؟!!..
مبادئ الاستيطان
في البداية أقامت الصهيونية وجودها، وآليات تحقيق مشروعها على ركيزتي الهجرة والاستيطان في تفسير وترجمة ملتوية لنفي الآخر والإحلال محله مع الإدراك الواضح لعدم القدرة على استيعابه أو التعايش معه.
وفي ذلك يمكن التفريق بين اتجاهين رئيسيين، في صياغة البرامج الإسرائيلية للاستيطان، اتجاه ركز على «دواعي الأمن» في عمليات الاستيطان (حزب العمل) حيث يرى هذا الاتجاه أن للمستوطنات دوراً استراتيجياً في تقوية الواقع الأمني وهي تقدم أساسا ثابتاً وقوياً لمطلب إسرائيل في «السلام» مع الحدود الآمنة التي يمكن الدفاع عنها، وان هدف الاستيطان تجديد وتوسيع الحدود التي يمكن الدفاع عنها.
وقد وجه أصحاب هذا الاتجاه الاستيطان نحو المواقع الاستراتيجية. ويطلق على نشاطه الاستيطاني تعبير «الاستيطان الأمني».
أما الاتجاه الثاني فيمثله الليكود، وهو يؤكد ضرورة استمرار السيطرة الاسرائيلية على فلسطين بحدودها الانتدابية، ويستند هذا التيار في دعوته الاستيطانية إلى الأسس العقائدية والدينية، ولا يجد ضرورة للربط بين الدخول في تسوية سياسية ووقف الاستيطان.
الاستيطان تاريخياً
في الخامس من يونيو عام 1967، احتل الجيش الإسرائيلي باقي الأراضي الفلسطينية الضفة الغربية، الجزء الشرقي من مدينة القدس، وقطاع غزة، فضلاً عن شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان السورية، ومنذ الأيام الأولى لاحتلاله باقي الأراضي الفلسطينية، شرعت قوات الاحتلال في بناء المستوطنات، من أجل إقامة سياج أمني، ومنع التواصل الجغرافي والديموجرافي بين مدن الضفة.
وكشفت خريطة الاستيطان والمستوطنات في فترة حكم العمل (1967 1977) أنه قد تم إقامة (58) مستوطنة، منها (53) مستوطنة في الضفة الفلسطينية، وقد استوعبت خلال تلك الفترة (82) ألف مستوطن يهودي، منهم (75) ألفاً في القدس، و(6500) في باقي مستوطنات الضفة، و(500) مستوطن يهودي في قطاع غزة (23).
ومن الأهمية الإشارة إلى أنه قد تم إنشاء مخافر أمامية يهودية (ناحال) خلال الفترة (1967 1970)، وكمقدمات لتنشيط الاستيطان، وفي عام 1968 تحديداً تم إقامة ثلاثة مخافر (ناحال) في وادي الأردن هي (محولا، وكاليا، وأرجامان).
وفي عام1969، تم إنشاء أربعة مخافر هي (جليفان، ومرعا ، وبليز، ومعاليه أفراييم) وفي عام 1970 أقيم في قطاع غزة مخفر (كفاردروم)، وحتى عام 1977 أقيم في قطاع غزة خمس نقاط استيطانية (نتساريم، كفاردروم، قطيف، موراج، أرز).
وقد أظهر النشاط الاستيطاني، والتطورات الاستيطانية على أرض الواقع بأن هناك وهماً لجهة تجميد المستوطنات من قبل الحكومة الائتلافية في اسرائيل.
عدد المستوطنين
وما تزال إسرائيل مستمرة في إنشاء ودعم وجود المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، فقد أنفقت على المستوطنات حوالي 431 مليون دولار عام 93/1994، وخصصت 95 مليون دولار عام 1995 لبناء المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس. ويذكر أنه في فترة حكومة اسحق رابين (1/1992 - 10/1995) زاد تعداد المستوطنين في قطاع غزة بنسبة 55% (1867 مستوطنا)، وفي الضفة الغربية زاد تعداد المستوطنين بنسبة 37% (34971 مستوطنا). أما في عام 1996 فقد زادوا بنسبة 9 ،5% (13 ألف مستوطن).
وتعود الإحصائية الأحدث لتعداد المستوطنين إلى سنوات 2000 و2001، والتي تظهر أن هناك زيادة بلغت (10952) مستوطناً خلال هذا العام فقد كان عددهم سنة 2000 (200680) مستوطن وارتفع سنة 2001 إلى (211605) مستوطن هذا الرقم لا يشمل سكان الأحياء الاستيطانية في القدس المحتلة والذين يقدر عددهم ب 215 ألف مستوطن)، أي بزيادة نسبتها حوالي 5 ،4% وهي نسبة تقل عن معدل السنوات العشر السابقة لها بحوالي 10%.
