Friday 20th june,2003 11222العدد الجمعة 20 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رئيس هيئة محافظة الدرعية في حديث لـ « الجزيرة »: رئيس هيئة محافظة الدرعية في حديث لـ « الجزيرة »:
إنكار المنكر مما دعا إليه الإسلام وأوجبه
يجب على الآمر والناهي أن ينظر إلى مرتكب المنكر بنظرتي رحمة وعلاج

حوار - شباب بن خالد العصيمي (*)
بين فضيلة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة الدرعية الشيخ عبدالمحسن الشثري أن العامل في هذا الجهاز المبارك لابد أن ينظر إلى المعروف أنه نور للناس يهتدون به في حياتهم، والمنكر ظلمات حالكة تضل الناس وتهلكهم مبيناً أن نظرة الآمر والناهي لمرتكب المنكر ينبغي أن تشمل جانبين: نظرة رحمة على هذه الحال ونظرة علاج هذا المنكر وإزالته بالتي هي أحسن.
وقال فضيلته في حواره مع «الجزيرة» ان الآمر والناهي وسط بين اللين والشدة وكل منكر ينزل حسب حاله في الانكار فقد يكون من الحكمة في العلاج اللين وقد يكون من العلاج الشدة وكذلك إحسان الظن، فمن وقع في منكر مكرهاً يختلف عمن وقع فيه اختياراً والرأي مراعاة أحوال الناس والتعامل معهم بما يوافق الشرع في الأمر والنهي.
وتطرق فضيلته لجملة من الموضوعات الهامة نترك قارئنا لمتابعتها في هذا الحوار.
* هل بالإمكان أن تعرفنا بنفسك؟
- الاسم: عبدالمحسن بن عبدالله بن عبدالرحمن الشثري، ولقد تخرجت من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1406هـ من كلية الدعوة والإعلام قسم الدعوة. والتحقت بالعمل في هذا الجهاز المبارك في 9/2/1407هـ وأعمل حالياً رئيساً لهيئة محافظة الدرعية.
تأخير الإنكار
* متى يتعين تأخير إنكار المنكر عن وقته؟
- إنكار المنكر مما دعا إليه الإسلام وأوجبه وإذا وقع وهو على درجات وكلٌ ينكر على حسب قدرته واستطاعته. وكما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم وأحمد وأهل السنن في درجات إنكار المنكر عن أبي سعيد قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» وبيان ذلك أن القدرة جاءت واضحة في الحديث بكون التغيير باليد أو باللسان، أو الانكار بالقلب. وعليه فليس كل منكر ظهر يُغير في الحال بل ينظر في طريقة التغيير وحال التغيير وحال المنكر وحال مرتكب المنكر ويستصحب في ذلك الحكمة والتأني والروية والتثبت والتحقق. ويمكن هنا القول إن تأخير إنكار المنكر يكون على نوعين:
الأول: أن يغلب على الظن عدم زوال هذا المنكر في الحال عند الإنكار فيؤخر الإنكار أو أن إنكار المنكر في الحال يترتب عليه استجلاب منكر اعظم منه فحينئذ يجب تأخير إنكار المنكر بهذه الصورة تحقيقاً للمصلحة وتفويتاً للمفسدة وحتى تتضح الصورة يمكن ضرب مثال وهو: رجل رأى قوماً عاكفين على شرب الخمر وقد ذهبت عقولهم من شربه، ورأى قوماً آخرين يسطون على أحد أو يسرقون أو يتقاتلون فيقدم الإنكار على هؤلاء ويؤخر الإنكار على شاربي الخمر لأن المصلحة الشرعية تقتضي الابتداء بالأشد في فعل المنكر، وقس على ذلك.
الثاني: ذكر بعض أهل العلم أنه في بعض الحالات يجب عدم إنكار المنكر إذا ظهر وصور ذلك من رأى إنساناً يتكلم في المسجد يوم الجمعة والامام يخطب أو رآه يعبث بشيء أمامه فهذا الفعل منكر ولا يسوغ الانكار عليه، ولا يجوز لأحد من الحاضرين أن يتكلم معه وذلك لورود الحديث الذي ينهى عن الإنكار وقت الخطبة في قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) متفق على صحته.
