قد يكون من غير اللطيف أن نطلق هذه اللفظة بالعرف الاجتماعي، ولكننا في حديثنا إنما نتوخى الحقيقة والأمر الواقع لنستنتج منه العبر والحلول المناسبة، ووجود الحمقى أمر واقع في الحياة، ولابد أن يصادف أحدنا العديد منهم في ظروف مختلفة وأوقات مختلفة، والحماقات انما هي تصرفات بلهاء تسيء كثيراً، وقد يفهم منها أشياء غير واقعية وغير حقيقية، وقد تضر بصاحبها أو بغيره، ويكون التأثير أبلغ وأشد احداثاً للضرر في ظروف العمل والانتاج، والمؤسسات على أنواعها إنما هي مؤسسات انتاج سواء انتاج مادي أو معنوي أو خدمي، فالمحصلة هناك انتاج، والحماقات تنعكس ضرراً على هذا الانتاج وأصحاب هذا الانتاج، ومجمل الحماقات انما يضر المجتمع ككل.
إن الحماقة على درجات فمنها الخفيفة التي تدعو إلى الضحك، ومنها المتوسطة التي تستحق التوبيخ، ومنها الشديدة التي تستحق العقاب، والحماقة قد تكون مقصودة وقد تكون غير مقصودة، وإنني لأعرف العديد الذين يحشرون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة في جو العمل فيرتكبون من الحماقات ما هب ودب، وبالتالي لابد أن تأتي لحظة فتكون الأمور فوق رؤوسهم وينالون الجزاء لسوء عملهم.
وقف ذات مرة أحدهم أمام رب العمل، وعندما سئل عن احدى الوقائع ذكر جوابه بحماقة، وعندما سئل عن سبب حدوث ذلك أوقعته حماقته بجواب أحمق لا ناقة له فيها ولا جمل، وعندما طلب منه التفسير كانت الحماقة التي قصمت ظهر البعير والتي كادت تأتي عليه بالعقوبة لولا لطف ربك سبحانه وتعالى.
إن من أسوأ الحماقات تلك التي تتعلق بالأمور الجدية والعملية، والتي قد تضر بالآخرين أو تضر بالصالح العام للعمل، وبما أن أجواء العمل لا مجال للمخرج منها، بل هي محاور جادة تماماً، فلذلك إن عوقب الأحمق فإن هذا أمر طبيعي، وبالتالي يتضرر هو وأسرته، وأخطر ما في الحماقات تلك التي تأتي بشكل مقصود حيث أنها تأتي في اطار الفعل الإرادي الذي يعاقب عليه إن تلاه الضرر بشكل أكيد.
أبعد الله الحمقى عنا وعنكم، وكف حماقتهم عن أنفسهم.
|