وفي فترات حكم الائتلاف بين (العمل والليكود) بالتناوب خلال الأعوام الممتدة ما بين (1984 1990)، بقي الهدف حول أمن إسرائيل واحداً، لم يتبدل، وأدى النشاط الاستيطاني في الضفة والقطاع إلى ارتفاع مجموع المستوطنات ليصل إلى (168) مستوطنة في الضفة، و(20) مستوطنة في قطاع غزة، واستأثرت المستوطنات القائمة في الضفة بنحو (60) ألف مستوطن، وفي الأحياء اليهودية حول القدس بنحو (90) ألف مستوطن، في حين تركز نحو (3800) مستوطن في المستوطنات القائمة في قطاع غزة.
وبإتمام إقامة المعازل الاستيطانية العنصرية المسماة «السياج الأمني» على مساحة 2490 كم2 بمعدل 96 مستوطنة لحوالي 91 ألف مستوطن من مساحة 42 ،5% الضفة الغربية فإن إسرائيل تكون قد أجهزت على أي إمكانية فعلية لقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتتمتع بالسيادة على أراض ذات وحدة جغرافية إقليمية وسكانية وحدود واضحة معترف بها وتسيطر على أمنها، بحكم حقيقة كون أي جسم سيادي لن يقوى على هذه المهام بوجود كل هذه المناطق العازلة والمستوطنات والطرق الالتفافية، ومن المهم الالتفات إلى أن هذا المخطط يدمر أي إمكانية لوجود عمق تنموي وأمنى وسكاني فلسطينيين، فالجدران العازلة تصل إلى تخوم وحدود المدن والبلدات الكبرى في الضفة الغربية، وتؤمن الجدران والمعازل تواصل إسرائيلي - استيطاني- عسكري بين أراضي إسرائيل والأغوار وبين شمال فلسطين وجنوبها وتعزل القدس تماماً عن الضفة الغربية.
اتفاقات السلام والاستيطان
في محاولات دولية عديدة للالتفاف على قضية الاستيطان ووضع الحلول المؤدية للسلام العادل والشامل نص إعلان المبادئ في أوسلو عام 1993على إحالة موضوع الاستيطان إلى مفاوضات الوضع النهائي مع مجموعة أخرى من المواضيع الشائكة إلا أنه بعد أوسلو صادرت الحكومة الإسرائيلية 36 ألف فدان في القدس وحولها، محققة بذلك سيطرة للإسرائيليين على 79% من مساحة القدس العظمى الممتدة بين الخليل ورام الله وبيت لحم. وفي تموز 1996 باشر الصهاينة ببناء مستوطنة «هار حوما» في جبل أبو غنيم وببناء هذه المستوطنة تستكمل خطة تطويق القدس بشكل كامل، فيما استمر العمل على بناء أحياء استيطانية داخل حدود المدينة، منها حي استيطاني في رأس العمود على مساحة 2كم2.
ولكن اتفاقية «واي ريفر» عام 1998 نصت على عدم القيام بأي خطوة من شأنها أن تغير وضع الضفة الغربية وغزة وفقاً للاتفاق الانتقالي.
إلا أنه بعد توقيع اتفاق واي ريفر في 11/3/1999، تم إنشاء (27) بؤرة استيطانية، وبشكل عام فإنه خلال الفترة (1995 1998) كانت نسبة الزيادة السكانية في المستوطنات 24%، مقارنة بنحو 7% سجلت داخل اسرائيل.
وقد شهد نشاطاً استيطانياً كثيفاً في عام 2001، حيث خصصت الموازنات والاقتطاعات اللازمة لذلك من الموازنة الإسرائيلية للعام المذكور والبالغة نحو (57) مليار دولار.
وتتابعت الاتفاقات التي تنص على عدم شرعية المستوطنات ووجوب تفكيكها حيث أقدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تفكيك بعض الوحدات الاستيطانية العشوائية ثم عمدت الحكومات اللاحقة على إعادتها إلى أن اندلعت انتفاضة الأقصى في التاسع والعشرين من سبتمبر لعام 2000 حيث عادت هذه الظاهرة للسطح فعكفت الحكومة الإسرائيلية برئاسة أرييل شارون إلى التوسع في الاستيطان وخرجت بقضية السياج الأمني الذي يأكل ما يزيد على 40% من أراضي الضفة الغربية وما يماثلها من قطاع غزة.
وكان «السياج الأمني» الذي انطلقت فيه الأشغال في يونيو 2002 مبدئياً يهدف فقط إلى حماية الأراضي الإسرائيلية من الهجمات الفلسطينية في ترسيم يتطابق إجمالا مع ترسيم الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية بطول كم. ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى من الأشغال بطول 120 كم في يونيو 2003.
وجاء مشروع السلام المتمثل بخطة خارطة الطريق التي تبنت بنداً واضحاً ينص على ضرورة إيقاف العمل في أي مستوطنة جديدة وتفكيك المستوطنات القائمة «ايقاف الاستيطان».
وفي مؤتمر العقبة اخيرا خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بطرح إخلاء المستوطنات العشوائية وهي التي أقامها الصهاينة في الضفة الغربية وقطاع غزة دون الحصول على ترخيص حكومي، ترجمته قوات الاحتلال الإسرائيلية فوراً بهدم أربعة منازل للمواطنين الفلسطينيين المدنيين في مدينة رفح.
|