النفس المريضة
* متى ينزع الحياء من النفوس؟ وكيف نعالج النفس المريضة بذلك؟
- والحياء لا ينتزع من النفوس إلا إذا ضعف جانب الدين فيها وحينئذ لا تبالي هذه النفس بما تعمل «فإذا رأيت التاجر يغش في تجارته والرجل يكذب في حديثه ويخون في أمانته فسبب ذلك فقدان الحياء.
وإذا رأيت النساء يخرجن إلى الأسواق متزينات متعطرات ويعرضن اجسادهن في الطرقات ويظهرن زينتهن للرجال ولا يخجلن من شيء فاعلم أن الحياء قد ضاع منهن ومات في قلوبهن.
وإذا رأيت الرجال قد فقدوا الغيرة على نسائهم وصار بعضهم لا يتورع من خروج امرأته سافرة فقد ذهب منه الحياء. ومن لا يستحي من كل فليفعل فقد نزع منه الحياء، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري: (إن مما ادرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
فمن لا يستحي من الله ولا يستحي من عباده ولا يتورع من فعل الرذيلة ولا يأنف من تعاطي المنكرات والقبائح ولا يبالي بالمجاهرة بالإثم والاعتداء على الناس وعلى أعراضهم وأموالهم ودمائهم فقد نزع الحياء من نفسه.
التعامل مع شرائح المجتمع
* ما القواعد والأسس التي يبنى عليها رجل الميدان تعامله مع شرائح المجتمع التي تصدر منها المخالفة (كبار السن، الصغار، مستويات مختلفة من التعليم وللجنسين)؟
- شرائح المجتمع كثيرة ولا تقتصر على ما ذكر في السؤال فاحياناً ينزل رجل الهيئة إلى الميدان مثلاً السوق المركزي فيرى شرائح المجتمع أمامه هذا تعليمه عالٍ وهذا غير متعلم هذا محب وهذا غير محب هذا يقدر الدور الذي تقوم به وهذا يعتبر عملك مخالفاً وهنا يجب على رجل الميدان سواء رجل هيئة أو غيره أن يقدر الحالة التي حصل منها الخطأ ونوعية الخطأ حيث يوجد فئة ينفع فيها النظرة فيقلع عن الخطأ وهنا الخطأ أو المنكر الذي لا يوجب الحد- وهناك فئة ينفع معها النصيحة العامة كأن ترى رجلاً يحادث صاحبه وقد دخل وقت الصلاة فإذا قال رجل الهيئة بخطاب عام (حافظوا على الصلاة في المساجد.. الصلاة يا عباد الله) امتثل وفيهم من لابد له من المناصحة المباشرة أو تحرير المخالفة ومنهم لا يبالي أبداً فهذا مريض ولابد من معالجته بالطرق والاساليب التي تنظم سير العمل في الجهاز.
كل في موضعه
* اللين المطلق وإحسان الظن التام هو مفهوم بعض الناس المطلوب من العاملين في هذا الجهاز فما الرأي في ذلك؟
- العامل في هذا الجهاز المبارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينظر إلى المعروف أنه نور للناس يهتدون به في حياتهم والمنكر ظلمات حالكة تضل الناس وتهلكهم، فواجب على الآمر والناهي أن ينظر إلى مرتكب المنكر بنظرين:
- نظر رحمة فيرحمه على هذه الحال.
- نظر علاج فيحاول علاج هذا المنكر وإزالته بالتي هي أحسن والآمر والناهي وسط بين اللين والشدة وكل منكر ينزل حسب حاله في الانكار فقد يكون من الحكمة في العلاج اللين وقد يكون من العلاج الشدة وكذلك إحسان الظن، فمن وقع في المنكر مكرهاً يختلف عمن وقع فيه اختياراً، والرأي مراعاة أحوال الناس والتعامل معهم بما يوافق الشرع في الأمر والنهي.
علاج الاستهزاء بالدين:
* إذا وصل المسلم لمرحلة الاستهزاء بالدين والمجاهزة بالمعصية فما الدور المطلوب؟
- الاستهزاء بالدين والمجاهرة بالمعصية كلها أمور لا يمكن التريث فيها، فدور الجميع هنا الرفع للجهات المختصة لطلب إحالته إلى الشرع المطهر ليكون تأديبه عبرة لغيره فبلادنا حرسها الله قامت على حماية هذا الدين وأهله وعدم الاستهزاء به أو المجاهرة بالمعاصي.
