الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وبعد:
فإن السعادة مطلب العقلاء ومبتغى الكبراء وحلم يراود الضعفاء ولكن الناس متفاوتون في فهم حقيقتها ومتباينون في طريق الوصول إليها. منهم من يراها في المال والولد ومنهم من يراها في الجاه والمنصب ومنهم من يراها في توفير الشهوات يعب فيها عبا غير آبه بما يحل وما يحرم ولا فرق عنده بين ممنوع ومشروع ومنهم من يراها في السبق في مجال الصناعة ومنهم من يراها في القصور الفارهة والحسان الفانية والخيل المسومة والأنعام والحرث، وكل ذلك متاع الدنيا الفانية ولكن ثمة ما هو أنفع وأبقى. أجل لقد أخطأ طريق السعادة كل من اتبع الهوى والشيطان وكل من خالف أمر الله وأمر رسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه ولو خيل له ذلك.
أخي الكريم:
ومرة بالقيام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات {قّدً أّفًلّحّ المٍؤًمٌنٍونّ} فإذا كانت هذه طرق السعادة وسبلها محال أن يجد السعادة أصحاب الفتن والخنى وأهل الريب والرذيلة والمعاصي مهما أوتوا من حظوظ في الدنيا إن لم يهتدوا ويتوبوا ذلك لأن ذل المعصية يحيط بهم ويقعد بهم عن السعادة الحقيقية كما قال الحسن البصري رحمه الله: «إنهم إن طقطقت بهم البغال وهاجت بهم البراذين إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه» فلذا أحذر يا أخا الإسلام أن تغرك سعادة لحظة من سعادة الأبدية أو تفتن بلذة عاجلة تعقبها ندامة آجلة احذر أن تكون في حضيض طبعك محبوساً وقلبك عما خلق مصدوداً منكوساً حذار أن ترعى مع الهمل أو تستطيب لقيعان الراحة والبطالة وتستلين فراش العجز والكسل فتبصر حين تبصر وإذا بجياد الآخرين قد استقرت في منازلها العالية وأنت دون ذلك بمراحل وتود الرجعة لتعوض ما فات ولكن هيهات. كيف تجد السعادة وتأمل النجاة ولم تسلك مسالكها؟ حاسب نفسك على الصلاة وعلى الكسب هل من حلال أم حرام؟ وعلى كل شيء لتفلح في دنياك وآخرتك. اللهم احفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ووفقنا لما تحبه وترضاه واجعلنا ممن كتبت لهم السعادة في الدنيا والآخرة إنك سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه و سلم.
(*) القويعية
|