* القاهرة مكتب الجزيرة طه محمد:
في ظل الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الاراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة اصبح واضحا لجميع المراقبين ان شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي يسعى لتدمير ما اعلن الالتزام به في خريطة الطريق بل انه يؤكد ايضا ان التزامه الذي اعلنه في قمة العقبة لا يعدو تصريحات لا ترى التطبيق على ارض الواقع. وحول ما تتعرض له غزة من اعتداءات اسرائيلية وتداعيات قمة العقبة التقت الجزيرة السفير محمد بسيوني سفير مصر السابق في تل ابيب الذي اكد على ضرورة ان يكون هناك التزام من جانب اسرائيل بخريطة الطريق على ارض الواقع وان تكون بدايات هذا الالتزام هو الانسحاب الى ما قبل خطوط 28 سبتمبر 2000.
ويقول السفير بسيوني ان الامن والاستقرار لن يتحققا لاسرائيل في ظل سياساتها الغاشمة وممارستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وما لم يكن هناك تنفيذ لالتزامات شارون مشيرا الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي توجه للعقبه نتيجة لتردى الاوضاع الامنية في اسرائيل والانهيار الاقتصادي اضافة الى الضغوط الامريكية واستعرض السفير المصري السابق في تل ابيب جوانب اخرى ذات صلة جاءت تفاصيلها كالتالي:-
تناقضات إسرائيلية
** ما تفسيرك للتناقض في اداء الحكومة الاسرائيلية خلال الفترة الاخيرة عندما اعلنت التزامها بخارطة الطريق ثم قيامها بارتكاب مجازرها على الارض بعد قمة العقبة وهو ما ظهر في المحاولة الفاشلة لاغتيال د. عبد العزيز الرنتيسي وبعدها من جرائم عسكرية في غزة؟
ماحدث بعد قمة العقبة من محاولة فاشلة لاغتيال الرنتيسي وماتبعها في اليوم التالي لمجزرة غزة يؤكد ان استخدام شارون للقوة المسلحة لتحقيق اهدافه لم يثبت له النجاح لأنه لا يمكن الالتزام بتطبيق خريطة الطريق في ظل هذه القوة العسكرية وفي ظل عدم تحقيق الامن والاستقرار، وهنا اؤكد ان شارون اذا اراد ان يحقق الامن لمواطنيه الاسرائيليين فان عليه التوجه بشكل حقيقي الى مائدة المفاوضات وتنفيذ التزامات خريطة الطريق للتوصل الى اتفاقية سلام عادلة مع الفلسطينين واقامة دولتهم المستقلة.
** ولكن يبدو ان شارون يتبع مناورة سياسية فعندما ذهب الى العقبة بدا انه ملتزم بخريطة الطريق بالرغم من مطالباته السابقة بتحفظاته عليها ولكن سرعان ما عاد الى الاراضي المحتلة ليمارس جرائمه على ارض الواقع.
لذلك اقول ان هناك فرقاً بين التصريحات والبيانات السياسية وبين ما يتم تنفيذه على ارض الواقع والمهم ان نرى ما يتم تنفيذه على ارض الواقع وهذا هو المحك الحقيقي والاساسي في جدية الالتزام بعملية السلام، ولا يعني قيام شارون بإخلاء بعض البؤر الاستيطانية التي اقيمت بطرق عشوائية منذ مارس من العام 2001 ان ذلك هو المطلوب فهذا لا يعني انه قام بتنفيذ التزاماته فضلاً عن ان ذلك لا يعني التزاماته التي اقرها في خريطة الطريق لأن هناك التزامات كثيرة ينبغي على شارون الالتزام بها.
التزامات إسرائيل
** وما هى ابرز هذه الالتزامات على الاقل في الوقت الراهن لتنفيذ خريطة الطريق؟
اعادة الحياة الطبيعية للفلسطينيين بمعنى ان يتم رفع الحواجز العسكرية وانسحاب اسرائيل الى الخطوط التي كانت عليها قبل 28 سبتمبر من العام 2000 اى قبل الانتفاضة وبذلك يكون شارون قد التزم بالخطوط الاولى في خريطة الطريق ووقتها يمكن ان يقال ان هناك التزاما من جانب اسرائيل ويمكن بالتالى ايضاً ان يتحقق لها الامن والاستقرار.