الميدان والعبر
* من العمل الميداني نستلهم العبر فما الوقف الذي أثار العبرة وسال عبرة؟
المواقف الميدانية كثيرة جداً وفي مجال عملنا يكون الوقوف على منع شهوات الناس ومن ثم معالجتها ومنها رجل حضر إلى المركز لوجود قضية على ابنه فلما علم بواقع ما ارتكب ابنه تأثر كثيراً ولم يتوقع هذا فأخذ يخاطب ابنه وقال له اتذكر قبل ايام حينما سألتني عن عدد أفراد عائلتنا فقال الولد نعم أذكر انك قلت إن عددهم 120 فرد قال الوالد إنهم الآن فقط 119 لقد سقط منهم واحد انه أنت.
لأن ما قمت به ليس من أعمال المسلمين وعائلتنا من المحافظين على تعاليم الإسلام هنا تأثر الجميع من هذا الحوار.
أحكام مجانبة للصواب
* ما القول لمن يصدر الأحكام بمجانبة أعمال الهيئة للصواب بحجة أن على رجالها النصح دون الالزام؟
- أعمال الهيئة أعمال بشرية ليست معصومة من الخطأ مثلها مثل سائر من يعمل في أي قطاع حكومي ولكن المعهود والمطلوب فيهم ومنهم تحري الصواب والتثبت قبل الحكم.
وما يصدر من بعضهم من أعمال مجانبة للصواب هي نادرة جداً وإذا حصلت فإنها تعالج ويوجه فاعلها ويُبين له الطريقة المثلى في الإنكار. والمسؤولون في الرئاسة يحرصون على إقامة الدورات الشرعية المتكررة للأعضاء دائماً - أما القول بالنصح فقط دون الإلزام فأقول إن النصح عمل عام يشترك فيه كل الناس وليس لجهة معينة واما الإلزام فليس لكل الناس.
فعندنا جهة بيان وتوضيح وكذلك جهة تنفيذ والزام والهيئة جهة بيان وتوضيح ونصح وإرشاد وكذلك هي جهة تنفيذ وإلزام حيث فوضها ولي الأمر بالقيام بهذا العمل ولو كان عملها النصح فقط لم يكن ثمة ثمرة ظاهرة من دورها ووظيفتها وكما ورد عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: مقولته: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
فالحاصل ان أعمال الهيئة منه ما هو نصح وإرشاد ومنه ما هو إلزام وكل ينزل على حسب حاله والله أعلم.
* ما تعني لك الجمل الآتية:
- حراسة المجتمع مسئولية مشتركة: هذه الجملة لها أصل في الشرع دل على ذلك قوله تعالى:{ وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البٌرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ } فهي تعني أن يتعاون الناس في نشر الخير ودعوة الناس وإظهار شعائر الإسلام وعدم فتح المجال لظهور المنكر والإثم، وحماية المجتمع، وهذه المعالم العظيمة ليست قاصرة على فئة معينة أو فرد من المجتمع.
لكن المسؤوليات متفاوتة والتكاليف مختلفة، وكل فرد من أفراد المجتمع يحتمل رعاية ومسؤولية، فإما رعاية على نفسه وإما رعاية على من تحت يده وإذا تضافرت جهود المجتمع في حماية البلاد وحراسة خيراته والذب عنه فلن يجد المغرض أو العدو فرصة النيل منه.
- قرناء السوء: هذا خطر يهدد حياة الإنسان وشيطان يدمر الأخلاق ويهدم البنيان، قرين السوء نار تحرق ودخان يخنق وعدوى موغلة في الخبث. وعلى الإنسان أن يتجنب قرين السوء ويجالس الصالحين ويصبر على مجالستهم والمرء من خليله وجليسه يعرف.
- التعقل والخور في الأمر بالمعروف: التعقل: قائد يقود الإنسان إلى الخير ويردعه عن الشر.
والخور: ضعف ينخر في جسد الإنسان وعقله.

(*) إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved