الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة واشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فإن ما حدث بمدينة الرياض من حوادث أليمة وتفجيرات آثمة استهدف بها أناس أبرياء يدينون لله دين الحق ويشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهم المسلمون وأناس معاهدون وأهل ذمة ومستأمنون دخلوا هذه البلاد بعقد أمان وعهد، فنفوسهم وأموالهم معصومة لا يجوز التعرض لهم بأي نوع من أنواع الاعتداء، لأنه امر مستغرب أن يحدث في بلاد المسلمين التي تحكم شرع الله، فالآيات والأحاديث التي تدل على حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وكذلك دماء المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة كثيرة معلومة. فإن الاسلام شريعة السماء قد حرم الاعتداء على الأنفس المعصومة بعصمة الله سبحانه وتعالى لها وجعل الاعتداء عليها من كبائر الذنوب العظام فيقول سبحانه وتعالى: {وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا وّغّضٌبّ اللّهٍ عّلّيًهٌ وّلّعّنّهٍ وّأّعّدَّ لّهٍ عّذّابْا عّظٌيمْا} .«النساء 93»، ويقول عز وجل: {مٌنً أّجًلٌ ذّلٌكّ كّتّبًنّا عّلّى" بّنٌي إسًرّائٌيلّ أّنَّهٍ مّن قّتّلّ نّفًسْا بٌغّيًرٌ نّفًسُ أّوً فّسّادُ فٌي الأّّرًضٌ فّكّأّنَّمّا قّتّلّ النَّاسّ جّمٌيعْا}. «المائدة: 32»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» ويقول صلى الله عليه وسلم: في خطبة عرفة في حجة الوداع أمام جمع من المسلمين مبينا لهم حقوقهم على بعضهم «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» ويقول صلى الله عليه وسلم «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسا معاهدة بغير حقها حرم الله عليه الجنة ان يشم ريحها»، وهذا وعيد شديد عظيم لمن يتعرض لمعاهدين ممن يقيمون بيننا واستقدمناهم بعقد امان وعهد، والمسلمون مطالبون بالوفاء بذلك فذمتهم واحدة. كما قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم».
وما فعله هؤلاء الشرذمة الباغية خروج على هذه الأدلة الواضحة التي حرمت الاعتداء على المسلمين ومعاهديهم سواء كان بقتلهم او إتلاف ممتلكاتهم او أموالهم وخروج على تعاليم الاسلام الواضحة الناصعة وهم يعتقدون انهم بأفعالهم هذه يحققون مكاسب تخدم الامة كلا إنهم بأفعالهم هذه يخدمون اعداء الأمة وأعداء الاسلام الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر ويعطون صورة سيئة بأنهم قتلة ومجرمون وهو ما يتعارض مع دين المسلمين وأخلاقهم وقيمهم وهم بهذه الفعلة الشنيعة الاجرامية التي لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة سليمة ولا عقلية مستقيمة ولا يتصور ان تصدر من مسلم يخاف الله سبحانه وتعالى ويرجو لقاءه ويخاف عذابه فما ذنب هؤلاء الأطفال الذين يُتموا والنساء اللاتي رُمّلن والممتلكات التي دمرت بدون وجه حق وديننا الإسلامي قد حرم الاعتداء عليها، إن هدف هؤلاء هو زعزعة الأمن وزرع بذور الفتنة والشقاق والشر بين المسلمين والوقيعة بين أبناء الأمة وولاة أمورهم وعلمائهم مما يخدم أعداء المسلمين ومن يفعل ذلك يضع يده في أيديهم شعر بذلك أو لم يشعر لأن هذا الفعل لا يصدر إلا من حاقد لا يريد الخير لهذه الأمة الآمنة المطمئنة بحفظ الله لها ولكن ولله الحمد فان مثل هذه الأعمال لا تزيدنا إلا صمودا وتماسكا والتفافا حول ولاة أمورنا وعلمائنا والذين يريدون لنا الخير والفلاح والأمن والأمان ورغد العيش وهو ما نعيشه الآن ولله الحمد والمنة، فمثل هذه التصرفات الرعناء الجبانة لا تفت من عضدنا ولا توقع بيننا وبين ولاة أمورنا، لأن هذه البلاد المباركة والمحفوظة بحفظ الله لها قائمة على شرعه القيم وسنته المطهرة وخدمة الاسلام والمسلمين في كل مكان فخيرها تعداها الى انحاء المعمورة بنشر النور والايمان والفلاح لكل المسلمين وهذا ليس موجودا في غير هذه البلاد.. ودعوتي الى شباب هذه البلاد المباركة ان يحصنوا انفسهم بتقوى الله سبحانه وتعالى والرجوع الى علمائهم الربانيين والذين تزخر بهم هذه البلاد ويأخذوا منهم العلم الشرعي الأصيل، فهم الاعرف بمدلولات الأدلة والنصوص وهم الاعلم بأحوال الامة وما يصلح لذلك وما تحقق به المصالح وتدرأ به المفاسد لأن هؤلاء الشرذمة قد اعتمدوا على فتاوى مضللة لعقائد فاسدة وان كانت تستند الى ظواهر النصوص الا ان تفسيرهم لهذه النصوص هو تفسير خاطئ.
كفانا الله شرورهم ورد كيدهم في نحورهم وحفظ الله لهذه البلاد وهذه الأمة امنها وأمانها في ظل قيادتها الرشيدة وسدد خطى ولاة امرها على الحق والطريق المستقيم والله من وراء القصد.
(*) القاضي بالمحكمة المستعجلة بالرياض
|