** تعتقد ان الرئيس الأمريكي جورج بوش يقوم بدوره في الضغط على شارون لتنفيذ خريطة الطريق باعتبار الادارة الامريكية هي الراعية الاولى لعملية السلام في الشرق الاوسط؟
المفروض ان يكون هناك ضغط حقيقي من الرئيس بوش على شارون لتنفيذ التزاماته كما تعهد الفلسطينيون بالتزامهم بخريطة الطريق وفي هذه الحالة كما اشرت من قبل سيتحقق الامن والاستقرار للجميع ولكن اذا واصل شارون ممارساته الحالية فان الامور ستتعقد للغاية وربما تصل الى طريق مسدود.
** ولكن في المقابل اين دور الدول الأوروبية خاصة وان أوروبا عضو في اللجنة الرباعية التي أعدت خريطة الطريق؟
من الضروري بالفعل ان يكون هناك تحرك لأوربا في المنطقة خاصة وكما ذكر السؤال أنها عضو في اللجنة التي اعدت خريطة الطريق وضعتها وهذا التحرك مهم للغاية في ظل هذه الظروف المتصاعدة من جانب الحكومة الاسرائيلية.
** وما هو تفسيرك للتناقض في الموقف الامريكي عندما ينتقد بشدة الرئيس بوش العمليات الفدائية ضد القوات الاحتلال مقابل صمته عن الممارسات الاسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني؟ هذا موقف متوقع من الادارة الامريكية وهو ليس وليد الساعة ولكنه موقف معروف عنها نتيجة لتأثير اللوبي اليهودي على مختلف الاوساط السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية لذلك لم يكن مستغرباً هذا التناقض من جانب الادارة الامريكية وان كان من الضروري ان يكون الراعي موضوعيا مع كافة الاطراف.
صمت دولي
** وفي الوقت نفسه لماذا هناك صمت واضح من جانب المجتمع الدولي على هذه الجرائم الاسرائيلية خاصة من المنظمات المعنية بحقوق الانسان؟
من الضروري بالفعل ان يكون هناك تحرك لادانة هذه الممارسات والضغط على اسرائيل لكي يلتزم شارون بتنفيذ التزاماتها وفق ما جاء في خريطة الطريق وهذا لن يتأتى الا من خلال انسحاب اسرائيل من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها في 28 سبتمبر 2000 كما اشرت سابقا.
** هل ترون ان الحوار الفلسطيني يمكن ان يتواصل في ظل هذه الممارسات الاسرائيلية وفي ظل مطالبات الفصائل الفلسطينية أبو مازن بالتراجع عما ورد في خطابه بقمة العقبة؟
المطلوب في ظل هذه الظروف ان تكون هناك مساحة لالتقاط الانفاس وان يسمح للفلسطينين باستئناف الحوار الداخلي اذ كيف يتحلل شارون من التزاماته على نحو ما رأيناه مؤخراً من ارتكابه للمجازر في غزة ثم نطالب الفلسطينين وتحديدا محمود عباس أبو مازن رئيس الوزراء بتنفيذ التزاماته ومطالبته بسحب الاسلحة غير القانونية من المنظمات الفلسطينية في الوقت الذي يستمر فيه شارون في عملية القتل والتصفية الجسدية واعتقال قيادات حماس والجهاد، هنا أؤكد مرة أخرى اذا اردنا ان يكون هناك تحرك على مسار العملية السلمية فانه من الضروري ان يتحرك شارون لتنفيذ التزاماته اذا كان جادا لتحقيق السلام والامن لشعبه . ونتذكر في هذا الاطار اسحاق رابين عندما كان ملتزما بالعملية السلمية وتقدمه في العملية السلمية وتحركه في الوقت نفسه بالقضاء على ما يهدد اسرائيل لتحقيق الامن والاستقرار لشعبه ولن يتحقق الامن لاسرائيل الا اذا تم تنفيذ ما تم التوصل اليه.
|